إذا كان الفيسبوك هو وسيلة للتواصل ونقل الأخبار، فإنه صار أيضا وسيلة للوعظ الديني عن الذي يتضمن أحيانا التخويف والتهديد بعذاب في الدنيا والآخرة، بل وقد يصل الأمر إلى التعدي على الحريات الشخصية للفرد. قد يحدث أن تفتح حسابك الشخصي على الفيسبوك، لتجد بانتظارك رسالة من شخص قد لا تعرفه، وتتضمن الرسالة دعاء دينيا أو نصيحة تدعوك إلى الانتباه إلى الأمور الدينية.
وإذا كانت مستعملة الفيسبوك امرأة عربية وتضع صورة شخصية وهي غير مرتدية للحجاب، فلا غرابة أن تتلقى هي الأخرى رسائل تتضمن آيات قرآنية، و"نصيحة" تدعوها إلى" الحجاب قبل الحساب".
مبرر باعثي هذه الرسائل الدينية هو رغبتهم في القيام بعمل ديني، يحصلون من خلاله على "الأجر الديني والحسنات بنقرة زر"، حسب ما يقولون في هذه الرسائل.
الكاتب المغربي عبد النبي داشين يعتبر، "هذا سلوك غير لائق وغير أخلاقي لأنه فيه نوع من التهجم على الحياة الخاصة للناس ومن الناحية الأخلاقية لا يحق لأحد أن يتطاول على حياة الآخر." وعلى الصعيد العقائدي والديني يقول داشين، والذي فقد أخاه في تفجيرات الدارالبيضاء الإرهابية في سنة 2003، " العقيدة شأن وجداني بين الإنسان وخالقه، وتجليات هذه الممارسة يمكن قراءتها في إطار صيرورة الهجوم على الحريات الشخصية وأيضا التوظيف السياسي وغير المجدي للدين في الحياة اليومية. إذن هذا أمر لا يمكن قبوله من الناحية المبدئية".
كيف يمكن الحد من هذه الظاهرة؟ هناك خطوات تقنية وعملية يمكن إتباعها للحد من وصول رسائل من مجهولين. تقول ماريا روتينغر، "يمكن للمرء التحكم في الفيسبوك، فأنت الذي تختار أصدقاءك، وبالتالي يمكنك شطب الصديق المروج للأشياء التي لا تعجبك".
كما أن الفيسبوك يخول لمستعمله أيضا تعطيل خدمة استلام رسائل من شخص لا يكون صديقك على الفيسبوك، بحيث يصير صعبا على أي شخص إرسال رسالة مجهولة المصدر. ويقول عبد النبي داشين:"ينبغي أولا التنديد بهذه الأفعال إضافة إلى القيام بحملات توعوية لإعادة النظر في توظيف هذه الوسائط، وفي ايجابياتها وسلبياتها". ويتابع الكاتب المغربي:" يجب أن يكون هذا الأمر شأنا وطنيا في كل بلد. كما يجب أن ننطلق من المدرسة ثم البيت والشارع والمجتمع المدني، والتنبيه إلى هذه الوسائط، وإلى حسن استعمالها وسوء استعمالها". كما يدعو داشين إلى ضرورة بث الوعي والترويج من خلال هذه المواقع الاجتماعية نفسها إلى ثقافة مضادة، قيمها التسامح والتواصل والتواجد الإنساني.ويقول: يجب أن نستحدث من خلال هذه المواقع الاجتماعية حوارا عميقا وصريحا ومصححا أيضا، وذلك لمناهضة الحوار المضلل والتوجه الذي يزعم أنه ذو طبيعة دينية. لأن الدين أسمى من هذه الترهات".