بعد قرار رفع حظر السفر عن المتهمين الأجانب فى قضية منظمات المجتمع المدنى، وسفر الأمريكيين منهم بالفعل، ثارت مخاوف من أن يتحول المصريون المتهمون إلى كبش الفداء للقضية، بينما أكد خبراء قانونيون وحقوقيون أنها مجرد مخالفة إدارية خاصة بالترخيص، وأن الخاسر الأكبر سمعة القضاء المصرى والدولة المصرية. مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بهى الدين حسن، قال إن «المشكلة الحقيقية هم الموظفون الغلابة المصريون الذين عملوا بهذه المنظمات بحسن نية، ورأوا كيف تتعامل الدولة معهم جيدا، بل وتدعوهم للرقابة على الانتخابات وقدمت لها تسهيلات لم تحصل عليها المنظمات المصرية قبل أيام من اقتحام المقار».
وتساءل حسن: «ما ذنب الموظفين المصريين الذين تسلم بعضهم عمله قبل بداية التحقيقات بأسابيع قليلة ولم يضع كلمة على ورقة أو يقوم بنشاط»؟
من جانبه، قال مدير ناصر أمين، مدير المركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماة، أحد المراكز التى تم اقتحامها ولم يثبت عليها أية مخالفات، إن «هذه القضية بدا للجميع أنها كانت وقحة نظمها ودبرها عناصر من النظام السابق داخل مؤسسات الدولة سواء الأمنية كمخابرات وأمن دولة، أو مؤسسات سيادية مثل وزارة الخارجية أو عبر استخدام عناصر إعلامية التى كانت تدافع عن نظام مبارك».
وأضاف أمين ل«الشروق»: «ظهر جليا أنها لم تكن قضية حقيقية، لكن محض رغبة من بعض رموز نظام مبارك السابق فى كل مؤسسات الدولة التى تحاول إثارة قضية ضد منظمات المجتمع المدنى التى فضحت الانتهاكات على مدار نظام مبارك والمستمرة حتى هذه اللحظة»، مشيرا إلى أن ما ظهر أيضا هو أنها قضية ملفقة بالكامل «ولم يكن بها دليل واحد قوى قادر على تحريك الدعوى ضد بعض المؤسسات التى تم اقتحامها ومنها المركز العربى».
واعتبر أمين أن أهم شىء كشفته القضية بقوة هو أنه «لا استقلال للقضاء فى مصر»، مطالبا بمحاكمة وزير العدل، ووزيرة التخطيط والتعاون الدولى وفايزة أبو النجا مع قضاة التحقيق على المؤتمرات الصحفية التى أعلنوها فيها تصريحات خاصة بالتحقيقات، «لأنها تمثل جريمة تدخل فى السلطة القضائية من قبل السلطة التنفيذية»، بالإضافة إلى محاكمة رئيس محكمة استئناف القاهرة، عبدالمعز إبراهيم «الذى تدخل فى القضية بهذا النحو بشكل غير لائق».
ورغم تأكيده على غياب استقلال القضاء، «إلا أن عندما تنحى القاضى احتراما لذاته يؤكد أنه يوجد قضاة مستقلين»، مشددا على ضرورة الإسراع لإنهاء «هذه المهزلة» التى راح ضحيتها سمعة الدولة المصرية.
وقال أمين: «أصبح ينظر لهم على أنهم لم يكن مقبوضا عليهم، ولكن مختطفين من قبل قراصنة وتم تحريرهم من أيديهم لأن الممارسات التى حدثت لا علاقة لها بدولة القانون أو المؤسسات».
ودلل أمين على حديثه ب«طبيعة الكفالة التى كانت بمثابة دية تحرير رهائن، 2 مليون جنيه لموظف يعمل فى مؤسسة، وللأسف الشديد تم إظهار الدولة المصرية على هذا النحو سواء فى طريقة إخراج المتهمين من المطار أو المبالغة فى الكفالة، وهذا كله مهين للدولة المصرية».
وطالب أمين بمحاسبة كل من أظهر مصر فى صورة «دولة قراصنة تقبض على المواطنين وتفرج عنهم بأموال كبيرة، ومحاكمة كل من تدخل فى عمل الهيئة القضائية»، داعيا كل المنظمات التى كانت وما زالت مهددة بالنيل منها على أثر القضية «أن تقف بمنتهى القوة ضد أى تدخل من السلطة التنفيذية فى السلطة قضائية حتى تكون حرية وبراءة المجتمع المدنى من قبل القضاء المستقل».
وأضاف أمين: «لن نترك سمعتنا فى يد الأجهزة الأمنية لكن يجب أن ندافع عن استقلال القضاء باعتباره المعركتنا الرئيسية وليس حقوق الإنسان»، مشيرا إلى أن الطريق إلى هذا هو «الإسراع الفورى والعاجل، لإصدار قانونيين يحررا العمل الأهلى فى مصر والسلطة القضائية فى مصر».
ولفت أمين إلى أن مجموعة من المحامين والحقوقيون، يحضرون بلاغات وأدلة ضد المتورطين من النظام السابق فى اختلاق هذه القضية، والطريقة التى سيقت بها للمجتمع و«سنطلب التحقيق فى هذه الوقائع بالكامل».