"يوم الطالب العالمي"، غاب عنا هذا الاحتفال العام الماضي لانشغال الطلاب باحتفال أهم وهو الفرحة بخلع مبارك، وفي فبراير من أول عام على الثورة المصرية يتذكر طلاب الجامعات في يومهم هذا العام طلاب عام 1946 وسط حالة من من الأسى على شهداء الثورة المجيدة الذين سقطوا فداء ل "عيش - حرية - كرامة إنسانية" للشعب المصري. وقد حدد طلاب جامعة القاهرة برنامجا للاحتفال هذا العام يبدأ بتجمعهم أمام حرم الجامعة في الواحدة ظهرا يوم الثلاثاء 21 فبراير، على أن يتم التحرك بعدها في اتجاه كوبري عباس، ثم يتم التوجه إلى مجلس الشعب للتأكيد على ضرورة استكمال الثورة.
وأكد الطلاب على استمرارهم في مطالبتهم بعودة الجيش إلى ثكناته فورًا، وإقرار قانون لمحاكمة كل المتورطين في قتل الثوار منذ قيام الثورة وحتى مذبحة بورسعيد سواء كانوا من الجيش أو الشرطة وأيا كانت مناصبهم، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني ثورية تدير المرحلة الانتقالية بداية من 10 مارس المقبل وهو تاريخ فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة وحتى انتهاء الانتخابات، وإقرار قانون يتيح إقالة النائب العام من منصبه وتعيين آخر بدلاً منه، وكذلك سن قانون لإقرار الحدين الأقصى والأدنى للأجور، وكذلك الحد الأدنى للمعاشات.
ويعود تاريخ ذلك اليوم إلى ذكري الأحداث التي مرت بها مصر عام 1946 حينما أصدرت (اللجنة الوطنية للطلبة والعمال) التي كانت تضم الطلبة المنتمين إلى الحزب الوطني، والوفد، والأحرار الدستوريين، والهيئة السعدية، والكتلة الوفدية، والإخوان المسلمين، ومصر الفتاة وبعض المستقلين، بيانا أعلنت فيه قرارها بأن يكون يوم الخميس 21 فبراير (يوم الجلاء) ودعت إلى إضراب شامل تقبله المجتمع المصري بكافة أشكاله بقبول حسن، فتعطلت الأعمال العامة والمواصلات وأغلقت المحلات التجارية والمصانع ودور العلم في جميع أنحاء البلاد.
وشارك طلاب جامعة الأزهر في هذه الحملة فخرجت منه مظاهرة كبرى اتجهت إلى ميدان الأوبرا حيث عقد مؤتمر شعبي اتخذت فيه قرارات بمقاطعة المفاوضات وأساليب المساومة والتمسك بالجلاء عن وادي النيل وإلغاء معاهدة 1936.
ثم زحفت المظاهرة إلى ميدان قصر النيل حيث الثكنات البريطانية واتجه قسم منها إلى ساحة عابدين وكانت المظاهرات تسير في نظام تام دون اعتداء على أحد ودون التعرض للممتلكات أو جنوح نحو التخريب.. فإذا ببعض السيارات العسكرية البريطانية المسلحة تخترق الميدان وسط الجماهير فجأة لتدهم بعضهم تحت عجلاتها. وحدث صدام بالإسكندرية بين الجنود والمتظاهرين سقط فيه 28 من المتظاهرين قتلى وجُرح 432 متظاهرا وقتل جنديان بريطانيان وجرح أربعة جنود آخرين.
وفي هذا اليوم أيضا تمت واقعة فتح كوبري عباس الشهيرة حيث قامت قوات الاحتلال الإنجليزي بفتح كوبري عباس والذي يمر فوق نهر النيل وذلك أثناء سير جموع الطلاب من فوقه مما أدى إلى وقوع عدد كبير من الطلاب في النيل وغرق الكثير منهم.
وعلي إثر ذلك أعلنت اللجنة الوطنية للعمال والطلبة يوم 4 مارس 1946 يومًا للحداد الوطني العام على شهداء 21 فبراير، حيث أعلن الإضراب العام، واحتجبت الصحف، وأغلقت المتاجر والمقاهي والمحال العامة، وأضربت المدارس، وتعطلت المصانع، وزحفت جماهير الإسكندرية كزحف يوم 21 فبراير في القاهرة، واستشهد فيها 28 طالبًا، وجرح 342.