سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إلغاء دعم الطاقة.. على حساب زبائن مطاعم الفول والطعمية أم أصحاب اليخوت والطائرات؟ خياران أحلاهما (الحكومى).. خبراء يدعون لأن تكون الأنبوبة ب70 جنيهًا وبنزين 80 بأربعة جنيهات وربع.. والحكومة تقول 25 فقط للأسطوانة والبنزين بالكوبونات
أغمض عينيك وتخيل أنك فى ذلك الصباح الأول من عام 2019 وأنت تقف كالعادة منهمكا فى طابور أنبوبة البوتجاز ضمن برنامجك اليومى ويطالبك صاحب المستودع بسبعين جنيها ثمنا للأنبوبة. وبعدها تذهب إلى محطة البنزين لتضع بنزين (80) بحثا عن الوفر فيطلب منك العامل فى المحطة أن تضع يدك فى جيبك وتخرج أربعة جنيهات وربع الجنيه ثمنا للتر الواحد من اردأ أنواع البنزين. بعد أن تكون الحكومة قد دست فى يدك تعويضا نقديا عن ارتفاع أسعار المنتجات البترولية. هذا جزء من السيناريوهات التى رسمها عدد من الخبراء الذين شاركوا فى ندوة نظمها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية أمس الأول حول بدائل ترشيد دعم الطاقة. واتفقوا على أن بقاء وضع دعم الطاقة الحالى على ما هو عليه «خطير للغاية» على حد قول علاء عرفة رئيس المركز المصرى. وكان هناك خياران للخروج من الأزمة الحالية التى شرحتها ماجدة قنديل المدير التنفيذى للمركز، مشيرة إلى أن تزايد نسبة الدعم من الإنفاق العام حتى وصل إلى 33% كان من شأنه تناقص الموارد التى يتم توجيهها إلى قطاعات مثل الاستثمار أو الصحة والتعليم. «وليس من العدل أن تتناقص نسبة دعم الغذاء من إجمالى الدعم بمقدار 10% خلال العام الأخير لتصل إلى 14% خلال العام المالى الحالى، بينما تزيد نسبة دعم المنتجات البترولية من 66% إلى 72% خلال نفس الفترة. هذا كما أن تزايد قيمة دعم المنتجات البترولية إلى ما يزيد على 95.5 مليار جنيه يهدد بتزايد العجز فى الموازنة. كما يزيد من احتمالية رفع نسبة العجز عن المقدر وهو 8.6% من الناتج المحلى لتصل إلى حدود 10% فى العام المالى الحالى»، على حد تقديرها.
وكان الخيار الأول هو ما اتفقت عليه كل من ماجدة قنديل وتامر أبوبكر عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات ورئيس لجنة الطاقة بالاتحاد، حيث تبنت قنديل اقتراحا يقضى بتعديل أسعار المنتجات البترولية وتحويل 50% مما يتم توفيره للشرحتين الأكثر فقرا (40%) من السكان مع استهدافهما فى الريف والحضر. أى إحلال نظام التحويلات النقدية أو العينية محل دعم الأسعار. على أن يبدأ رفع الأسعار من المنتجات التى يستخدمها الأغنياء مثل بنزين (95) وكيروسين الطائرات، على أن يتم رفع أسعار المنتجات التى يستخدمها الفقراء فى نهاية الفترة مثل بنزين (80) والكيروسين الأقل جودة. ورأت أن هذا سوف يحقق نموذجا عادلا فى توزيع الدعم بين الفقراء والأغنياء خاصة إذا فكرنا فى تطبيق ضريبة على استخدام الوقود. «وهذا يستدعى فى نفس الوقت برنامجا واضحا لإعادة تخصيص ما يتم توفيره من إلغاء الدعم فى الموازنة على التعليم والصحة والبنية التحتية»، على حد قولها.
قرار سياسى شجاع
وليس بعيدا عن هذا الخيار ما اقترحه تامر أبوبكر من رفع الدعم عن الطاقة تدريجيا خلال فترة زمنية من 5 إلى 7 سنوات، مع الالتزام بالمواعيد دون تراجع . فى نفس الوقت يتم تحديد من يستحق الدعم من الفقراء، ثم تحديد قيمة الدعم النقدى بالنسبة للأسر، وأسلوب وصول هذا الدعم سواء فى صورة بطاقات تموينية، أو كوبونات، أو مبلغ نقدى. «ولكن لابد من التمهيد الشعبى لتأهيل المواطن لتفهم أبعاد كارثة الاستمرار فى دعم المنتجات البترولية بهذا الشكل السافر. الذى لا يصل إلى مستحقيه وهو ما يؤثر على مستوى معيشة الفقراء لأنه يحرمهم من فرصة توجيه هذه الأموال إلى بند الصحة أو التعليم»، على حد قول أبوبكر. واقترح أن يزيد سعر لتر البنزين من جميع الأنواع إلى السعر العالمى حاليا وذلك بعد 7 سنوات من الآن. أى أن يزيد سعر لتر البنزين (80) من 1.25 جنيه إلى 4.24 جنيه فى نهاية السنة السابعة، وأن يرتفع سعر بنزين (90) من 2.15 جنيه 4.60 فى نهاية الفترة. وكذلك بنزين (92) من 2.25 جنيه إلى 4.75. وبنزين (95) من 2.75 جنيه إلى 4.80. إلا أنه يرى أن الحل الوحيد لمشكلة الدعم هو التحول الكامل بقدر الإمكان إلى إحلال استخدام المنتجات البترولية بالغاز الطبيعى لرخص سعره. «والعلاج يحتاج إلى قرار سياسى شجاع» يقول أبوبكر.
كروت للبنزين وكوبونات للبوتجاز
وفى المقابل كان الخيار الحكومى هو ما طرحه محمد طاهر حافظ نائب رئيس هيئة البترول الذى رصد أن دعم المنتجات البترولية قفز من 21 مليار جنيه فى عام 2004 حتى وصل العام الحالى إلى 95.5 مليار جنيه، مقدرا لقيمته العام المقبل بنحو 108 مليارات جنيه. «لابد من المواجهة الحتمية لتدنى أسعار المنتجات البترولية والتعديل الفورى لأسعارها لأنه لم يعد هناك مزيد من الوقت يمكن انتظاره» على حد تأكيد حافظ. حيث رأى أن التعديل التدريجى للأسعار يجب أن يتم على مدى 5 سنوات. مع الأخذ فى الاعتبار بعض المنتجات التى تستخدمها شرائح واسعة فى المواطنين مثل السولار يستخدم فى النقل العام ونقل السلع الغذائية والزراعية. إلى جانب أننا سوف نتوسع فى توصيل الغاز للمنازل. وإلى قمائن الطوب والمنشآت التجارية والصناعية المرخصة. بالإضافة إلى تطبيق نظام الكوبونات فى البوتجاز بحيث تحصل كل أسرة مكونة من أكثر من 4 أفراد على 18 أسطوانة سنويا بسعر 5 جنيهات للأسطوانة المنزلية، وباقى الاحتياجات بسعر 25 جنيها للأسطوانة. ويصل هذا السعر إلى 50 جنيها بالنسبة للاستخدام التجارى. على أن يتم تطبيق نظام الكوبونات أيضا على البنزين بحيث يتم منح كل صاحب سيارة كارتا ذكيا يتيح له شراء عدد من اللترات سنويا. يصرف له عند تجديد الرخصة وهو ما يكفى للاستهلاك النمطى. وما يزيد على ذلك تتم محاسبته على أساس التكلفة الفعلية للبنزين والسولار. كما تتم زيادة اسعار الغاز الطبيعى للصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة بواقع دولار لكل مليون وحدة حرارية، مع ربط اسعار الغاز بسعر المنتج النهائى الذى يتم تصديره. وندرس إمكانية تخفيض ساعات العمل بالمحال التجارية بحيث ينتهى فى حدود الساعة الثامنة ليلا مثل أمريكا وأوروبا مع فتح ساعات العمل فى نهايات الأسبوع.
وطبقا لدراسة اعدتها الهيئة فإن التعديل الذى تم بالفعل على اسعار تصدير الغاز للخارج سوف يترتب عليه زيادة فى الإيرادات بمقدار مليار دولار تبعا لنائب رئيس الهيئة.
ولكن ماذا عن راكبى الميكروباس ومرتادى المطاعم الشعبية للفول والطعمية الذين سيتضررون من رفع اسعار السولار؟ كان هذا سؤالا تحذيرا وجهه أحد المشاركين فى الندوة دون أن يتلقى عنه إجابة.
أنبوبة البوتاجاز الأعلى دعما وبنزين (92) محظوظ أكثر من (90)
تأتى نسبة الدعم إلى تكلفة الغاز المسال فى أنابيب البوتجاز إلى 93% من تكلفة الأسطوانة الواحدة. وهى بذلك تحتل المرتبة الأولى فى نسبة الدعم للتكلفة. بينما يأتى السولار فى المرتبة الثانية بنسبة 57%، يليه الغاز الطبيعى للكهرباء بنسبة 48%، ثم بنزين 92% بنسبة 40% وهو ما يزيد على نسبة دعم بنزين (90) وهو الأقل جودة الذى تصل نسبة دعمه إلى 34%، يليه المازوت بنسبة دعم 33%، وبعده فى المرتبة الأخيرة بنزين (95).
توزيع الدعم فى الريف أكثر عدلا من الحضر
تستفيد الشريحة الحضرية الأكثر ثراء بنسبة 33% من دعم الطاقة، بينما الشريحة الأكثر فقرا فى الحضر لا تستفيد إلا بنسبة 3.8% من الدعم. فى الوقت ذاته تستفيد الفئات الأكثر غنى فى الريف بنسبة 12.8%، بينما افقر الفقراء يصل نصيبهم إلى 5.6% وهو ما يشير إلى تناقص الفجوة بين ما يحصل عليه الأغنياء والفقراء فى الريف عنه فى الحضر.