صدرت عن المركز القومي للترجمة بالتعاون مع دار "آفاق" للنشر في القاهرة، الطبعة العربية من كتاب "ألبير كامي"، وهو من تأليف ديفيد شيرمان وترجمة عزة مازن، ضمن سلسلة "عقول عظيمة". يفند المؤلف في مقدمة الكتاب إدعاء كامي بأنه ليس وجوديا، وهو الذي كان في قلب الحركة الوجودية الفرنسية، ويرى فيه إدعاء غريبا. ففي منتصف الأربعينيات من القرن الماضي، هاجم كامي في حوار صحفي فلاسفة الوجودية، إذ كان ينظر في ذاك الوقت إلى الوجودية على أنها مرادفة، بوجه من الوجوه، لبديلها الديني، الذي كان يرفضه رفضا باتا .
أما هجوم كامي على الشيوعية السوفيتية على رغم كونه يساريا، فيرجعه المؤلف إلى ما اكتشفه عن عهد ستالين، مما جعله ينظر إلى تلك الشيوعية على أنها تزيد قليلا على "رأسمالية الدولة"، في حين يأتي موقفه من حركة التحرر القومية الجزائرية قاسيا، بشكل يصعب معه التماشي مع إعلانه تبنيه الموقف اليساري، بيد أنه في الواقع لم يحجم أبدا عن مهاجمة ممارسات الجور الفاحشة للحكم الاستعماري الفرنسي، حتى لو كان يعتقد اعتقادا مطلقا في ضرورة أن تظل الجزائر مرتبطة بفرنسا.
خلاصة القول إن كامي المولود في قرية موندو في قسنطينةبالجزائر، في عام 1913، كان واحدا من رواد الفكر في عصره، وهو روائي وجودي، رفض التخلي عما اكتسبه ليعبر عن رؤية أخلاقية سامية، في عصور ارتفعت فيها الاستقطابات السياسية، وهو كذلك نموذج للمفكرين الذين يأبون تزييف تجاربهم الأخلاقية.
مؤلف الكتاب ديفيد شيرمان، هو أستاذ الفلسفة بجامعة مونتانا، ميسولا، وهو صاحب كتاب "سارتر وأدورنو: جدل الذاتية" 2007، كما شارك في تحرير كتاب "مرشد بلاك ويل للفلسفة الأوروبية" 2003.
أما المترجمة، عزة مازن فهي من مواليد القاهرة، ولها العديد من الترجمات، من بينها مشاركتها في ترجمة "موسوعة كمبريدج في النقد الأدبي"، وكتاب "مفاوضات مع الموتى : تأملات حول الكتابة" للكاتبة الكندية مارجريت أوتود، التي ترجمت لها أيضا كتاب "القاتل الأعمى".