ثمن كتاب ومثقفون مصريون مبادرة قطر لتحديث مكتبة العقاد بأسوان وشراء منزله لتحويله إلى متحف بدلا من اندثاره... ودعوا إلى إطلاق اكتتاب عام لكي تصبح تلك المهمة مصرية أولا، وطالبوا برعاية كل بيوت المشاهير والحفاظ عليها من الاندثار باعتبارها سجلا حيا للذاكرة الوطنية. وعرضت قطر شراء منزل العقاد بمدينة أسوان وتحويله إلى مزار عالمي أسوة بمنازل المفكرين والأدباء الأوروبيين... ويتضمن المشروع رصد مبلغ 3 ملايين جنية لتطوير وتحديث المركز الثقافي بأسوان الذي يضم مكتبة وتراث ومقتنيات عباس محمود العقاد الشخصية.
كما طلبت قطر شراء منزل صاحب "العبقريات" مقابل 10 ملايين جنيه، إلا أن أسرته اعتذرت باعتباره مبنى تراثيا، وطلبت الاتصال بوزارة الثقافة للاتفاق معها حول المشروع.
مهمة المصريين وثمن الكاتب الدكتور عاطف العراقي رئيس قسم الفلسفة في كلية الآداب بجامعة القاهرة مبادرة قطر وقال: تلك مهمة المصريين أنفسهم، ويجب أن يتبنى الدعوة لذلك المثقفون وتلامذة العقاد الذين تتلمذوا على يديه، بحيث تكون هناك دعوة لاكتتاب عام، للحفاظ على منزل العقاد الذي ألف 100 كتاب وكان من أفضل المترجمين.
وحول علاقته بالعقاد، قال العراقي إنه تتلمذ على يدي العقاد، وحضر عشرات الندوات في منزله بأسوان خلال الفترة من 1958-1961، وفي منزله بمصر الجديدة خلال الفترة من 1953- 1964.
وذكر أن ندوة العقاد في القاهرة كانت تعقد يومي الإثنين والخميس كل أسبوع، وفي أسوان كان يعقد ندواته يوم الجمعة فقط في بيت شقيقته الذي كنا نسميه "البيت الأبيض"، لأنه كان مدهونا باللون الأبيض.
شخصية عصامية وعن شخصية العقاد وأبرز الشخصيات التي حضرت ندواته، كشف العراقب أنهم خليط من الكتاب والأدباء والمثقفين، أبرزهم أنيس منصور وطاهر الجبلاوي ومحمد خليفة التونسي والفيلسوف الدكتور زكي نجيب محمود. وبالنسبة للعقاد فأبرز ما يميزه أنه شخصية وطنية وعصامية بامتياز، ورغم حصوله على الشهادة الابتدائية فقط، إلا أنه كان مفكرا وكاتبا موسوعيا من أعظم مفكري عصره.
ويؤكد العراقي أيضا تميز العقاد يالشجاعة الأدبية، حيث خاض العديد من المعارك، ومن بينها معركة الشعر المنثور الذي كان يعتبره شعرا سائبا، وعندما حصل على جائزة الدولة التقديرية واختير ليلقي كلمة الفائزين لم يذكر عبد الناصر في كلمته، وقال إن الجائزة تكريم لمصر، كما هاجم العقاد أيضا الوحدة بين مصر وسوريا.
بيوت المشاهير وتحذر الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة ونائب رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، من إهمال بيوت المشاهير. وقالت : "للأسف الكثير من البيوت المهمة هدمت في الماضي، مثل فيلا أم كلثوم في الزمالك، ويتم حاليا هدم منزل هدى شعراوي في المنيا رغم مخالفة ذلك للقانون 144 لسنة 2006 الذي يحظر هدم تلك البيوت للمحافظة عليها.
وحول الاكتتاب لتحويل منزل العقاد إلى متحف، دعت حواس إلى المحافظة على منزل العقاد سواء الموجود في القاهرة أو أسوان، والمهم ألا تقتصر الدعوة على منزل العقاد، بل كل بيوت المشاهير للحفاظ على المخزون التراثي المصري من الضياع.
وعن دور جهاز التنسيق الحضاري قالت حواس: أنشئ الجهاز لحماية التراث المصري وفقا للقانون 37 لسنة 2001، وهو يتولى وضع التشريعات ومعايير التنسيق الحضاري، فهو جهة استشارية وليست تنفيذية، وأي مباني مسجلة كتراث يتولى الجهاز المحافظة عليها، ولا بد أن يكون الخبراء الذين يرممون تلك المباني مسجلين بالجهاز.
كاتب موسوعي وقال الكاتب والشاعر فاروق جويدة: "لا يمكن أن نلوم حكومة قطر لأنها فكرت في شراء بيت العقاد في أسوان لتجديده وإقامة متحف يضم ما بقي من تراث كاتبنا الكبير. لا شك أن هذ الموقف لا يمكن أن يواجه إلا بالشكر لمن يفكر في إنقاذ جزء عزيز من تاريخنا. ولكن اللوم يقع علينا نحن، فقد بقي منزل العقاد ومتحفه الفقير في أسوان صورة من صور الجحود لرموز هذا الوطن".
ولد العقاد في أسوان في 1889م وعمل بمصنع للحرير في دمياط، وبالسكك الحديدية، ورغم حصوله على الابتدائية فقط، إلا أنه كان مولعا بالقراءة في مختلف المجالات، والتحق بعمل كتابي بمحافظة قنا، ثم نقل إلى الشرقية.
وتتلمذ على يد المفكر والشاعر الدكتور محمد حسين محمد، واشترك مع محمد فريد وجدي في إصدار صحيفة الدستور...واشتهر العقاد بمعاركه الفكرية مع الدكتور زكي مبارك والأديب مصطفى الرافعي والدكتور العراقي مصطفى جواد والدكتورة عائشة عبدالرحمن "بنت الشاطئ".
وللعقاد تسعة دوواين، وألف و75 كتابا، هذا عدا عن 15 ألف مقال، وترجم كتابه المعروف "الله" إلى الفارسية، ونُقلت عبقرية محمد وعبقرية الإمام علي، وأبو الشهداء إلى الفارسية، والأردية، والملاوية، كما تُرجمت بعض كتبه إلى الألمانية والفرنسية والروسية.
وأطلقت كلية اللغة العربية بالأزهر اسم العقاد على إحدى قاعات محاضراتها وسمي باسمه شارع عباس العقاد في مدينة نصر، كما أنتج مسلسل "العملاق" ليحكي قصة حياة العقاد، من بطولة محمود مرسي. ..وتوفي العقاد في 12 مارس 1964، ولم يتزوج حتى وفاته.