أدى رئيس الجمهورية التونسية الجديد محمد المنصف المرزوقى (66 عاما) اليمين الدستورية أمس أمام أعضاء المجلس الوطنى التأسيسى، وبحضور كبار مسئولى الدولة، فى مشهد يتوج مسار ثورة الياسمين. واضعا يده على القرآن الكريم. قال المرزوقى (يسارى قومى): «أقسم بالله العظيم أن أحفظ المصالح الوطنية ودولة القانون والمؤسسات، وأن أكون وفيا للشهداء وأهداف الثورة». أمام هذا المشهد، الذى دمعت فيه عينا أول رؤساء الجمهورية التونسية الثانية، انهارت نبوءة رواية «الآخرون» التى كتبها الأديب التونسى، حسون المصباحى، حول شخصية المرزوقى «الثورى الحالم»، الذى يفشل فى خاتمة المطاف فى الإطاحة بالديكتاتورية فى بلاده (بحسب الرواية بالطبع).
لكن يبدو أن التمسك الرومانسى بالحلم الثورى هو ما أوصل الطبيب المرزوقى إلى قصر قرطاج، ليعالج أمراض بلد انهكته الديكتاتورية ودنسه رجس القمع، وهو ما أقر به حين قال فى خطابه «بدون تضحياتكم ما كنت لأوجد فى هذا المكان».
وأمام أعضاء المجلس، أعلن استقالته من زعامة حزبه «المؤتمر من أجل الجمهورية»، ليكون «رئيسا لكل التونسيين»، وليتفرغ لمهام منصبه الجديد. ووعد المرزوقى، الذى ارتدى برنسا تقليديا تونسيا بلون بنى فاتح على سترة زرقاء وقميص ابيض، وبدا فخورا وهادئا، بألا «يوفر اى جهد» من اجل تحسين مستوى عيش مواطنيه.
وتعهد أيضا بضمان «الحق فى الصحة والحق فى التعليم وحقوق المرأة»، وترحم فى تأثر باد على أرواح «شهداء الثورة»، التى اطاحت بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن على فى الرابع عشر من يناير الماضى.
ويعد المرزوقى، الذى انتخبه المجلس التأسيسى، رئيسا للجمهورية أمس الأول، أشرس معارضى نظام بن على، كما كان مدافعا صلبا عن حقوق الإنسان، طيلة أربعة عقود، وقد عاش فى المنفى ما يقارب ربع قرن.
المرزوقى درس فى المدرسة الصادقية، التى تخرج فيها أغلب النخبة السياسية والفكرية لتونس، ليتوجه لكلية الطب بالجامعة التونسية، وبعد سفره فى منحة دراسية إلى فرنسا تحول مدافعا عن الديمقراطية فى مواجهة حكم الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، أثناء تدريسه فى الجامعة طيلة سبعينيات وثمانينيات القرن الماضى. ومع اضطرابات ثورة الخبز عام 1987، ومجىء بن على غادر المرزوقى إلى منفاه الفرنسى، طبيبا وناشطا سياسيا وحقوقيا.
وقد حصل المرزوقى على 153 صوتا مقابل معارضة ثلاثة أصوات وامتناع اثنين عن التصويت و44 بطاقة بيضاء من اجمالى 202 عضو من اعضاء المجلس البالغ عددهم 217 عضوا. وستكون مهمته الاولى اختيار رئيس الحكومة المتوقع ان يكون الأمين العام لحزب النهضة الإسلامى حمادى الجبالى، خلال أيام.
وتنتظر تونس من نظامها الجديد التركيز على الأوضاع الاقتصادية المتدهورة بعد عام قاربت فيه نسبة النمو على الصفر، وتفاقم فيه عدد العاطلين عن العمل وسط عدم استقرار ثانى اهم شريك اقتصادى، وهو ليبيا، وأزمة اقتصادية لدى شريكها الاول، وهو الاتحاد الاوروبى.