«مصر لديها القدرة لاقتراض 10مليارات دولار من الخارج دون أن يؤدى ذلك إلى كوارث اقتصادية حسبما يزعم البعض، لأن معدل الاقتراض الخارجى ما زال أقل من النسب العالمية، ولا يمثل سوى 15% من الناتج المحلى الإجمالى، بحسب ما قاله هشام رامز، نائب محافظ البنك المركزى، فى تصريحات خاصة ل«الشروق». وقد بلغ إجمالى الديون الخارجية المستحقة على مصر نحو 34.9 مليار دولار حتى يونيو الماضى، معظمها ديون طويلة الأجل تصل آجال سدادها إلى عام 2050، مع وجود قسط يسدد كل 6 أشهر لنادى باريس، لا يزيد على 700 مليون دولار، ولا يشكل ضغطا على دولة مثل مصر، تبعا لرامز.
«زيادة الدين الخارجى لن تؤدى إلى إفلاس مصر كما يزعم البعض، فحتى لو وصل إلى 20 % من الناتج المحلى الاجمالى، فما زالنا فى منطقة آمنة جدا، والمؤسسات الدولية مستعدة لإقراضنا دون شروط سياسية واقتصادية مجحفة، لأن وضعنا مختلف عما تشهده الأسواق الأوروبية مثلا»، تبعا لرامز.
وأشار رامز، الذى ينسب إليه الفضل فى إدارة السياسية النقدية المصرية طوال السنوات الأربعة الماضية، إلى أن إلغاء الاتفاق السابق للحصول على قرض من صندوق النقد الدولى قبل بضعة أشهر، جاء بسبب نقل صورة خاطئة من الجهة التى كانت تقوم على تنفيذه إلى الرأى العام المصرى وصناع القرار، مؤكدا أن الاقتراض الخارجى المتوقع أن تتم مناقشته أثناء زيارة وفد البنك الدولى الذى يزور مصر الأيام الحالية فائدته لن تكون مرتفعة حسبما يزعم البعض، ولن يشكل خطرا كبيرا.
كانت وزارة المالية المصرية إبان تولى سمير رضوان لها قد اتفقت على الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى، وقطع شوط كبير فى الحصول عليه، لكن المجلس العسكرى الذى يتولى إدارة شئون البلاد قد رفض الحصول عليه فى مرحلته النهائية.
السيولة المحلية فوق التريليون جنيه
وحول تأثير التقييمات الائتمانية الصادرة من مؤسسات التقييم العالمية وآخرها تقييم «ستاندرد آند بورز» قبل أربعة أيام الذى خفض التصنيف الائتمانى لمصر إلى BB- من BB، وخفض تصنيفها طويل الأجل للديون بالعملة المحلية درجتين إلى BB- نزولا منBB+، بسبب ما وصفته بتنامى المخاطر التى تهدد استقرار الاقتصاد الكلى فى ظل المرحلة الانتقالية الحالية، قال رامز إنه لا تأثير كبير على الدين الخارجى فى الوقت الحالى، مشيرا إلى أن تلك المؤسسات تعتمد على تصريحات بعض المسئولين الحكوميين «غير الدقيقة» ومنها تصريحات لأحد المسئولين بوجود أزمة سيولة فى مصر وذلك غير صحيح بالمرة، مؤكدا أن «تلك التصريحات تخيف تلك المؤسسات وتجعلها تشعر بوجود معلومات خفية غير معلنة يخفيها صانع القرار وذلك غير صحيح».
تخطت السيولة المحلية حاجز التريليون جنيه، للشهر الثانى على التوالى، وارتفع حجمها إلى 1018.9 مليار جنيه، فى نهاية شهر يوليو الماضى، بزيادة قدرها 9.6 مليار جنيه، خلال شهر يوليو 2011، وبنسبة ارتفاع بلغت 0.9٪ حسب آخر تقارير البنك المركزى..
«الإفلاس يعنى عدم القدرة على سداد الديون، وذلك ما حدث فى اليونان، وهو غير موجود فى الحالة المصرية، التى قد تتعافى بسرعة فى حالة استقرار الأوضاع السياسية والأمنية، فالتحدث عن إفلاس مصر أمر غير واقعى» أضاف رامز.
وتابع رامز أن السيطرة على الدين الداخلى جزء مهم فى تلك المرحلة، لأنه مرتفع، ومع ذلك مخاطره تحت السيطرة، فى ظل كونه تحت أيدينا، مؤكدا اتباع سياسة رشيدة فى مسألة طبع البنكنوت ومن خلال حسابات متعلق بالتضخم «طباعة البنكنوت أمر دقيق، ولا يتم إلا فى صورة تراعى التضخم وإصلاح الورق التالف من العملة والموضوع تحت السيطرة ويتم باحترافية» على حد قوله.
وقال رامز إن تأثيرا كبيرا لتلك التقييمات سوف يحدث فى حالة طرح الحكومة لسندات فى الخارج، فالفائدة سوف تكون مرتفعة جدا، مستبعدا أن يتم اللجوء إلى تلك الوسيلة فى الوقت الحالى.
الأموال العربية ورئاسة الجمهورية
وقال رامز الذى يتولى الاشراف بشكل كامل على الاحتياطى النقدى المصرى البالغ 24 مليار دولار بنهاية الشهر الماضى، إن إجمالى ما حصلت عليه مصر من أموال خارجية من الدول العربية بعد ثورة الخامس والعشرون من يناير لا يتجاوز مليار دولار مناصفة بين السعودية وقطر، وضعت فى حساب وزارة المالية لتدعيم الموزانة، التى تقوم بالجنيه، مطالبا الدول العربية بدور أكثر فاعلية يتناسب مع ما قدمته مصر على مدار تاريخها لتلك الدول.
وحول التعامل على حسابات رئاسة الجمهورية والحسابات الاعتبارية لبعض المؤسسات، قال رامز إنه لا يتم التعامل على تلك الحسابات منذ تنحى مبارك فبراير الماضى، مشددا على أن المركزى المصرى يعى تلك الأمور جيدا، ولا صحة أنه قد تم التعامل على تلك الحسابات بعد الثورة فالتعامل على تلك الحسابات «مجمد» مؤكدا أن المستقبل والتاريخ سوف يؤكد ذلك الأمر. وقال رامز إن الرقابة على البنوك تعى مسألة التحويلات المالية إلى الخارجية ومتابعتها بشكل دائم ودقيق، كما أن وحدة غسل الأموال التابعة للمركزى يقظة بدرجة كبيرة للتحويلات التى تتم عبر البنوك.
كانت عدة بلاغات قد قدمت بخصوص تلك الحسابات، وهو ما جعل البنك المركزى ينفى فى وقت سابق أحدها المتعلق بشيك باسم مبارك من حاكم دولة الامارات السابق زايد آل نهيان.
تهريب الأموال والربيع العربى
ونفى رامز استعانة الأجهزة المعنية بملف الأموال المصرية المهربة للخارج من بعض أركان النظام السابق، بالبنك المركزى حتى ولو بصورة فنية واعتبر هذا الأمر مستغربا بالنسبة له وقال إنه لا يملك تفسيرا لما يتردد بخصوصه.
ومن جهة أخرى وقال رامز إن البنك المركزى طبق قواعد صارمة على أموال الدول العربية التى طالها الربيع العربى «تونس وليبيا» وفقا للقرارات الصادرة من الأممالمتحدة وأخطرت بها وزارة الخارجية، مع إجراءات احترازية فى كل البنوك، مشيرا إلى أن معمر القذافى الذى قتل قبل أيام لا يوجد لها أموال داخل مصر، ومعظم الأموال الليبية الموجود فى مصر لمؤسسات وجهات حكومية، وتعاملت معها البنوك ووفقا للقواعد المتبعة.
وكشف رامز عن رفض البنك المركزى المصرى طلبا من المجلس الانتقالى فى ليبيا قدمه المركزى الليبى لطبع بنكنوت فى مصر فى وقت سابق.
واشاد رامز بمرسوم القانون الصادر قبل أيام من المجلس العسكرى والمتعلق بمادة مانعة «لتضارب المصالح» وهو الأمر الذى لا تختلف عليها جميع المؤسسات والمتعلق بقواعد «الحوكمة» مشيرا إلى أن حصر التعديل فى مادة واحدة رغم أن مشروع القانون الذى كان مقدما يتعلق بمواد أخرى، منها المتعلق بالتعثر وقواعده وأخرى متعلقة بدور أكبر لرقابة البنك المركزى أرجأ الموافقة عليها للمجلس الشعب القريب القادم، وهو ما يعطى لها دراسة أكبر، خاصة أنها قد تشهد خلافا ما، لكن المادة المعدلة وفقا للمرسوم القانونى لا يوجد عليها خلاف.
وحول اجتماع السياسية النقدية الأخير للمجلس الحالى الذى تنتهى دورته نهاية الشهر القادم، قال رامز إن معدل اجتماعها سوف يعقد يوم الأحد بدلا من الخميس فى الأسبوع الأخير من نوفمبر، حتى يتم إعطاء الفرصة للمجلس الجديد الذى سوف يتشكل بعد ذلك الفرصة فى دراسة ما يراه مناسبا.
كانت لجنة السياسية النقدية قد ثبتت سعر الفائدة للمرة 17على التوالى آخرها الأسبوع قبل الماضى.