المحامين": النقاش لا يزال مفتوحًا مع الدولة بشأن رسوم التقاضي    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات الطفولة المبكرة    الجبهة الوطنية يطالب بإعادة النظر فى القيمة الإيجارية    تفاصيل احتفال دمياط بعيدها القومى فى ذكرى انتصارات الأجداد عام 1250م    رئيس وزراء باكستان يدين الهجمات الهندية ويتهمها بانتهاك القانون الدولي    نائب روسي: الاتحاد الأوروبي أصبح خليفة للرايخ الثالث    هدايا تذكارية وجولة بمتحف النادي.. الزمالك يودع جوزيه بيسيرو    بطل الجودو عبد الله فهمي: تحديت الإصابة وحققت الذهب والانتصار طعمه مختلف    «أجواء حارة والعظمى بالقاهرة 34».. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا الخميس    الجمعة.. تترات درامية ومشاهد استعراضية لمواهب القدرات الخاصة بدار الأوبرا    بوسي شلبي ترد على بيان ورثة محمود عبد العزيز: علاقتنا كانت زواجًا شرعيًا وقانونيًا    عمرو الورداني يقدّم روشتة نبوية لتوسعة الخُلق والتخلص من العصبية    الجمعة.. قافلة طبية مجانية بقرية صلاح الدين في البحيرة    انطلاق مباراة بي إس جي ضد أرسنال في دوري أبطال أوروبا    بإطلالة طبيعية.. مي كساب تخطف الأنظار في أحدث ظهور لها    حريق هائل في كسارة بلاستيك بالغربية - صور    الآلاف يشيعون جثمان الطفل ضحية الطلق الناري من زملائه في كفر الشيخ    محافظ المنيا يوجه بتسريع وتيرة العمل في ملف التصالح وتقنين أراضي الدولة    البغدادي تستعرض مع وفد جمهورية تشيلي استراتيجية تمكين المرأة    بمشاركة حمدي فتحي.. الوكرة يسقط أمام أم صلال بكأس أمير قطر    بطل قصة حياتي.. روجينا تتغزل في زوجها أشرف زكي بحفل زفاف رنا رئيس    غدًا.. قصر ثقافة روض الفرج يشهد انطلاق الأسبوع ال38 لأطفال المحافظات الحدودية بمشروع «أهل مصر»    الفوضى تسبب لهم التوتر| 4 أبراج فلكية لديها شغف بالنظافة والترتيب    غموض موقف مدافع مانشستر يونايتد من لقاء بلباو    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    وزير الخارجية الألماني الجديد: على كل من في موسكو أن يعمل حسابا لنا    أول يوليو.. بدء التشغيل الفعلي لمنظومة التأمين الصحى الشامل بأسوان    أفضل من القهوة والشاي- 4 مشروبات صباحية تنقص الوزن    البابا تواضروس: نحن مواطنون مصريون نعيش مع إخوتنا المسلمين فى وطن واحد    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات كلية التربية للطفولة المبكرة    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    أوس أوس يطلب من جمهوره الدعاء لوالدته: «ادعوا لها تقوم بالسلامة»    مبيعات أجنبية تهبط بمؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم.. فما الأسباب؟    أبطال «نجوم الساحل» يكشفون كواليس العمل مع منى الشاذلي..غدا    «احنا رموز النادي بنتشتم».. نجم الزمالك السابق يكشف سر دعم شوبير ل أيمن الرمادي    عمر طلعت مصطفى: ننسق مع وزارة الشباب والرياضة للاستفادة من الفعاليات الكبيرة للترويج لسياحة الجولف    جامعة كفر الشيخ تشارك في منتدى «اسمع واتكلم» بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف    محافظ المنيا يوافق على تحسين خدمات النقل وفتح التقديم لترخيص 50 تاكسي    خلافات مالية تشعل مشاجرة بين مجموعة من الأشخاص بالوراق    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    محافظ قنا يشارك في احتفالية مستقبل وطن بعيد العمال ويشيد بدورهم في مسيرة التنمية    رئيس "أزهرية الإسماعيلية" يشهد امتحانات النقل الإعدادى والابتدائى    هل يجوز أن أصلي الفريضة خلف شخص يصلي السنة؟.. المفتي السابق يوضح    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    الداخلية: ضبط 507 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    النائب سامي سوس: حريصون على تحقيق توازن عادل بين الملاك والمستأجرين بالإيجار القديم.. ولن نسمح بطرد أي مواطن    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    أحمد سليمان: ما حدث في أزمة القمة أساء لسمعة الكرة المصرية    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سليم العوا فى حوار شامل مع الشروق (1): مشروعى الأساسى تمكين المصرى من إعادة اكتشاف نفسه وحريته وكرامته
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 09 - 2011

أعلن عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية، مبررا ذلك بمدى المسئولية التى ستلقى على عاتق أى رئيس يدير مصر خلال المرحلة القادمة.. ثم عاد ليطرح نفسه بقوة، معلنا خوضه غمار المعركة المصيرية.. وهو ما أرجعه إلى المتغيرات التى شهدتها الساحة، وافتقاد من أعلنوا ترشحهم لبرامج تناسب المجتمع المصرى فى هذه المرحلة الصعبة، وتلبى طموح المواطن البسيط.. وبين إحجامه وتقدمه، وحتى موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، تثور التكهنات والتساؤلات حول المفكر الإسلامى محمد سليم العوا.

العوا الذى حل ضيفا على « الشروق»، تحدث عن مشروعه «الوسطى» وعن موقفه من الأحزاب، وخاصة حزبى الوسط، والحرية والعدالة، وكشف عن أدوار سياسية، لم يعرضها باستفاضة، ولم يغفل العوا قضايا مثل الدستور والانتخابات البرلمانية، وكذلك موقف الأقباط من ترشحه.. وإلى نص الجزء الأول من اللقاء:

● لماذا رشحت نفسك فى الانتخابات؟
اعتقدت بعد الأحداث التى مرت بنا منذ تنحى حسنى مبارك إلى أواخر يونيو الماضى (حين أعلنت ترشحى ) أن نداء الوطن مازال قائما لمن يتقدم لخدمته فى ظروف شديدة الحرج، ليس بها مغنم لمن يقوم بأى عمل سياسى، وإنما فيها مغارم كثيرة، وظننت أن الله سيعيننى على تحمل تلك المغارم فى سبيل خدمة الوطن، وكان كثير من زملائى وإخوانى يقولون لى : عليك أن تقدم على الترشح، لأن مصر فى حاجة لأن تخدمها بإخلاص، والترجيح النهائى بالنسبة لى جاء بعد أن ردد كثير ممن دعونى إلى الترشح قولهم إننى منذ عام 1971 وأنا أعمل لمشروع وسطى وطنى ولا يجوز لى التخلى عن محاولة تنفيذه وقد أتيحت الفرصة لذلك.

● حتى لو كان من يملك المشروع ليس له أداء سياسى سابق؟
من قال إنه ليس لدى أداء سياسى سابق، أنا اعمل فى السياسة منذ نعومة أظفارى (..) وعملت فى السياسة المصرية والعربية داخليا وخارجيا وكلما كبرت، كلما زاد اتصالى بالسياسة، ولكن لا يمكننى أن أفصح عما قمت به، لأن بعض من يتعلق بهم الأمر قد يضرهم ما أقوله، كما أن بعض القضايا التى عملت بها سياسيا لا تزال حية وساخنة فى الوطن العربى والإسلامى.

أستطيع أن أذكر من هذه الأدوار حديثا دورى فى إعداد وثيقة مكة المكرمة للإصلاح بين العراقيين التى أصدرتها منظمة المؤتمر الإسلامى فى مكة المكرمة فى رمضان 1427ه = أكتوبر 2006. وهناك أدوار سياسية مهمة تتعلق بفلسطين والمقاومة الفلسطينية بكل فصائلها، وعندما نشبت الحرب العراقية الإيرانية فى أوائل الثمانينيات كنت واحدا من أربع شخصيات إسلامية كونت مجموعة للصلح والتوفيق بين البلدين وقامت بعدة زيارات لهما، وقد يأتى قريبا الوقت الذى تنشر فيه حقائق هذا الجهد السياسى الإسلامى الكبير.

● من هم هؤلاء الأربعة؟
أنا، والدكتور راشد المبارك من المملكة العربية السعودية، والدكتور زوار الزيدى من باكستان والسيد قاسم الوزير من اليمن. الثانى سنى مالكى من عائلة خليجية واسعة الشهرة وهو أستاذ فى جامعة الرياض، والثالث شيعى إمامى، كان أستاذا فى جامعة لندن وقد توفى منذ سنوات إلى رحمة الله، والرابع شيعى زيدى من اليمن من آل الوزير ذوى الشهرة الواسعة فى الفقه والفكر والثقافة والسياسة. ثم كان هناك جهد آخر لاسترداد الأسرى المصريين الذين كانوا يحاربون فى صفوف الجيش العراقي، وقد تشرفت فى بذل هذا الجهد بصحبة أستاذى العلامة الشيخ محمد الغزالى رحمه الله، وزرنا بسببه إيران مرتين، وقدمنا مذكرة مشتركة إلى حسنى مبارك وجرت مناقشات كثيرة فى أجهزة الدولة المصرية حول هذا الموضوع انتهت بتكليف المجاهد الوطنى الكبير الأستاذ إبراهيم شكرى رحمه الله بتسلم هؤلاء الأسرى من الإيرانيين فى جنيف والعودة معهم إلى مصر وهذا ما تم فعلا.

● هل هناك ما يمكن ذكره مما يتعلق بالسياسة الداخلية؟
طبعا كانت هناك أدوار سياسية داخلية عديدة من بينها المساهمة فى وضع برامج عدد من الأحزاب السياسية القائمة الآن من أهمها حزب الوسط، وساهمت كذلك فى العمل الوطنى الكبير الذى انتهى بصدور مبادرة وقف العنف عن الجماعة الإسلامية التى تطورت إلى الرأى الجديد للجماعة وعودتها إلى ساحة الفكر الإسلامى الوسطى كما يعبر عنه موقعها وكتابات قادتها التاريخيين فى أكثر من 26 كتابا.

● لماذا لم تكن على رأس حزب الوسط.. وهل أنت مرشح الحزب؟
لست مرشح حزب الوسط ولا أى حزب، أنا مرشح الجماهير التى طالبتنى بالترشح وهؤلاء بالآلاف، ولم انضم طوال حياتى لأى حزب أو جماعة سياسية، وأعمل دائما على المحافظة على استقلالى فى العمل العام عن القوى السياسية المختلفة، ولكننى مع ذلك أعمل معهم جميعا كلما اقتضت ظروف العمل الوطنى ذلك وأحتفظ بعلاقات مودة مع أكثرهم. فى إحدى المرات مثلا كان حزب الوفد يمر بأزمة سياسية مع الحكومة وكان فى حاجة إلى آراء بعض رجال القانون الذين يفهمون فى السياسة، وكان ذلك أيام فؤاد باشا سراج الدين، وعملت حينها بالمشاركة مع الأستاذ الكبير الدكتور محمد عصفور والأستاذ الكبير محمد علوان وغيرهما من أقطاب الوفد وكنت أشارك فى هذا الأمر باقتناع شديد، لأن الوفد حزب وطنى عريق.. وفى مرات أخرى كان حزب العمل بقيادة الأستاذ إبراهيم شكرى عنده بعض المشكلات وكنت فى هذا الأمر مع أستاذنا الجليل الدكتور حلمى مراد والأستاذ إبراهيم شكرى والأستاذ محفوظ عزام والأستاذ فايز محمد على والأستاذ عادل حسين وغيرهم من أقطاب حزب العمل، ولكن فى النهاية أنا لم أكن حزبيا ولن أكون حزبيا.

● لماذا لم تكن على رأس حزب الوسط الذى بذلت فيه كل هذا الجهد؟ هل لديك موقف منه؟
نعم لدى موقف، فأنا أرى أن من يريد أن ينضم لحزب، يجب عليه أن يحصر عمله السياسى ونشاطه الفكرى فى إطار معين (..) أنا أعمل لمصلحة الوطن.. ولمصلحة الفكرة التى تبنيتها منذ السبعينيات وحتى الآن، وهى فكرة أكبر من أن تنحصر فى حزب، وفكرتى هى الوسطية الحضارية لمصر، فإذا ما انضممت لحزب، فسأنحصر فى رؤية هذا الحزب وأنا لا أريد ذلك فأنا أقول ما أشاء مما أراه صحيحا، أتفق أو أختلف مع أى أحد.

● إذا ما أصبحت رئيسا للجمهورية.. كيف ستتعامل مع الأحزاب؟
من حق كل الناس أيا ما كانت انتماءاتهم وولاءاتهم الفكرية والسياسية أن ينشئوا أحزابا.. وهذه الأحزاب لديها وسيلة للمشاركة فى الحياة السياسية، تتمثل فى التقدم للناخبين برؤيتهم وبرامجهم.. والجماهير تختار، ومن يتم اختياره يصبح حزبا حاكما

● وهل فكرة عدم التحزب خاصة بالعوا فقط أم أن رئيس الدولة لا يجب أن يكون حزبيا؟
الفكرة خاصة بى أنا فقط، وليس لدى اعتراض أن يكون هناك رئيس دولة «حزبى» طالما سيطبق معايير العدالة على الجميع، وطالما سينخلع من انتمائه الحزبى التحيزى، ويتبع انتماءه الحزبى الفكرى.

● فى الغالب الأعم مرشح الرئاسة يكون خلفه تيار أو حزب يصوغ برنامجه الانتخابى، وبالتالى يكون هناك عقل جمعى، ولكن عندما يكون المرشح ليس حزبيا مثلك.. كيف سيكون الوضع؟
لا يستطيع فرد أن ينتج برنامجا سياسيا أو انتخابيا، ولا مشروعا حضاريا، إنما ذلك تنتجه مجموعة عقول تتراكم عطاءاتها، وأنا أعبر عن هذا المشروع (الوسطية)الذى ساهم فيه كثيرون على مر السنين عبر مشروع الأمة الجديدة الذى عبر عنه محمد عبده وجمال الدين الأفغانى، وأنا لدى مجموعة من أساتذتى وزملائى يعملون معى على صياغة مشروع لنهضة الأمة، وذلك حتى قبل فكرة الترشح للرئاسة.

فأنا سأتقدم بمشروع من جزءين، أحدهما مشروع طويل المدى للوطن يتم تطبيقه خلال ال20 سنة القادمة أو أكثر، وآخر قصير المدى محدد المعالم ليطبق فى الفترة الرئاسية الأولى التى نحتاج فيها لصنع البنية الأساسية السياسية والاقتصادية، والمشروعان يقومان فى الأساس على مشروع الإنسان المصرى، وهما مصريان خالصان، ولدى قضية، مضمونها أن يعيد المصرى اكتشاف نفسه (..) المهمة الأولى بعد استقرار أحوال البلاد تقع على عاتق كل السياسيين وكل من له دور فى هذا البلد، وهى تمكين المواطن المصرى من إعادة اكتشاف نفسه وقدراته وإمكاناته، وكرامته وحريته وقدرته على التعبير. وهذا هو مشروعى الرئيسى، ومن خلال هذه الرؤية يأتى المشروع الذى يقوم على التعليم والسكن والصحة والاقتصاد والثقافة والبنية التحتية، ومحور ذلك كله ليس تحقيق مجد سياسى، فنحن رأينا المشكلات الحقيقية فى مصر، وحددنا مجموعة من الحلول السريعة لبعض من المشكلات مثل مشكلة مياه الشرب والعشوائيات ولدينا مشروعات جاهزة للتنفيذ، فهناك عشرات المشروعات لتطوير مصر بالكامل ولكن كلها فى أدراج الحزب الوطنى، ولم ينفذ منها شىء وهى مقدمة من علماء وخبراء. المشكلة ليست فى نقص المشروعات ولكن فى انعدام الإرادة السياسية لدى النظام السابق لتنفيذها وتطوير البلاد على أساسها.

● ما المخاطر والمكاسب التى قد تواجه دولة يحكمها مفكر؟
أول المكاسب أن لديك شخصا لديه عقل يفكر به ولديه قدرة على الإبداع وقراءة المستقبل.

● ولكن فى معظم دول العالم عادة ما يكون المفكرون فى الخلفية؟
هذا صحيح.. ولكن فى الحالات التى عمل فيها المفكر أنجز أفضل النتائج، وعلى سبيل المثال، على عزت بيجوفيتش فى البوسنة، ونجم الدين اربكان فى تركيا، ومحمد على جناح فى باكستان.

ومن المزايا انه سيكون لديك رئيس من الصعب أن يضحك عليه أحد فى المشروعات السياسية والتنموية والقانونية، وهذا ما افتقدناه منذ عام 1952. حيث لم يكن احد يرى ماذا بعد المشروعات التى تقدم.

وكذلك أن يكون لديك رئيس قادر على بناء الأفكار، وليس فقط استيرادها وتنفيذها، فنحن نسمع كثيرا فى مصر من يتكلم عن النموذج التركى، ويطالبون بتطبيقه فى مصر، وأنا أقول لكم: النموذج التركى لايصلح للتطبيق فى مصر بأى وجه من الوجوه، لأنه نموذج خاص بتركيا متعلق بتاريخها وعلمانيتها وعلاقاتها الاقتصادية بالعالم المحيط بها وهو أوروبا، وعضويتها فى حلف شمال الأطلنطى وهذا كله غير موجود بمصر.. فمصر يجب أن يكون لها مشروع مختلف، وفى رأيى، هذا المشروع يجب أن تقوم عليه عقول مصرية.. حتى الاستعانة بشركات غير مصرية فى الدعاية الانتخابية سيؤدى إلى نتائج غير جيدة، فالحملة الانتخابية لأى مرشح يجب أن تكون مصرية خالصة، تعرف مواضع الضعف فى الشارع المصرى وما يحتاج إليه، وتعمل على مواطن القوة أيضا، وهذه هى رؤيتى.

● فى لقاء تليفزيونى بعد الثورة.. رفضت فكرة الترشح للرئاسة رفضا قاطعا، وبعده بأسابيع أعلنت ترشحك.. ما سر هذا التحول، ومن استشرت، وما حقيقة ما تردد عن وجود دعم إخوانى لك حتى يتم تفويت الفرصة على منافسك المرتقب عبد المنعم أبو الفتوح؟
أعلنت كثيرا عدم قبولى الترشح، إحساسا منى بخطورة المسئولية التى ستلقى على عاتق أى رئيس يدير مصر خلال المرحلة القادمة، وأنا الآن أكثر إحساسا بخطورة تحمل المسئولية مما كنت عليه من قبل، ولكن الساحة السياسية وما دار فيها من تغيرات، والمشروعات التى يحملها المرشحون للرئاسة (وكلهم أكفاء ويمكنهم أن يديروا قارة وليس دولة فقط ) إلا أنها فى نظرى لا تفى بتطلعات المجتمع المصرى ولا تلبى ما يطمح إليه المواطن البسيط الذى كان موجودا فى ميدان التحرير، يتلقى الرصاص والطوب بصدر عارٍ، ويرد عليه بصدره المفتوح، وينام دون عشاء (..) فى رأيى أن المشروعات المطروحة لاتعبر عن هؤلاء، وهذا ما وصفته بأنه نداء الوطن الذى يجب أن يلبى.

أما علاقتى بالإخوان المسلمين فهى علاقة قديمة جدا ومستمرة وجيدة جدا ولكن لا شأن لها بترشحى للرئاسة، ولم أتشاور مع احد منهم.

● أبو الفتوح يطرح تقريبا برنامجا تتقارب ملامحه مع مشروعك، وقال قبل ذلك : أنا من العوا والعوا منى.. وسمعنا قبل ذلك عن مناقشة لبحث إمكانية ترشح أحدكما.. فهل هو استشارك قبل ترشحه؟
هو اخبرنى بنيته قبل أن يترشح.. ولكن الإخبار شىء والاستشارة شىء آخر، فأبو الفتوح قادر على قيادة قارة.. وهو قال لى: أنا نويت الترشح.. فقلت له على بركة الله.. وأنا أثق فى أبو الفتوح (..) أما بخصوص المشروعين فهما قد يتقاربان وهذا صحيح.. وفى ذلك فليتنافس المتنافسون.. ولكن بالطبع هناك فروق، وهذه الفروق تتطلب من الناخب أن يختار بينهما أو بين المشروعات المختلفة التى يعرضها المرشحون جميعا.

● أثير انه قد يتنازل أحدكما لصالح الآخر؟
سمعت هذا الكلام، ولكن من حق الناس الآن أن يزيد عدد المرشحين، لأن هذه المرحلة تشهد حرية غير مسبوقة، أخشى أن تكون غير ملحوقة، فبعد أن تستقر أوضاع البلاد لا احد يعلم ماذا سيحدث، فقد لا نستطيع أن نجلس فى لقاء مثل هذا الذى نجلس فيه الآن، فقبل 25 يناير لم يكن يمكننا عقد مثل هذه اللقاءات، وعندما نجلس كان يراقبها الأمن.

● ولماذا تخشى من ألا تستمر هذه الحرية؟
لأنك لا تضمن أن يأتى ديكتاتور تحت ستار ديمقراطى، ويمكن تجنب ذلك ببرلمان يحمى الأمة، وشعب يعرف طريقه إلى الميادين، ويقف فى وجه الحاكم الذى يخرج عما يطلبه الشعب، وهذا هو الطريق لحماية البلد من الديكتاتورية.. وأخشى ما أخشاه ديكتاتورية الحكام الذين لديهم رغبة فى إرضاء الجميع، لأن إرضاء الجميع مستحيل، وبذلك سيضطر الديكتاتور لضرب مجموعة على حساب أخرى للحصول على دعمها، وإذا حدث ذلك فسيكون بداية عهد الديكتاتورية (..) وأنا بسبب الحرية القائمة أقول : على إخواننا الليبراليين والعلمانيين والإسلاميين، أن يسيحوا فى مصر من أقصى أسوان إلى أقصى السلوم.. وينشروا أفكارهم.. وندع صندوق الانتخاب هو الذى يحكم بين الجميع فى النهاية.

● هل ترى أن كل فئات المجتمع متفقه عليك.. خاصة وان فى تاريخك معارك مع فئات بعينها على رأسها الكنيسة وهو ما يجعلهم يتخوفون منك؟
أريد أن أقول إن التخوف يكون من شخص يأتيك بوجه ويخفى آخر.. فالخوف ممن لا تعلم دخيلة نفسه، أما من تعلم دخيلة نفسه فلا خوف منه. أنا رجل لا أقبل إهانة دين من الأديان، لا الإسلام ولا المسيحية ولا اليهودية، ولن اقبل الاعتداء على أى إنسان بسبب دينه.

● وماذا عن اللادينيين؟
إذا كان مواطنا مصريا فحقوقه مكفولة، ومن يؤمن بالأديان الوضعية كالبوذية والبهائية.. فمن حقه أن يؤمن بينه وبين نفسه بها، ومن واجبى أن اكفل له حقوقه كاملة.. ولكن ليس من حقه أن يطالبنى بكتابتها له فى خانة الديانة فى البطاقة، لأن مصر منذ أن وجدت وهى تعترف بثلاث ديانات فقط الإسلام والمسيحية واليهودية، ولن تعترف بدين اخر وهذا هو الحكم الذى حكمت به المحكمة الإدارية العليا مرتين العام الماضى، وتلك هى علاقتى بالمواطنين مسيحيين وغير مسيحيين، ولكن لن استطيع فى النهاية أن أعين مثلا مسيحيا فى منصب وزير الأوقاف أو شيخ الأزهر أو أمير بعثة الحج (..) صحيح أنا عندى وزير سياحة مسيحى ولكنه يقوم بإنهاء الاجراءات بصفته ممثلا للدولة، ولكن لايذهب ليقود وفد الحجاج المصريين فى مكة، وإن فعلت ذلك أكون قد حملته ما لا يطيق فى دينه، وكلفته بما لا يجوز فى دينى، وكلا الأمرين لا يصح.

والتوتر الذى نشأ بينى وبين الأقباط فى الماضى، كان بسبب آراء أبداها الأنبا بيشوى، ولم يكن من جانبى ولم أكن أنا الذى بدأت، فهو الذى تكلم عن المسلمين وقال: انهم ضيوف ونحن تحملناهم 1400 سنة، وفرضوا علينا الجزية وبعد ذلك سنستشهد فى سبيل كنائسنا (..) إلى أن وصل الأمر للحديث عن تحريف القرآن (..) «وأنا مش لما أكون رئيس جمهورية.. ده لما اكون خادم فى جامع» لن اسكت عن ذلك، وسأرد عليه بكل ما املك.. سواء كنت فى موضع طالب العلم او العالم او الرئيس، لأن دينى اعز على من الدنيا وما فيها.. و لا اسمح لأحد أن يهين دينا آخر.. وبالتالى فلن اسمح لأحد أن يهين دينى، ومن لايعجبه أن يكون رئيس الدولة لديه هذه القناعة يقدر ماينتخبهوش، ولذلك أقول انه لايوجد بينى وبين المسيحيين خلاف.. فأنا لى أصدقاء مسيحيين وعملاء فى مكتبى، وهناك أقباط لا اعرفهم يقابلوننى فى الطريق ويقولون لى نحن نؤيدك.

● هل تتوقع أن توجه الكنيسة الاقباط ضدك أمام صندوق الانتخابات؟
والله أنا لا أتوقع أن تقول الكنيسة لشعبها انتخب فلان أو لاتنتخب فلان بسبب معركة فكرية سياسية مرت فى تاريخه، فهى أعقل من ذلك، فالكنيسة بها اكفاء سيقومون بوزن كل مرشح بتاريخه وافعاله وفى النهاية يعطون التعليمات لشعبهم من ينتخب، وليس كل شعب الكنيسة يطيع هذه التعليمات لكن الغالبية العظمى من إخواننا الاقباط تستمع لتعليمات الكنيسة بتوقير وتنفذها بمحبة واحترام.. وأنا لدى اعتقاد أن الكنيسة لن تضع مشكلة (بيشوى العوا ) عقبة فى طريق اختيار المرشح الذى تراه صالحا، وانا خلال زيارتى للاقصر زرت الكنيسة الكاثوليكية والإنجيلية والأرثوذكسية، وقوبلت بترحيب كبير من رعاتها جميعا، وذلك بسبب كونى شخصا غير متعصب أو متطرف..أدافع عن حقوق المواطنين بصرف النظر عن دينهم، و مواقفى المتعلقة بالاسلام ليس لديهم اعتراض عليها، وقد ذكر بعضهم مواقفى المنشورة من مسألة الجزية، والخدمة فى القوات المسلحة، ومشكلة الكشح وغيرها من مواقف الفتنة التى دافعت فيها عن الحق بصرف النظر عن دين صاحبه.


غدًا فى الحلقة الثانية.. الثورة لم تختطف ولسنا فى حاجة إلى استردادها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة