يدرس مجلس الشيوخ الأمريكى حاليا مشروع قرار يهدف إلى فرض مجموعة من الشروط على مصر حتى تستمر الإدارة الأمريكية فى تقديم المساعدات العسكرية التى تقدر بنحو 1.3 مليار دولا سنويا، فيما يعد استمرارا للسياسة الأمريكية فى التلويح بورقة المساعدات العسكرية من وقت إلى آخر للتأثير على السياسة المصرية. ويعكس التحرك، الذى تبناه مبدئيا السيناتور الديمقراطى باتريك ليهى ضمن مشروع الميزانية الأمريكية لعام 2012، مدى القلق الذى تشعر به إدارة الرئيس الديمقراطى باراك أوباما تجاه مستقبل عملية التحول الديمقراطى فى مصر، ومستقبل معاهدة السلام مع إسرائيل، تحديدا عقب الاعتداء الذى تعرضت له السفارة الإسرائيلية فى القاهرة، وما تبعه من تدهور فى العلاقات المصرية الاسرائيلية التى شهدت أسوأ أزماتها منذ توقيع اتفاقية السلام فى السبعينيات من القرن الماضى. ويجىء مشروع القرار ضمن الجزء الخاص بمخصصات وزارة الخارجية فى مشروع الميزانية الأمريكية لعام 2012 ووزع على الأعضاء فى مجلس الشيوخ الخميس الماضى.
يفرض المشروع حزمة من الشروط الجديدة تتضمن اشتراط استخدام هذه المساعدات العسكرية المقدمة لمصر فى حماية أمن الحدود، ومكافحة أنشطة التهريب فى سيناء.
كما يؤكد المشروع ضرورة أن تقدم وزيرة الخارجية تقريرا لمجلس الشيوخ يتضمن موافقة مصر على أن «تستخدم هذه المساعدات لدعم المصالح الأمريكية داخل مصر وفى المنطقة، إضافة إلى قيام الحكومة المصرية بإجراء انتخابات حرة وعادلة، واحترامها لسيادة القانون».
«كما يجب أن تؤكد الخارجية فى تقريرها لمجلس الشيوخ أن مصر طبقت سياسات لحماية حقوق الصحفيين، واحترام حرية التعبير عن الرأى وحرية التجمع»، بحسب مشروع القرار. كما ينص أيضا على أن تؤكد وزيرة الخارجية فى تقريرها «احترام الجانب المصرى لكل تعهداته المتعلقة بمعاهدة 1979 للسلام بين مصر وإسرائيل».
وفيما يخص المساعدات غير العسكرية الاقتصادية والخاصة بتعزيز الديمقراطية والمقدرة بمبلغ 250 مليون دولار، فقد أشار مشروع القرار إلى أنه «يجب أن تهدف هذه المساعدات إلى خفض معدلات الفقر بين جموع الشعب المصرى ويجب كذلك أن تساعد على خلق المزيد من الوظائف وأن تقلل معدلات البطالة».
كما أشار نص القرار إلى ضرورة أن تستخدم هذه المخصصات فى دعم عملية التحول الديمقراطى وحماية حقوق الإنسان، مشددا على ضرورة تخصيص 35 مليون دولار على الأقل لبرامج التعليم، و10 ملايين دولار لمنح الدراسة فى الخارج «للطلاب الفقراء المصريين».
هذا التلويح بورقة المساعدات ليس الأول من نوعه، ففى إطار مساعى الجمهوريين لخفض الإنفاق الحكومى قدموا فى 22 يوليو الماضى مشروعا يهدف لتعليق المساعدات المقدمة إلى مصر فى حالة عدم تنفيذها لاتفاقية السلام مع إسرائيل، كما نص أيضا على فرض قيود على المساعدات الممنوحة للبنان والسلطة الفلسطينية واليمن، بينما دعا لوقف كل المساعدات الموجهة لباكستان بعد تصفية زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن فى بداية مايو الماضى، إلا أن لجنة الشئون الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ رفضت هذا الاقتراح الجمهورى.
يذكر أن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الاميرال مايك مولن كان قد دعا الكونجرس فى وقت سابق لعدم ارتكاب «خطأ متعجل وغير حكيم» بخفض المساعدات العسكرية لبلدان مثل مصر تحت دعوى خفض الإنفاق الحكومى، وأكد مولن فى شهادة أمام جلسة للكونجرس لبحث خطط تخفيض الميزانية المقدمة من الجمهوريين والديمقراطيين فى يوليو الماضى أن المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر «ذات قيمة عالية جدا» فى دعم الجهود والقدرات العسكرية للجيش المصرى ليبقى جيشا محترفا عالى المهنية.