أوضح محمود عزب، أستاذ الحضارة الإسلامية في جامعة السوربون بفرنسا، ومستشار الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر لشئون الحوار، أن الأزهر بادر بوضع وثيقته القائمة على اتساع الرؤية وشمول التفكير، بعد أن شاعت مصطلحات كثيرة في أعقاب ثورة 25 يناير، أحدثت لبسا شديدا لدى الناس وفي وسائل الإعلام، ومنها: "دولة مدنية" و"ليبرالية" و"نظام برلماني" وغيرها. وأشار عزب، في أمسية عقدت بمعرض هيئة الكتاب بفيصل، بعنوان "وثيقة الأزهر بين الواقع والمأمول"، إلى أن الأزهر أخذ زمام المبادرة لتحديد موقفه الملتزم بقضايا الوطن، في ضوء ما يحدث من لغط حول هوية مصر ومستقبلها، وبادر بوضع هذه الوثيقة. ومن جانبه، ذكر محمد كمال إمام، أستاذ الشريعة بكلية الحقوق بجامعة الإسكندرية، أن الوثيقة نقلة في علاقة الأزهر بالمثقفين، فهي ليست، في الأساس، من إعداده، بل بمبادرة من بعض هؤلاء المثقفين، وعقدت لها جلسات بحث ونقاش امتدت ستة أسابيع قبل الإعلان عنها، ولم تخرج اللائحة مجهلة، بل وقع عليها كل من شارك فيها، فاتسمت بالمصداقية. وأشار الدكتور إمام إلى أن البند الأول من الوثيقة هو أهمها، بتحديده مواصفات الدولة: دولة ديمقراطية، مدنية، وطنية، حديثة للخروج من المصطلحات الملتبسة، كمصطلح الدولة المدنية الذي صكه الغرب في مواجهة "الدولة الدينية"، التي كانت تعني سيطرة الكنيسة على مقدرات الشعب والدول. وأوضح أن الوثيقة تضمنت كذلك مبدأ "الأمة المصرية"، وما تحمله من عمق حضاري على مدى خمسة آلاف عام، يدخل فيها حضارة مصر القديمة والحضارة المسيحية ذات الطبيعة المصرية الخالصة، والمخالفة للغرب، ثم حضارة الإسلام الممتدة لأكثر من 14 قرنا، والتي صنعها المسلمون وغير المسلمين في هذه البلاد، فجاءت ممثلة للقيم المشتركة لكل المصريين بدون انتماء لحزب أو دين أو اتجاه.