هؤلاء هم جيش قريش يقوده ويحرضه أبوجهل.. وما إن قطع الجيش المكى مسافة من الطريق حتى جاءهم رسول أبى سفيان يبشرهم بنجاة التجارة ويشير عليهم بالرجوع، ومال الرأى العام القرشى للرجوع إلى مكة، بل إن بنى زهرة تركت الحشد القرشى الساعى للشر ورجعت فعلا إلى مكة، لكن أبا جهل أشعل النفوس تحريضا، وحرك الشر فى النفوس وخطب فى قريش محفزا وداعيا حزبه وجيشه أن يذهبوا لماء لبدر ويقيموا عندها ثلاثة أيام حتى يتحاكى العرب بقوة قريش. وسار موكب الشر القرشى يحاد الله ورسوله ويستكبرون فى الأرض بغير حق، وأرسلت قريش عمير بن وهب عينا لها يستطلع الخبر ويقدر الموقف، فانطلق عمير بن وهب متواريا حتى رأى بعينه محمدا (ص) وصحبه ليس وراءهم شىء ولا يخشون شيئا، فرجع عمير بن وهب إلى قريش يقول «يا معشر قريش، رأيت البلايا تحمل المنايا، إبل يثرب تحمل الموت الناقع، قوم ليس لهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم. والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلا منكم فإن أصابوا منكم أعدادهم فما خير العيش بعد ذلك؟! فتدبروا رأيكم» وعلى أثر هذا نصح حكيم بن حزام صديقه عتبة بن ربيعة أن يدعو قريشا للعودة فوقف عتبة ربيعة خطيبا فى جيش قريش قائلا: والله يا معشر قريش ما تصنعون بلقاء محمد وأصحابه شيئا ولئن أصبتموه سيكره كل منا صديقه لأنه قتل عمه أو خاله أو أحدا من عشيرته، والرأى أن ترجعوا واتركوا محمدا للعرب. هؤلاء هم الذين خرجوا بطرا ورياء على رأسهم أبوجهل عمرو بن هشام ومعه عقبة بن ربيعة وشيبة ابن ربيعة وولده الوليد بن شيبة، وأيضا أبو البخترى بن هشام، وحكيم بن حزام ونوفل بن خويلد... وكذلك كان الحرث بن عامر بن نوفل والنضر بن حارث وزمعة بن الأسود وامية بن خلف وسهل بن عبد وهؤلاء العشرة هم اشراف قريش وسادة هذا الجمع الذى بلغ 1000 قرشى غير عدة وعتاد ومؤنة طعام وشراب تكفى هذا العدد وزيادة. وواصل هذا الجمع القرشى مسيره ليلقى مصيره ناحية بدر فوجد المسلمين قد سبقوه الى هناك فحجزوا الماء وراءهم واتخذوا أماكنهم وتجهزوا للقاء... أما قريش فرغم قوتها وعدتها فها هو ميدان المعركة يبدد أوهامهم... هاهم قد حضروا إلى بدر بعد أن زين لهم الشيطان أعمالهم كما حكى القرآن ((وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ اليَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّى جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّى بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّى أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ العِقَابِ)) الأنفال (48)