استقبل شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، صباح أمس، عددا من مرشحى الرئاسة، وممثلى الأحزاب والحركات السياسية لمناقشة وثيقة المبادئ الأساسية للدستور المصرى التى صدرت عن الأزهر وطرحت للنقاش العام الشهر قبل الماضى. وفى ظل حراسة مشددة وانتشار مكثف من قوات الجيش والشرطة حول المشيخة، توافد الحضور على الاجتماع، وكان فى مقدمتهم مرشحو الرئاسة محمد البرادعى، وعمرو موسى، ومحمد سليم العوا، وحمدين صباحى، وأيمن نور، وعبدالله الأشعل. وحضر اللقاء عدد كبير من ممثلى الأحزاب والحركات السياسية من بينهم، محمد مرسى، رئيس حزب الحرية والعدالة، وعبدالرحمن البر عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، والسيد البدوى رئيس حزب الوفد، وأحمد سعيد عن حزب المصريين الأحرار، وعماد عبدالغفور عن حزب النور السلفى. ومن المفكرين والشخصيات العامة حضر الدكتور أحمد كمال أبوالمجد المفكر الإسلامى، ونقيب الأشراف السيد محمود الشريف، وشيخ مشايخ الطرق الصوفية عبدالهادى القصبى. وقبل بداية الاجتماع تظاهر العشرات من أئمة المساجد ضد شيخ الأزهر والوثيقة، مؤكدين أنها «تمحو الهوية الإسلامية، ولا تصلح إلا لدولة علمانية ملحدة» حسبما ورد فى بيان وزعه المتظاهرون يندد بالوثيقة. وجاء فى البيان «أن الوثيقة عبارة عن شهادة ميلاد للعلمانية، وشهادة وفاة للإسلام وتجعل سلطة التشريع للشعب»، وشدد أصحاب البيان على أن «سلطة التشريع لله تعالى، والخلط بين أحكام الإسلام والديمقراطية القائمة على احتكار الشعب للسيادة والسلطة ولو على غير الدين، مخالف لصحيح الدين»، ناسبين إلى الوثيقة أنها « تطالب بعدم تطبيق الشريعة الإسلامية، وذلك يدل على تخلى الأزهر وتراجعه عن دوره الإسلامى الذى أنشأ من أجله». من جانبه حذر شيخ الأزهر فى كلمته الافتتاحية من أن «تنوع الاجتهادات حول استراتيجية المستقبل إذا تحول إلى تنابذ فكرى، لن يكون حصاده إلا ثمرا مرا لمصر فى حاضرها ومستقبلها»، مشيرا إلى أن «تنوع الاجتهادات حول البناء السياسى والدستورى القادم، لن يكون تنوعا محمودا الا إذا ظل فى إطار وحدة الوطن». وشدد شيخ الأزهر أن «العبرة ليست بالعبارات والاصطلاحات بل بالمعنى والمضمون، والتشريع الذى يحكم المجتمع ويوجهه»، وقال: «الأزهر أعلن أكثر من مرة أنه يقف على مسافة واحدة من جميع الفرقاء ويتابع بكل دقة اطروحات الجميع حول مستقبل الوطن». وأكد الطيب أن الأزهر «لا يخوض فى غمار العمل السياسى ولا الحزبى بمفهومهما المعتاد، فالسياسة ليست من شأن الازهر أو اهتماماته»، مستدركا «لكنه يحمل على كاهله دورا وطنيا للحفاظ على حضارة الامة الممتدة وثقافتها الراسخة وهويتها التى تأبى الاختراق والذوبان». وأوضح أن الدعوة التى وجهت إنما هى للتوافق حول وثيقة الازهر كحل يخرج به الناس من ضيق الاختلاف وخطره إلى سعة الاتفاق الرحبة والتعاون الجاد من أجل الوطن وتقديرا لدماء الشهداء وتضحيات الجماهير». وشرح الطيب وثيقة الأزهر موضحا أنها «مجرد إطار قيمى يصون أساسيات الشعب وثوابته»، معتبرا أن «الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة من ثوابت المطالب الوطنية بكل ما تستوجبه من مواطنة كاملة، وتداول حقيقى للسلطة يمنع احتكار فريق أو القفز عليها من فريق آخر». ودعا إلى التوافق على وثيقة الأزهر، مؤكدا أن هذا التوافق «سيؤهلها لأن تكون وثيقة يسترشد بها عند وضع الدستور، وميثاق شرف يلتزم به الجميع، طواعية واختيار لا يفرض على أحد ويترك الامر فيه للإرادة الشعبية». وتوقع الطيب ان يكون الدستور القادم «ميزانا عادلا بين الشعب المصرى بكل أطيافه يضمن حقوق الجميع من غير تفرقة ولا تمييز ويقضى على كل دواعى القلق والتوجس لدى أى فصيل من فصائل الجماعة الوطنية».