تعهد معسكر الزعيم الليبي معمر القذافي بالمضي في حربه مع المعارضة، سواء أوقف حلف شمال الأطلسي حملة القصف أم لا، مما لا يدع مجالا كافيا للدبلوماسية لإنهاء الصراع المستمر منذ خمسة أشهر. وواصلت المعارضة الليبية وحلف شمال الاطلسي الضغوط على القذافي مع بدء شهر رمضان وضربت قوات الحلف أهدافا وأسقطت منشورات تدعو أنصار القذافي إلى الاستسلام. وعزز مقاتلو المعارضة من مكاسبهم حول زليتن، وهي بلدة رئيسية تبعد 160 كيلومترا إلى الشرق من طرابلس. وكانت المعارضة قد سيطرت على نحو نصف البلاد لكنها تفقد السيطرة من حين لآخر في مواجهة هجمات من قوات القذافي الأفضل تسليحا وتدريبا، وما زالت تعاني من خلافات داخلية. وبدأت حرب في مارس اعتقد البعض أنها ربما تنتهي خلال أسابيع بمجرد أن بدأ حلف شمال الأطلسي مدعوما بتفويض من الأممالمتحدة لحماية المدنيين قصف المنشآت العسكرية للقذافي، لكنها استمرت الى فصل الصيف وبدء شهر رمضان. وقال سيف الإسلام القذافي على شاشات التلفزيون الحكومي لأسر نزحت من بنغازي معقل المعارضة في شرق ليبيا إنه يجب ألا يظن أحد أنه بعد كل هذه التضحيات و"استشهاد" الأبناء والأشقاء والأصدقاء سيتوقفون عن القتال. وأضاف أنه بغض النظر عما إذا كان حلف شمال الاطلسي سيرحل أم لا فإن القتال سيستمر حتى تتحرر ليبيا، وهي تصريحات أدلى بها يوم الأحد، لكنها أذيعت أمس الاثنين. وأوفد مبعوث الأممالمتحدة للسلام إلى ليبيا في الأسبوع الماضي، وكانت حكومة القذافي قد ذكرت في وقت سابق أنها لن تبدأ المحادثات إلا إذا توقفت حملات القصف لحلف شمال الأطلسي. لكن بعد محادثات مع كلا الجانبين غادر المبعوث عبد الإله الخطيب ليبيا دون إحراز تقدم ملموس، وقالت الأممالمتحدة إن هناك هوة كبيرة بين الجانبين. كما ربما يستشعر القذافي أن هناك فرصة سانحة لاستغلال الانقسامات التي حدثت بعد مقتل عبد الفتاح يونس في ظروف ما زالت غامضة، والذي كان وزيرا للداخلية في حكومة القذافي ثم انشق وأصبح قائدا لقوات المعارضة. وتسيطر المعارضة على أغلب شرق البلاد وشنت هجوما في الجبل الغربي قرب تونس. ويأمل مقاتلو المعارضة التقدم غربا من مصراتة ثالث أكبر المدن الليبية الواقعة على بعد نحو 210 كيلومترات إلى الشرق من العاصمة، والتي تمسكت بها المعارضة بعد أسابيع من القتال في الشوارع. وقال حسام حسين، وهو من قادة المقاتلين في الجبهة "الصيام زاد من إصرارنا وعزيمتنا على هزيمة كتائب الطاغية (القذافي) لتحرير زليتن تماما إن شاء الله وإفساح الطريق لعاصمتنا طرابلس.. إن شاء الله ". وكان حسين ورجاله يتأهبون في وقت متأخر من أمس الاثنين للإفطار بعد اول يوم صيام بعد تعزيز المكاسب التي تحققت خلال الأيام القليلة الماضية على المشارف الشرقية لزليتن. وفي قاعدة تابعة لمقاتلي المعارضة كان مقاتلون في غير نوبتهم يعدون وجبات من المعجنات مع الحليب والعصائر لارسالها إلى الجبهة حيث كان بالإمكان سماع دوي نيران في وقت متأخر أمس. وقال حلف شمال الأطلسي إنه ضرب نحو 12 هدفا منها مستودعات للذخيرة وأنظمة صاروخية أمس. وعلى الرغم من مخاوف من أن يؤدي بطء تقدم المعارضة على الأرض وتزايد تكلفة غارات القصف إلى تراجع الحماس في العواصمالغربية فقد تعهدت بريطانيا وفرنسا وهما من أبرز الأعضاء في حلف شمال الأطلسي بالاستمرار مهما استلزم الأمر. واعترفت نحو 30 دولة بالمجلس الوطني الانتقالي المتمركز في بنغازي والذي يمثل المعارضة وأعلنت فرنسا امس أنها ستضع 259 مليون دولار من الأموال الليبية المفرج عنها تحت تصرف المجلس الوطني الانتقالي. لكن آخرين قلقون من أن الاعتراف بالمجلس ومساندته بحملات القصف الجوي تخطى حلف شمال الأطلسي بذلك تفويض الأممالمتحدة لحماية المدنيين. وفي تأييد نادر ساند الرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز الزعيم الليبي الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمر اعتقال بحقه لاتهامه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية لمهاجمة مدنيين وقال في كلمة تلفزيونية "يعيش معمر القذافي ".ووجهت ضربة عنيفة للمعارضة الليبية في الأسبوع الماضي بعد مقتل يونس. وأثارت الملابسات المريبة لاغتيال يونس -والذي حدث بعد استدعاء رؤساء له من الجبهة- تكهنات بوجود مؤامرات ومخاوف بشأن قدرة المعارضة على إحكام قبضتها على المناطق التي تسيطر عليها. وقال معتصم عبد الفتاح يونس ابن وزير الداخلية السابق إن المجلس الوطني الانتقالي يتعامل بسلبية شديدة مع هذه القضية حتى الآن مضيفا أن الأسرة قد تضطر الى اللجوء إلى المساعدة الدولية للتوصل إلى الحقيقة.