تعيش قرية «القرنة» بمحافظة الأقصر، واقعا مريرا، فرغم شهرتها العالمية، وكونها مقصدا مهما للسياح العرب والأجانب، فإن سكانها اعتبروا كنوزها وآثارها وبالا عليهم، مطلقين على أزمتهم لعنة الفراعنة. فالقرية الواقعة فى حضن جبل القرنة التاريخى، والذى يحمل فى جوفه مقابر ملوك الفراعنة، مثل توت عنخ آمون، ورمسيس الثانى، تعيش حالة خاصة، فكل شىء متوقف هناك، فالقرية محمية أثرية، وبيوت القرية من الطوب اللبن، فى حين تنتشر «العشش» فى أرجاء القرية، بعد رفض الحكومة منح تراخيص المبانى للمواطنين باعتبار أنها منطقة أثرية. فى البداية يقول عبدالرحيم محمود حسن من أبناء القرية: «فى هذه القرية إذا تهدّم منزل أحدنا مثلا، لا يستطيع ان يعيد بناءه مرة أخرى، فالحكومة الرشيدة، اعتبرت كل أراضى قرية القرنة بشكل خاص، والبر الغربى بشكل عام، محمية أثرية لا يجوز البناء فيها، وعلى المتضرر الخروج للصحراء والبناء خارج زمام القرية». ويقول على أبودياب: «الحكومة تضربنا وتحرمنا من البكاء، فنحن لا نجد بديلا إلا أن نقوم بالبناء بالمخالفة للقانون، ما أدى لانتشار العشوائيات بشكل ملحوظ، وهو ما أساء للقرية التى يزورها الأجانب، ولكن ليس هناك بديل، ولو أن المسئولين قاموا بتحديد أماكن للبناء، لاختلف الأمر، ولاستفادت الدولة من رسوم التراخيص، ووفرت عليها عبء تحرير المحاضر، ومشقة الإزالات». وأشار الراوى أحمد الراوى عضو سابق بمحلى الأقصر، إلى ان القرار الجمهورى باعتبار منطقة غرب الأقصر محمية أثرية، والذى جاء امتدادا للقرار الجمهورى رقم 267 لسنة 1981 وتعديلاته، وأمر الحاكم العسكرى رقم 7 لسنة 96، والخاص بحماية الآثار وعدم البناء داخل المحمية الأثرية، أصبح كابوسا لأهالى القرية، حيث انه يعتبر نهاية عهد البناء بالقرية، ولكن نظرا لاحتياج الأهالى للبناء، وزيادة عدد المواليد، اضطر الجميع للبناء بالمخالفة للقانون. وأضاف ضاحكا: «الآثار والسياحة خير، وهى المصدر الرئيسى للدخل القومى، لكنها تعتبر فى هذه القرنة نقمة، فهى تحرم الأهالى من حقهم فى مسكن كريم». واستطرد قائلا: «الجميع ينظر للقرية على انها قرية سياحية، ويدلفون إليها من كل حدب وصوب، لتزداد أعداد السكان بشكل ملحوظ، وتقل الخدمات التى لا ترقى إلى مكانة القرية، فمستشفى القرنة المركزى، لا يوجد به أطباء اكفاء، ولا عناية بالمريض». محمد جميل أبوالمجد عضو مجلس الشعب السابق، قال إن القرية تفتقر إلى كثير من الخدمات الصحية والمرافق العامة، كالصرف الصحى، فأهالى القرية يعتمدون على البيارات، ويتحملون عناء الكسح المتكرر، حيث لم يتم توصيل مرفق للقرية، لاحتوائها على الآثار، وكذلك خدمات الغاز الطبيعى لم تصل بعد، وشبكات الإنارة والأعمدة متهالكة. وطالب أبوالمجد بإنشاء مشروعات أو مصانع فى الظهير الصحراوى للقرية، فهى تعتمد بشكل كامل على السياحة، وهى محفوفة بالمخاطر، خاصة أن هناك حرفا مهمة يجيدها أبناء القرية، وهى صناعة الالباستر والذى يعمل به أبناء القرية وهجروه لقلة عائداته المادية، وأن المشكلة الأكبر هى ارتفاع نسبة الأطفال المعاقين، نظرا لانتشار زواج الأقارب، فى ظل عدم وجود دور اجتماعية أو جمعيات خيرية تقدم المساعدة لهم.