تراجع صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر فى التسعة أشهر الأولى من العام المالى 2008/2009 ب53.4% إلى 5.2 مليار دولار مقارنة ب11.3 مليار فى نفس الفترة من العام المالى السابق، وفقا لما أعلنه محافظ البنك المركزى فاروق العقدة أمس فى مؤتمر صحفى. فى الوقت نفسه حققت الاستثمارات فى محفظة الأوراق المالية صافى تدفقات للخارج بنحو 8.9 مليار دولار فى نفس الفترة من 1.4 مليار فقط فى يونيو-مارس 2007/2008 بسبب خروج للأجانب من أذون الخزانة المصرية قدره محافظ المركزى ب7.1 مليار دولار. وقالت ريهام الدسوقى، محللة الاقتصاد الكلى ببنك الاستثمار بلتون إن أغلب هذا الخروج كان فى النصف الأول من العام المالى، حيث شكل 7.38 مليار دولار وإن تدفقات محافظ الأجانب للخارج انحسرت فى الربع الثالث. واعتبر العقدة أن الظاهرة قاربت على الانتهاء قائلا إن ما تبقى من محافظ الأجانب فى أذون الخزانة صار عند مستوى 700 مليون دولار فقط. «هذا رقم لا يمثل أى ضغوط على سعر صرف الجنيه المصرى حتى لو خرجت كلها وهو أمر ليس متوقعا»، على حد تعبير محافظ المركزى. أما محمد النادى مساعد مدير إدارة الاستثمار بالمصرف العربى الدولى فقال إن بيانات المركزى حول ميزان المدفوعات كانت متوقعة بسبب خروج الأجانب لتغطية مراكزهم التى انهارت بفعل الأزمة. «كانت الأسواق الناشئة وعلى رأسها مصر من أوائل الأسواق التى فكر الأجانب الخروج منها وهو ما انعكس على السوق المالية فى مصر وغيرها من الدول المجاورة. ويشير النادى إلى أن الخروج لم يكن من البورصة والعقارات وغيرها فقط بل وصل إلى أذون الخزانة المضمونة من قبل الحكومة، «مع إعلاء قيمة الاتجاه إلى الاستثمار فى الذهب على حسابات الاستثمار فى الصناديق والأوراق المالية والاستثمار المباشر»، تبعا للنادى. «زيادة المخاطر أدت إلى تسييل كثير من المحافظ وعدم الاعتماد على التنوع فى الاستثمار والوجود فى أكثر من سوق سواء نشطة أو صاعدة بل الخروج إلى المراكز الرئيسية للشركات وقصر النشاط على الأكثر آمنا فى ظل أزمة دفعت كثير من المؤسسات إلى التحوط وعدم التوسع فى الأسواق الخارجية وحتى الداخلية أيضا» أضاف مسئول المصرف العربى الدولى. ويواجه الجنيه ضغوطا بفعل تراجع موارد مصر من العملات الأجنبية بفعل تراجع دخل السياحة وقناة السويس والتراجع فى الاستثمار الأجنبى المباشر، وهو ما هبط بمعدل النمو إلى 4.3% فى الربع الثالث من العام مقارنة بمعدل نمو 7.2% فى العام المالى السابق. لكن العقدة يرى بوادر لتحسن فى هذا الإطار. «ارتفاع نمو قطاع الإنشاءات، الذى نما ب16.1% فى الربع الثالث، مؤشر إيجابى. كما أن أرقام أبريل 2009 تشير إلى عودة عوائد قناة السويس للارتفاع بشكل شهرى وتراجع معدل الانخفاض فى دخل السياحة»، أضاف العقدة. وأشار المحافظ إلى أن السياحة شهدت تراجعا بنحو 1.8% فقط فى أبريل بدلا من 13% بينما ارتفع الدخل من قناة السويس من 296 مليون دولار فى فبراير إلى 348 مليون فى مارس ثم إلى 355 مليون دولار فى أبريل. كان متوسط دخل القناة الشهرى فى العام الماضى يدور حول 400 مليون دولار. وأضاف العقدة أن سعر الدولار مقابل الجنيه يتحرك بالأساس ويتحدد مع تطورات السوق. «نحن لا نتدخل لتحديد السعر. كل ما يهمنا هو استقرار السعر وهو ما دعانا للتدخل مرتين فقط فى خلال 4 سنوات». وقد كان آخر تدخل للمركزى بضخ سيولة دولارية فى السوق قبل أشهر، حينما تراجع سعر صرف الجنيه إلى حدود 5.70 جنيه بسبب ما قال المركزى وقتها إنه مضاربات فى السوق. وكان هذا التراجع جنبا إلى جنب مع خروج الأجانب قد فرضا ضغوطا على الجنيه المصرى عكست نفسها فى تراجع الاحتياطى بنحو 4 مليارات دولار منذ أن وصل إلى ذروته فى أكتوبر 2008، لكن العقدة اعتبر هذا الانخفاض فى الاحتياطى «قليلا مقارنة بدول أخرى». وتضخم عجز ميزان المدفوعات إلى 2.3 مليار دولار فى الاشهر التسعة الأولى من العام، انعكاسا لعجز الميزان التجارى برغم انخفاضه إلى 4.9 مليار دولار فى الربع الثالث مقارنة ب 5.5 مليار دولار فى الربع المماثل من العام المالى السابق. وقال العقدة إن الرسالة الأساسية التى يمكن استنتاجها مما حدث هى أن المستثمرين الأجانب استثمروا وكسبوا كثيرا وبالتالى فإنه ينتظر عودتهم فور انحسار الأزمة.