تعليم القاهرة يحصد المراكز الأولى في العروض الرياضية على مستوى الجمهورية    تعليم القاهرة يحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية بمسابقة الخطابة والإلقاء الشعري    رئيس مدينة دمنهور يتابع تنفيذ مشروعات تحسين البنية التحتية.. صور    جانتس: نتنياهو تجاوز خطًا أحمر بتجاهله توجيهات المستشارة القضائية في تعيين رئيس الشاباك    السلطات الكورية الشمالية تبدأ تحقيقًا في حادث أثناء إطلاق سفينة حربية جديدة    فلسطين.. 4 شهداء وعشرات المفقودين إثر قصف إسرائيلي على منزل في جباليا شمال غزة    السفير الإسرائيلي في واشنطن: الفرنسيون على وشك إعلان 7 أكتوبر يوما لاستقلال فلسطين    وزير الشباب ومحافظ الدقهلية يفتتحان المرحلة الأولى من نادي المنصورة الجديد بجمصة    كأس مصر لكرة القدم سيدات.. بين قوة الأهلى وطموح وادى دجلة    أسرة طائرة الأهلى سيدات تكرم تانيا بوكان بعد انتهاء مسيرتها مع القلعة الحمراء    أيمن يونس: الدوري هذا الموسم "باطل"    ياسر ريان: يوريتيش مدرب كبير ولا بد أن يبادر بالهجوم ضد صن داونز    أهلي جدة يسقط أمام الاتفاق بثلاثية في دوري روشن السعودي    تفاصيل مقتل فتاة على يد شقيقها ورميها في البحر اليوسفي بالمنيا    الفنان محمد رمضان يسدد 26 مليون جنيه لصالح شبكة قنوات فضائية    «تعليم القاهرة» يختتم مراجعات البث المباشر لطلاب الشهادة الإعدادية    عاجل- إكس: نواجه عطلا في مركز للبيانات وفرقنا تعمل على حل المشكلة    انتشال جثمان شخص ب ترعة البحر الصغير في الدقهلية    في عيد ميلادها.. محطات في مشوار أسماء جلال بدأت بالعمل موديل.. ووالدتها رفضت دخولها الفن    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    قباء.. أول مسجد بني في الإسلام    حالة الطقس غدًا الجمعة 23- 5- 2025 بمحافظة البحيرة    وزير الرياضة يهنئ محمد صلاح بفوزه بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي    مسلسل حرب الجبالي الحلقة 7، نجاح عملية نقل الكلى من أحمد رزق ل ياسين    تختاري الحب ولا التمثيل؟ رد غير متوقع من دينا فؤاد    "القومي للمرأة" ينظم لقاء رفيع المستوي بعنوان" النساء يستطعن التغيير"    ياسمين فؤاد سكرتيرًا تنفيذيًا لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    تشميع مركز للأشعة غير مرخص بطهطا بسوهاج    سعر السكر اليوم الخميس 22 مايو 2025 داخل الأسواق والمحلات    السجن المشدد 4 سنوات لصياد تعدى على ابنه جاره فى الإسكندرية    مكتب نتنياهو: ترامب وافق على ضرورة ضمان عدم امتلاك إيران سلاحًا نوويًا    نتنياهو: بناء أول منطقة لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة خلال أيام    تفاصيل خطة إسرائيل للسيطرة على غزة.. القاهرة الإخبارية تكشف: محو حدود القطاع    أهمية المهرجانات    «المصريين»: مشروع تعديل قانون الانتخابات يراعى العدالة فى التمثيل    م. فرج حمودة يكتب: سد عالى ثالث فى أسوان «2-2»    هل التدخين حرام شرعًا ؟| أمين الفتوى يجيب    صلاح: شعور الفوز بالدوري الإنجليزي هذا الموسم ليس له مثيل    "الأعلى للإعلام" يصدر توجيهات فورية خاصة بالمحتوى المتعلق بأمراض الأورام    9 عيادات طبية و3 ندوات توعوية بقافلة جامعة المنيا المتكاملة بقرية الريرمون    وزير الشباب والرياضة يشارك في مناقشة دكتوراه بجامعة المنصورة    محمد مصطفى أبو شامة: يوم أمريكى ساخن يكشف خللًا أمنيًا في قلب واشنطن    ماغي فرح تفاجئ متابعيها.. قفزة مالية ل 5 أبراج في نهاية مايو    الحكومة تتجه لطرح المطارات بعد عروض غير مرضية للشركات    «الأعلى للمعاهد العليا» يناقش التخصصات الأكاديمية المطلوبة    متحدث «فتح» ينتقد ردود الفعل الأمريكية تجاه إسرائيل    البابا تواضروس يستقبل وزير الشباب ووفدًا من شباب منحة الرئيس جمال عبدالناصر    وزير الصحة ونظيره السوداني تبحثان في جنيف تعزيز التعاون الصحي ومكافحة الملاريا وتدريب الكوادر    تعرف على قناة عرض مسلسل «مملكة الحرير» ل كريم محمود عبدالعزيز    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها وجهاز تنمية البحيرات والثروة السمكية (تفاصيل)    محافظ أسوان يلتقى بوفد من هيئة التأمين الصحى الشامل    أسرار متحف محمد عبد الوهاب محمود عرفات: مقتنيات نادرة تكشف شخصية موسيقار الأجيال    «العالمية لتصنيع مهمات الحفر» تضيف تعاقدات جديدة ب215 مليون دولار خلال 2024    أسعار الفضة اليوم الخميس 22 مايو| ارتفاع طفيف- كم يسجل عيار 900؟    الأزهر للفتوى يوضح أحكام المرأة في الحج    "آيس وبودر وهيدرو".. ضبط 19 تاجر مخدرات في بورسعيد    أمين الفتوى: هذا سبب زيادة حدوث الزلازل    كامل الوزير: نستهدف وصول صادرات مصر الصناعية إلى 118 مليار دولار خلال 2030    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الامتداد الدولى للثورة المصرية
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 06 - 2011

للثورة المصرية التى انطلقت شرارتها فى شهرى يناير وفبراير الماضيين حق على من أطلقوها وعلى من أنجحوها أكبر من ذلك الذى توحى به النقاشات والخلافات الضاربة أطنابها فى الوقت الحالى.لقد ثارت جماهير الشعب المصرى من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، من أجل التعبير عن نفسها وتنظيم صفوفها بدون قيود واختراقات من الدولة، من أجل أن تشارك كأفراد وتنظيمات فى إدارة الشئون العامة وفى حكم نفسها بعيدا عن تدخل الأمن وأصحاب المصالح الخاصة وقمعهما لإراداتها وامكانياتها ومواهبها، ومن أجل سياسات اقتصادية على كل من جانبى الإنتاج والتوزيع تؤمن للمواطنين احتياجاتهم المعيشية وتقرب المسافات بينهم فتحفظ للمجتمع تماسكه وتكفل له تطورا سالما مأمونا.
الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية هى عكس ما كان المصريون يعيشون فيه، وتطلعهم إليها وحد بينهم، فهذه أهداف جامعة، تنصهر فى سبيل السعى إليها مكونات أى شعب من الشعوب. هكذا انتفت الانقسامات الطائفية من المطالب المعيشية للمواطنين، بل تبددت فيما يحدث نادرا فى حياة الشعوب الفوارق بين الطبقات والمجموعات الاجتماعية. ولم يكن هذا انسلاخا عن الهويات الدينية للمواطنين، فهم قد صدروا فى مواقفهم الثائرة عن ثقة وطيدة بها وبأنفسهم، لا تحتاج إلى استدعاء مستمر وتكرار كما يفعل الضعفاء مهتزى الثقة بهوياتهم وبأنفسهم.
●●●
مثلما تأثرت الجماهير المصرية المتظاهرة اعتبارا من الخامس والعشرين من يناير بالنتائج الباهرة لانتفاضة الشعب التونسى، كان منطقيا ومتوقعا أن تهب الجماهير فى هذا البلد العربى وذاك بعد عقود من القمع والاستغلال والإهانة، مقتفية أثر الحركة الثورية المصرية، ولتثبت مجددا الوحدة المعنوية للشعوب العربية.
غير أن تحرك الجماهير فى المدن المصرية، وإصرارها على تحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، ونجاحها فى الإطاحة برءوس النظام وواضعى سياساته الاقتصادية ومنفذيها، تخطت آثاره حدود العالم العربى. لقد رأت الشعوب فى مشارق الأرض ومغاربها فى نجاح الجماهير المصرية دليلا على قدرة الإنسان على التحكم فى مصيره. سمت نجاحات المصريين حتى على مصريتهم، وارتقت إلى المستوى الإنسانى. للمصريين أن يعيشوا خصائصهم، وأن يعتزوا بها، ولكن عليهم أن يدركوا أنهم أعطوا مثالا للإنسانية، هم مسئولون عن الحفاظ على جذوته. الجماهير حذت حذو المصريين فى دلهى وفى مينسوتا وفى مدريد وبرشلونة.
آثار الحركة الثورية المصرية وصلت إلى قلب العالم المتقدم، وكيف لا! إن كانت لأنظمة الحكم فى مصر وبلدان العالم العربى سمات خاصة مؤسفة، فإنها تشترك مع بلدان عديدة محسوبة من العالم المتقدم، فضلا عن أغلبية العالم النامى، فى تحمل نتائج سياسات اقتصادية مجحفة، انعكست فى ظروف معيشية مضنية، وفى تفاوتات اجتماعية متزايدة الاتساع، وفى انسداد آفاق المستقبل، خصوصا فى أعين الشباب. تعانى من ذلك، على سبيل الأمثلة، أيسلندا، وأيرلندا، والبرتغال، واليونان، وإيطاليا، وإسبانيا، بل فرنسا نفسها.
الصحف حافلة منذ أكثر من عام مضى بأنباء الآثار الساحقة للسياسات الاقتصادية المتبعة على اليونان والبرتغال وعلى اقتصاد كل منهما، وعلى الجماهير العاملة فيهما. أما إسبانيا، فيكفى ذكر أن معدل بطالة الشباب فيها قد تعدى 43 فى المائة! وفى إسبانيا، كما فى إيطاليا، يعانى من يجدون فرص عمل من الشباب من انعدام الأمان الوظيفى ومن انخفاض الأجور.
لقد خرجت جموع الإسبان إلى الميادين الرئيسية فى مدريد وبرشلونة وغيرهما من المدن الإسبانية، تنسب نفسها إلى روح ميدان التحرير وتندد بنموذج اقتصادى هش، وبسياسات اقتصادية هى نفسها المطبقة فى البلدان النامية فى العقود الماضية، وإن اتخذت تسميات غير الإصلاح الاقتصادى والتكييف الهيكلى فى البلدان المصنعة. ولقد أردف الإسبان إلى احتجاجاتهم إسقاط الحزب الاشتراكى الحاكم فى الانتخابات البلدية فى كل المدن التى أجريت فيها انتخابات فى شهر مايو الماضى. ولقد كسب الحزب الشعبى المحافظ المعارض مكاسب واسعة، نتيجة لخسارة الاشتراكيين، إلا أنه ليس غائبا عن المراقبين أن السياسات التى يدعو اليها الآن هى المسئولة عن النموذج الاقتصادى الإسبانى، وهى السياسات التى طبقها عندما كان فى الحكم بين سنتى 1996 و2004. وإذا كانت الاحتجاجات الإسبانية هى الأقرب شبها من حيث طرق التعبئة والممارسة بل والشعارات من تجمعات ميدان التحرير فى القاهرة، فإن الاحتجاجات على السياسات الاقتصادية وآثارها الاجتماعية امتدت أيضا إلى اليونان والبرتغال فى شمال المتوسط وجنوب أوروبا، فضلا عن إيسلندا فى شمالها.
●●●
لقد أدركت المؤسسات الاقتصادية الدولية أن للثورة المصرية، والتونسية من قبلها، أصولا فى السياسات الاقتصادية المتبعة، وأنه لا يمكن الخروج بأمان من الفترة الانتقالية إلى نظام سياسى جديد إذا ما استمرت هذه السياسات فى الضغط على جماهير المواطنين وعصيرها. هذا ما حدا بصندوق النقد الدولى مثلا لأن يقدم مساعدة مالية للميزانية العامة المصرية للعام الحالى دون أن يصحبها بأى اشتراطات، من قبيل تخفيض الدعم للسلع الغذائية، أو تقليص حجم التشغبل فى الحكومة.
حتى إن كان الامتناع عن وضع اشتراطات تصحب المساعدة المالية مؤقتا، فإن فيه خروجا جليا عن منظور صندوق النقد الدولى لإدارة المال العام. هذا الخروج ليس منة، وإنما انتزعته انتزاعا الجماهير الغاضبة والمتفائلة فى آن واحد، فى حركتها الثورية منذ الخامس والعشرين من يناير الماضى.
ليس المقصود أن الجماهير انتزعت إلى الأبد حق الحفاظ على كل أشكال الدعم وعلى الحجم المتضخم للتشغيل فى الحكومة، فهذان لا يمكن أن يكونا هدفين لأى سياسة اقتصادية. الحقيقة هى أن هذين ليسا إلا عرضين ونتيجتين لمشكلة اقتصادية أعمق تتمثل فى اقتصاد منخفض الإنتاجية، ضعيف القدرة التنافسية، يدر أجورا ودخولا منخفضة، يعجز عن إنشاء فرص عمل ذات نوعية مقبولة، وتتفاوت فيه الدخول تفاوتا هائلا. أما السياسات المطبقة فى العقدين الماضيين فى مصر، أو فى العقود الثلاثة الماضية فى تونس، فإنها لم تسهم فى حل المشكلة، بل إنها فاقمتها.
المقصود هو أن الحركة الثورية فى مصر أسمعت صوتها وجعلت المؤسسات الاقتصادية فى مركز النظام الدولى تعيد حساباتها، وذلك لأنها فهمت أسباب الثورة وأبعادها. هى تعيدها اليوم مؤقتا، ولكن الفعل المصرى، إذا ما أضيف إليه الفعل فى تونس والاحتجاجات فى غيرها من البلدان النامية والمتقدمة، يكاد يصل إلى مستوى الكتلة الحرجة التى تدفع المؤسسات الاقتصادية الدولية إلى إعادة تحليل الاقتصاد العالمى والعلاقات الاقتصادية الدولية، وإلى إعادة النظر فى مجمل مبادئ السياسات الاقتصادية التى دعت إليها منذ مطلع الثمانينيات من القرن الماضى.
●●●●
من الصعب أن يطلب إلى الحكومة المؤقتة الحالية فى المرحلة الانتقالية الراهنة، أن تشرع فى ترتيب هذا الفعل، من حيث التحليل الاقتصادى وصياغة البدائل، ثم القيام بالحشد السياسى لمن يشاركونها آراءها فى العالمين النامى والمتقدم. ولكن هذه مهمة ممكنة، ينبغى أن تتصدى لها الحكومة أو الحكومات القادمة، لأن من سيشاركونها الآراء كثيرون. وهى مهمة ملحة لأن الامتداد الدولى يؤمن للثورة المصرية نجاحها، كما أنه سيكون إضافة جديدة لها، بعد نموذج ميدان التحرير، لنضالات الشعوب من أجل تحسين ظروف معيشة الإنسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.