تكشف قرية «الحجيرات»، عن نفسها بمجرد أن تطأ قدمك مدخلها شمال مدينة قنا، فرغم أن بوابة القرية التى جددت منذ فترة قصيرة تظهر القرية وكأنها نموذجية، لكن الحقيقة غير ذلك، فالشوارع عبارة عن أزقة ضيقة، والمنازل متباعدة، وكأنها قررت أن تكون على شاكلة أصحابها، والذين فرقتهم نيران الثأر. قرية الحجيرات والتى أطلق عليها اسم «الدم والنار» نظرا لما شهدته من أحداث دموية وخصومات ثأرية، اسمها ينسب إلى «حجير»، أول قاطنيها، وهناك تجمعات عائلية أخرى بنفس الاسم فى قرى مختلفة بمحافظة قنا. تضم قرية الحجيرات التى تبعد 16 كيلو مترا شمال مدينة قنا، 6 نجوع يعيش فيها نحو 40 ألف نسمة، يعمل غالبيتهم بالزراعة، وهى نجوع «العمدة وجبارة ومعلا وعتمان وعودة وأبوعروق». الحجيرات، تعد من القرى الطاردة للسكان، بسبب قلة فرص العمل، وزيادة معدل الخصومات الثأرية بها، والتى جعلت معظم نسائها أرامل، فقد رسمت الخصومات الثأرية وتجارة المخدرات سمعة الحجيرات السيئة منذ عقود، يضاف لذلك تضاريس القرية الوعرة، والتى يصعب تمشيطها أمنيا، وهو ما جعل القرية حصنا يصعب اختراقه، وسهل للمطلوبين امنيا، أن يعيشوا فيها طلقاء وهم يحملون السلاح، ويبدو أن تلك الطبيعة شكلت طباع سكانها، واحتفاظهم بعاداتهم القديمة والدموية حتى الآن، وهى نفس التركيبة السائدة فى عدد من القرى التى يحتضنها الجبل على طول الطريق الشرقى «قنا نجع حمادى»، ومنها قريتا أبوحزام وحمردوم شمالا اللتان تتشابهان فى الطبيعة الجغرافية وتركيبة السكان والعادات الدموية مع الحجيرات. يقول حسين محمود، مزارع، إن القرية تعانى من إهمال شديد من قبل المسئولين، فالقرية تعيش فى ظلام دامس فى كثير من شوارعها لقلة أعمدة الإنارة، والانقطاع المستمر للتيار الكهربائى، بسبب عدم قدرة المحولات الكهربائية على استيعاب طاقة الكهرباء بالمنازل، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الفشل الكلوى داخل القرية، لاعتمادها على الآبار الارتوازية، والمياه التى تزيد نسبة الملوحة فيها. ويضيف على عبدالحميد، مزارع، أن ارتفاع نسبة البطالة فى القرية وعدم وجود مشروعات خدمية وترفيهية، هو الذى زاد من الخصومات الثأرية بداخل القرية، فلا يوجد اهتمام سواء فى قطاع الصحة أو التعلية.