عاجل - إسرائيل تكثف الغارات على غزة.. مقتل عشرات المدنيين بينهم أطفال    ارتفاع أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 14 سبتمبر 2025    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 14 سبتمبر 2025    "معالي الوزير" بين الرونق اللامع والمسؤولية الفعلية.. المنصب الافتراضي والتجربة الألبانية    وزير الخارجية يؤكد: لا تهاون إزاء قطرة ماء ونتحرك على كافة المستويات    مبعوث روسي: بولندا لا ترغب في التشاور بشأن حادث الطائرات المسيرة    3 ملايين شخص شاركوا في احتجاجات «وحدوا المملكة» بلندن    عمر جابر يحصل على جائزة أفضل لاعب في مباراة المصري    مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة.. الأهلي وإنبي وبيراميدز في الإنتركونتيننتال    مدرب الزمالك: سعيد بالفوز على المصري    طقس اليوم الأحد.. تنبيه لارتفاع الحرارة واضطراب البحر    سقوط صيدلانية بالفيوم بحوزتها 8 آلاف قرص مخدر محظور    حظك اليوم الأحد 14 سبتمبر 2025 وتوقعات الأبراج    2000 عامل بالهلال الأحمر المصري يواصلون إغاثة أهالي غزة    الجيش الصيني يحذر الفلبين ويدعوها لوقف التصعيد في بحر الصين الجنوبي    سعر الذهب اليوم الأحد 14-9-2025 بعد الارتفاع القياسي الأخير.. عيار 21 الآن بالمصنعية    «التموين» تُحدد موعد إضافة المواليد 2025    «التعليم» تكشف قائمة مدارس الكهرباء التطبيقية بالمحافظات للعام الجديد 20262025    «قفل تليفونة وهنزل الجمعة عشانه».. مصطفى عبده يكشف موقفه من قرار الخطيب    نجلاء بدر: «أزمة ثقة» مسلسل نفسي كشف دواخل الشخصيات.. والقاتل كان معروفا منذ الحلقة الأولى    أقوى هجوم لعائلات الأسرى على نتنياهو: شخص مجنون محاط بمجموعة مختلين تدعى المجلس الوزاري    فجأة وما رضيش يعرف حد، سبب دخول تامر حسني المستشفى    مدرب أوكلاند سيتي: بيراميدز الأقرب للفوز ضدنا.. ولاعبان أعرفهم جيدًا    الداخلية: طبيبة بالمعاش أعدت تقرير وفاة أحمد الدجوي بمقابل مالي    جثة و6 مصابين في تصادم توك توك ودراجة بخارية في البحيرة    الداخلية توضح حقيقة فيديو سرقة سور كوبرى بإمبابة:"الواقعة قديمة والمتهم اعترف"    قبل ديربي الليلة.. مانشستر يونايتد يتفوق على مان سيتي بالأرقام    فضيحة قد تدمره، 100 رسالة إلكترونية جديدة تدين الأمير أندرو ب"ملفات إبستين" الجنسية    هدف الكيان من ضربة قطر .. مراقبون: نقل مكتب المقاومة إلى مصر يحد من حركة المفاوضين ويتحكم باستقلال القرار    «متتدخلوش في حياتي».. ريهام سعيد تكشف معاناتها النفسية: مشكلتي مش بس في الشكل    طولان: لم يعجبني فيديو «العميد الأصلي» بين الحضري وأحمد حسن    عمرو فتحي: تتويج منتخب الشابات ببطولة إفريقيا إنجاز جديد لمنظومة كرة اليد    عودة خدمة الخط الساخن 123 ببنى سويف بعد إصلاح العطل الفني    عيار 21 الآن يسجل رقمًا قياسيًا.. أسعار الذهب اليوم الأحد بالصاغة بعد الارتفاع الجديد    بعد مطالبته برفع الدعم عن الوقود.. أحمد موسى: ماذا يريد صندوق النقد من مصر.. تصريحات مستفزة كأنهم يمنّون علينا    «زي النهارده».. إعلان وفاة المشير عبدالحكيم عامر 14 سبتمبر 1967    بالأرقام، أسعار الكتب المدرسية للمدارس التجريبية للعام الدراسي 2025-2026    رئيس «التأمين الصحي» للمرضى: استمرارية ضمان الجودة ومتابعة الخدمات المقدمة من الركائز الأساسية    زيادتها عن هذا المعدل خطر.. نصائح لتقليل الغازات وتفادي الانتفاخ    هشام جمال يحتفل بخطوبة صديقه.. وليلى زاهر تخطف الأنظار بإطلالة أنيقة    مغارة جبل الطير بالمنيا.. هنا اختبأ السيد المسيح والسيدة مريم العذراء    د.حماد عبدالله يكتب: حينما نصف شخص بأنه "شيطان" !!    ما حكم صلاة تحية المسجد أثناء وبعد إقامة الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    متى تُصلّى صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    وزارة التعليم: قرب انتهاء مدرسة روض الفرج المصرية اليابانية..صور    استجابة لطلاب الثانوية الأزهرية.. قرار هام من مكتب التنسيق حول القبول بالمعاهد العليا    مستشفى فايد التخصصي يجرى 6500 جراحة نساء وتوليد تحت مظلة التأمين الصحي الشامل    القومي لحقوق الإنسان والشبكة الأفريقية يعقدان لقاء تشاوريا لتعزيز التعاون    أرملة إبراهيم شيكا تكشف عن تفاصيل جديدة في رحلة مرضه    القطار ال15 لعودة السودانيين الطوعية ينقل موظفي الطيران المدنى تمهيدًا لتشغيل مطار الخرطوم    ما حكم صلاة تحية المسجد بعد إقامة الصلاة؟.. أمين الفتوى يجيب    مين فين؟    «كاب وكارت دعوة».. أبرز تقاليع حفلات التخرج 2025    محطة العائلة المقدسة.. دير العذراء ببياض العرب يتحول لمقصد سياحي عالمي ببني سويف    خالد عبدالقادر مستشار وزير العمل للسلامة والصحة المهنية ل«المصري اليوم»: توقيع عقوبات مغلظة على المنشآت المخالفة    مواصفات «اللانش بوكس» الصحي.. خبير تغذية يحذر من «البانيه»    مدارس التمريض بالفيوم تفتح أبوابها ل298 طالبًا مع بدء الدراسة    هل هناك ترادف فى القرآن الكريم؟ .. الشيخ خالد الجندي يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القارئ خالد صقر يكتب: أزمة البحث العلمي في مصر
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 06 - 2011

منذ نجاح ثورة 25 يناير في إسقاط نظام مبارك وظهرت علي الساحة السياسية في مصر العديد من النقاشات والحوارات حول أيدولوجية النظام السياسي القادم وهوية الجمهورية الجديدة، وهذه النقاشات أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن كل التيارات السياسية في مصر تتمتع بصحة جيدة، إن جاز التعبير، وتتمتع برؤية واضحة لأهداف كل منها، وهو أمر يدعو للتفاؤل بشأن المستقبل السياسي لمصر، ولا يجب أن ننسي أن ثورتنا كانت بمثابة الإستقلال عن احتلال داخلي دام ثلاثة عقود، ولا يجب أن ننسي أيضاً أن ثمن الحرية والإستقلال دائماً ما يكون باهظاً ، ولنا في الثورة الفرنسية خير مثال. إذن فهذا التوتر الظاهري والإشكاليات الفكرية التي تطفو علي سطح الحياة السياسية الآن لا يجب أن تدعو للقلق، بل تدعو للتفاؤل في حقيقة الأمر.
بيد أن ما يدعو للقلق حقاً هو الأزمات التنموية العديدة التي تمر بها مصر، سواءاً علي المستوي الإقتصادي أو الأمني أو العلمي، وهي أزمات لم تولد مع الثورة كما يدعي بعض المخذلين، ولكن ولدت في حقيقة الأمر في ظل نظام عابث لا يعبأ بمصلحة الإنسان المصري ولا يهتم إلا بمصالح رجاله الشخصية، وجعلت هذه الأزمات مصر تفقد خط سيرها في طريق التنمية المستدامة الذي قطعت فيه العديد من الدول الأخري شوطاً جباراً خلال العقود الثلاثة الماضية. إن البحث العلمي يعتبر واحداً من أهم المجالات التي فشل النظام السابق في وضع تصور لتطويرها لتتواكب مع المستجدات العالمية ولتحقق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة للألفية الثالثة، ويمكن القول – بالكثير من الواقعية – أن البحث العلمي في مصر يعاني حالياً من أزمة كارثية تهدد مستقبل مصر علي كل المستويات. هذا المقال يقدم وصف لأهم أعراض أزمة البحث العلمي في مصر، وتشخيص لأسبابها.
من الضروري للغاية أن يكون هناك معايير واضحة لتقييم البحث العلمي في مصر حتي نتمكن من تشخيص ومعرفة أبعاد الأزمة العلمية التي تمر بها البلاد، وعادة ما يقيم أداء البحث العلمي لدولة ما بمعيارين: الأول والأهم هو عدد براءات الإختراع التي تسجلها تلك الدولة سنوياً، والثاني هو عدد البحوث العلمية التي يتم نشرها في دوريات (مجلات) علمية متخصصة ومحكمة سنوياً، فبهذين المعيارين يمكن تقييم أداء دولة ما – بمقارنتها بدول أخري – بالنسبة للبحث العلمي، وإذا أردنا اختيار عدد من دول لمقارنة مصر معهم بالنسبة للبحث العلمي، فيجب أن نختار دول تشترك مع مصر في قيمة الدخل القومي حتي يكون هناك معني حقيقي للمقارنة، وحتي نستطيع أن نتعرف - بشكل مقارن – علي مستوي البحث العلمي في مصر.
في عام 2009 كانت قيمة الدخل القومي المصري 182.23 بليون دولار، وهو يقترب جداً من الدخل القومي لكلِ من ماليزيا وسنغافورة في نفس السنة، فماليزيا بلغ دخلها القومي 193 بليون دولار، وسنغافورة 182.3 بليون دولار، أي نفس الدخل القومي المصري تقريباً، طبقاً لإحصائيات البنك الدولي. فإذا نظرنا لعدد براءات الإختراع الدولية التي سجلت في مصر في نفس العام سنجد أنها 321 براءة اختراع، بينما ماليزيا سجلت 2086 براءة، وسنغافورة سجلت 5609 براءة في نفس العام طبقاً لاحصائيات المؤسسة العالمية للملكية الفكرية. أي أن أداء البحث العلمي في مصر كان أقل من نظيره في ماليزيا حوالي ستة مرات ومن نظيره في سنغافورة حوالي سبعة عشر مرة !!
أما بالنسبة لعدد البحوث العلمية المنشورة في دوريات علمية محكمة، فأداء مصر كان أفضل نوعاً ما، حيث نشرت الجامعات والمؤسسات البحثية المصرية 7411 بحثاً في كل أفرع المعرفة خلال عام 2009، بينما نشرت الجامعات والمؤسسات البحثية الماليزية 9814 بحثاً، ونظيرتها السنغافورية 11,826 خلال نفس العام، طبقاً لقاعدة بيانات SCImago.
إذن يتضح لنا أن مصر في أزمة كارثية للبحث العلمي، خاصة بمراقبة المعيار الأهم لتقييم البحث العلمي وهو عدد براءات الإختراع، وتكمن أهمية هذا المعيار في أنه يعبر عن الفرص المتاحة أمام الإستثمارات الصناعية في استغلال براءات الإختراع المسجلة في مصر لتحقيق تقدم نوعي في مجال الصناعة، بينما يعبر عدد البحوث المحكمة فقط عن نشاط الباحثين في الجامعات والمؤسسات البحثية، أكثر ما يعبر عن علاقة البحث العلمي بالنهضة الصناعية والتنمية المباشرة.
ماهي أسباب أزمة البحث العلمي في مصر؟؟ في الواقع يمكن تلخيص الأسباب في سببين رئيسيين الأول هو التدني الشديد للإنفاق الحكومي علي البحث العلمي، حيث لم يتعدي هذا الإنفاق 0.2% من إجمالي الدخل القومي (أي حوالي 0.9 بليون دولار) خلال عام 2009، بينما أنفقت سنغافورة حوالي 2% من قيمة دخلها القومي علي البحث العلمي في نفس السنة (أي حوالي عشرة أضعاف الإنفاق المصري)، وأنفقت ماليزيا حوالي 0.61% من دخلها القومي (أي حوالي ثلاثة أضعاف الإنفاق المصري)، طبقاً لإحصائيات مؤسسة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة.
أما السبب الثاني لتدهور البحث العلمي في مصر هو الإنخفاض في حجم الإنفاق علي التعليم الحكومي، حيث لم تتجاوز ميزانية التعليم في مصر 3.7% من إجمالي الدخل القومي في عام 2009، بينما بلغ الإنفاق علي التعليم الحكومي في ماليزيا 5% من إجمالي الدخل القومي، وفي سنغافورة تعدي حجم الإنفاق علي التعليم 3.2% من إجمالي الدخل القومي، ولكي ندرك فداحة مشكلة الإنفاق علي التعليم الحكومي – التي قد لا تكون واضحة بالأرقام السابقة فقط – يجب أن نأخذ في الإعتبار التباين الشاهق في عدد السكان بين الدول الثلاث، حيث يبلغ في مصر حوالي 85 مليون نسمة، وفي ماليزيا حوالي 26 مليون نسمة وفي سنغافورة حوالي 4.5 مليون نسمة فقط !
إذن متوسط نصيب المواطن المصري من ميزانية التعليم لا يتعدي 80 دولار سنوياً، بينما يبلغ نصيب المواطن الماليزي من ميزانية التعليم 372 دولار سنوياً، والمواطن السنغافوري 1300 دولار سنوياً ! ياله من فارق مخيف !!
إذن ماهي الخطوات والآليات اللازمة للتعامل مع أزمة البحث العلمي في مصربما يضمن وضع مصر علي طريق التنمية المستدامة والتطور العلمي مرة أخري...؟! هذا ما أجيب عنه في المقال القادم إن شاء الله...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.