يتيح حاليا موقع ذاكرة مصر المعاصرة، التابع لمكتبة الإسكندرية، ولأول مرة مجموعة من الوثائق البريطانية، التى توثق لتاريخ مصر الحديث والمعاصر، والتى تم جمعها من مصادرها الأصلية من الأرشيف البريطانى فى لندن، ومنها ما يزيد عمره على مائة عام. وقال الدكتور خالد عزب، مدير إدارة الإعلام بالمكتبة، والمشرف على المشروع إنه تم تجميع الوثائق بعناية شديدة، وهى مجموعة نادرة لم يوثق لها من قبل، وتغطى مختلف الفترات الزمنية لتاريخ مصر الحديث والمعاصر، وفى مجالات عديدة منها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. وأضاف أن فريق عمل من الباحثين المتميزين فى المشروع يعكف الآن على إكمال فهرسة وتنظيم هذه الوثائق، والتى بانتهائها سيتخطى المشروع ال20 ألف وثيقة. وأشار عزب إلى أن الجديد فى هذه الوثائق هو أنها تكشف أسرارا جديدة وحقائق فى الكثير من الملفات المصرية، التى لم تكن الرؤية واضحة بشأنها، كما تتضح قيمة هذه الوثائق فى الحصول على الأصول الإنجليزية والعربية من بعض الاتفاقيات، التى تمت بين مصر وبريطانيا أثناء فترة الاحتلال البريطانى. وأوضحت صفاء خليفة، الباحثة فى مشروع ذاكرة مصر المعاصرة، أنه من أهم تلك الوثائق التى تم الحصول عليها لأول مرة، الوثائق الأصلية الخاصة بحادثة دنشواى 13 يونيو 1906، ومن أهمها مجموعة من البرقيات والرسائل والخطابات المتبادلة بين القاضى نورمان وأعضاء من مجلس العموم البريطانى بشأن الالتماس المقدم بخصوص أحكام حادثة دنشواى وتخفيض عدد السجناء، ما بين مؤيد ومعارض لقبول هذا الالتماس. وأضافت أن هذه الوثائق تكشف عن أهم الشخصيات فى مجلس العموم البريطانى فى ذلك الوقت، فهناك من رفض من المجلس التوقيع على هذا الالتماس والثقة بأحكام القضاء المصرى وعدم الرغبة فى التدخل فى هذه القضية بأى شكل من الأشكال، ومنها: خطاب من مستر سترانشى Strachey إلى القاضى نورمان Norman بتاريخ 10 سبتمبر 1907: «ليست لدى الرغبة فى توقيع الالتماس الخاص بتقليل عدد سجناء دنشواى ومقتنعا بأن العدالة قد أخذت مجراها فى المحكمة وحاكمتهم، وأتأكد أنه عندما يحين الوقت لإعادة النظر فى العقوبات فإن السلطات القضائية فى مصر سوف تعتمد على إنسانيتها والجريمة المتهم فيها هؤلاء هى وحشية بمعنى الكلمة». وأشارت إلى أن الوثائق تضم ملفا يؤرخ للمعاهدات والإعلانات، التى شاركت مصر فى التوقيع عليها، وهو يقدم الكثير من الشرح والتوضيح لبنود ومواد الاتفاقيات التى لم يحصل أحد على أصولها الإنجليزية، ومن أهمها: محمد على وإعلان الاستقلال 1838، واتفاقية قناة السويس 1869، واتفاقية الحكم الثنائى للسودان 19 يناير 1899، واتفاقية مد امتياز قناة السويس فى 26 أكتوبر 1909، ومشروع دستور 1923، ونص معاهدة 1936، والنسختين العربية والإنجليزية لاتفاقية الجلاء 6 ديسمبر 1954. ولفتت إلى أن وثائق سعد باشا زغلول وثورة 1919 الموجودة فى المجموعة تتضمن تقارير المخابرات البريطانية عن زغلول. وقالت خليفة إن المجموعة تضم ملف خاص بتاريخ جماعة الإخوان المسلمين، والذى كشف عن العديد من الأسرار خلال فترة حكم الرئيس محمد نجيب، ومن أهمها: برقية من «رالف ستيفنسون» تفيد بالقبض على بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وشائعات تتعلق باختفاء الهضيبى لتجنب القبض عليه، واعتراف بعض أعضاء الجماعة لتورطهم فى محاولة اغتيال جمال عبدالناصر. وتضم المجموعة برقية أخرى بتاريخ 13 ديسمبر 1954 تتعلق بمحاكمات الإخوان المسلمين مصدَق عليها من مجلس قيادة الثورة، حيث حكم على 5 أعضاء بالإعدام شنقا منهم (عبدالله الريس، محمد صلاح الدين عبدالمعطى)، وأربعة أعضاء بالأشغال الشاقة المؤبدة، و18 عضوا بالسجن عشر سنوات مع الشغل والنفاذ.