وزير التعليم يشيد بمقترح إعداد قوائم انتظار للناجحين بالامتحان الإلكتروني ولم تشملهم أعداد التعيين    فرص عمل في لبنان برواتب تبدأ من 500 دولار - تفاصيل ورابط التقديم    أسعار الفاكهة اليوم الثلاثاء 15 يوليو في سوق العبور للجملة    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 15 يوليو في بداية التعاملات    بروتوكول لتأسيس تحالف علمي صناعي تجاري ضمن مبادرة "تحالف وتنمية"    تراجع في 3 بنوك.. سعر الدولار اليوم ببداية تعاملات الثلاثاء    روبيو: إنهاء حرب أوكرانيا عبر تسوية دائمة لا يزال من أولويات ترامب    مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال    الاتحاد الأوروبي يبحث فرض عقوبات جديدة على روسيا    الدفاع الروسية: إسقاط 55 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    بدلا من بورفؤاد، المصري يواجه كابسي غدا الأربعاء وديا    مصرع وإصابة 5 أفراد من أسرة واحدة في حادث مروع    حالة الطقس اليوم.. حرارة شديدة تصل ل41 درجة    تحرير 596 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    المهرجان القومي للمسرح يكشف ملامح دورته ال18 في مؤتمر صحفي .. اليوم    تفاصيل نمو مبيعات الأدوية بسبب ارتفاع الأسعار| فيديو    إسرائيل تعرض سحبا أوسع لقواتها من غزة ضمن مقترح جديد لوقف إطلاق النار    إعلام إسرائيلي: الجيش غارق في وحل غزة وقيادته تخشى مواجهة المستوى السياسي    وزير الدفاع الألماني: يُجرَى الإعداد لتسليم نظامي باتريوت لأوكرانيا    تعرف على مدة الدراسة في نظام البكالوريا وفقا للقانون الجديد    وزارة الدفاع الأمريكية تمنح شركات ذكاء اصطناعي رائدة عقودا بقيمة 200 مليون دولار    "تكريم وتمكين".. ملتقى بجامعة قناة السويس لربط الإبداع الأكاديمي بفرص التوظيف    أبرزهن هذا الثلاثي، نجمات ظهرن في بروموهات ألبوم تامر حسني الجديد    بإقبال كبير.. قصور الثقافة تطلق برنامج "مصر جميلة" لدعم الموهوبين بشمال سيناء    شوبير: رغبة أحمد عبد القادر الأولى هي اللعب للزمالك    الإصابات بالسعال الديكي في اليابان تتجاوز 43 ألف حالة خلال 2025    تنسيق الدبلومات الفنية 2024 دبلوم التجارة نظام 3 سنوات.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة كاملة    بلغت كولر..تعليق مثير للجدل من المعد النفسي السابق للأهلي على قرار الإدارة    يعالج الاضطرابات الزائدة.. مستشفى جامعة الفيوم تضم أحدث أجهزة علاج القسطرة القلبية- صور    الصحة الأمريكية: تفشي مرض الحصبة لا يعتبر حالة طوارئ وطنية في الوقت الحالي    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. الكليات والمعاهد المتاحة لدبلوم صنايع (قائمة كاملة)    عمال الجيزة: مشاركتنا في انتخابات الشيوخ ستعكس وعيًا ديمقراطيًا ومسؤولية وطنية    محامي المُعتدى عليه بواقعة شهاب سائق التوك توك: الطفل اعترف بالواقعة وهدفنا الردع وتقويم سلوكه    بدء إصلاح سنترال رمسيس جزئيًا.. وشكاوى من استمرار انقطاع الخدمة    خبير يحذر من مغامرة إثيوبية تشكل خطورة على سد النهضة (التفاصيل)    صفقة جديدة لزعيم الفلاحين.. المحلة يتعاقد مع لاعب كاميروني    الحكم محمد الحنفي يعلن اعتزاله    توقعات الأبراج وحظك اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025.. «الجوزاء» أمام فرصة ذهبية في العمل    أكلت بغيظ وبكيت.. خالد سليم: تعرضت للتنمر من أصدقائي بعد زيادة وزني    أحمد وفيق: عملت في الإضاءة والديكور وتمصير النصوص المسرحية قبل احترافي الإخراج    مدحت العدل يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي بعد تصريحه حول حجاب حفيدة أم كلثوم    أستاذ فقه بالأزهر: أعظم صدقة عند الله هو ما تنفقه على أهلك    الزمالك يحسم التعاقد مع نجم زد.. كريم حسن شحاتة يكشف    بيراميدز يستفسر عن ثنائي الزمالك.. ويرفض التفريط في نجمه للأبيض (تفاصيل)    احذر.. انتحال صفة شخص من ذوي الإعاقة يُعرضك للحبس والغرامة.. وفقًا للقانون    التأمين ضد أخطار الحرائق.. تعويض للأضرار وحماية للأصول    القانون يحدد شروط وإجراءات التنقيب في المناجم.. إليك التفاصيل    محمد حمدي: الظروف لم تساعدني في الزمالك.. وكنت أرحب باللعب للأهلي    «واشنطن» تُصعّد لهجة الانتقادات ضد «موسكو».. وتستعد لتزويد «كييف» بأسلحة هجومية    أمين الفتوى: صلاة المرأة في الأماكن العامة ليست باطلة (فيديو)    المنقلبون على أعقابهم!    ضمن الخطة الاستثمارية.. محافظ القليوبية يتفقد أعمال الرصف بمدينة بنها    السيطرة على حريق في مخلفات غزل ونسيج بالغربية    الهلال السعودي يتحرك لضم نجم ليفربول.. وميلان يزاحمه على الصفقة    كسر مفاجئ بخط مياه الشرب بمنطقة السيل الجديد في أسوان    أحمد وفيق يكشف كواليس جديدة عن تعاونه مع سامح عبدالعزيز ب«صرخة نملة»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في محافظة قنا    كيفية تطهر ووضوء مريض القسطرة؟.. عضو مركز الأزهرتجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أساليب مرفوضة للإنعاش الاقتصادى
نشر في الشروق الجديد يوم 11 - 05 - 2011

كان الغيظ يتملكنى كلما شاهدت إعلانا يناشد المواطنين شراء أوراق مالية دعما للبورصة، وكلما ظهر بعض المشاهير وكبار المشايخ والقسس ونفر من شباب الثورة فى البورصة لافتتاح جلسات التعامل فيها، وكأن وجود هؤلاء يدعم الثقة فى البورصة ويطرح البركة فى تعاملاتها.
فقد بدا الأمر وكأن صعود مؤشر البورصة هو المعيار الصحيح للنجاح الاقتصادى، مع أن البورصة فى بلادنا كانت تتسم بقدر كبير من الضعف والهشاشة لسنوات طوال قبل قيام الثورة، ومع أن مؤشرات البورصة، التى تلعب فيها المضاربات دورا رئيسيا كثيرا ما لا يكون لها صلة بالحالة الاقتصادية الفعلية للشركات، التى تتداول أسهمها فى البورصة، أو بحالة الاقتصاد العينى أى قطاعات الإنتاج الأساسية فى الاقتصاد الوطنى. أضف إلى ذلك أن دعوة المواطنين للاستثمار المالى فى البورصة هى فى الواقع دعوة للانخراط فى نشاط ريعى تنتقل فيه الأوراق المالية من يد إلى يد دون إضافة إلى رأسمال المجتمع، بيد أن ما تشتد حاجة البلاد إليه هو الاستثمار الإنتاجى. ويمكن بالطبع أن يكون الاستثمار المالى فى البورصة طريقا للاستثمار الحقيقى المنتج إذا دعى الناس للاكتتاب فى شركات جديدة. ولكن هذا أمر لم تشهده البورصة منذ فترة طويلة.
●●●
كما استفزتنى رحلة وزير المالية إلى واشنطن لاستعطاف البنك الدولى وصندوق النقد الدولى من أجل تقديم قروض لمساعدة الاقتصاد المصرى على الخروج من حالة الركود، التى دخلها منذ اندلاع ثورة يناير. واستغربت مسارعة الحكومة المصرية برجاء الحكومة الأمريكية التنازل عن الديون المستحقة على مصر وتقديم معونات إضافية لدعم اقتصادنا. وسبب الاستفزاز والاستغراب هو أن مصر مثقلة بالقروض الخارجية وبالقروض الداخلية أيضا وأن قروض الهيئات الدولية المعنية غالبا ما تكون مقترنة بشروط تجور على حرية القرار الوطنى، وأن الحكومة الأمريكية ما زالت تعانى الركود، الذى نتج عن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، ومن ثم فإنها قد خفضت ما تقدمه من معونات للدول النامية، ولا ينتظر منها أن تستجيب لمطلب إلغاء الديون المصرية على سبيل تعاطف مشكوك فيه مع ثورة يناير، ولا حتى فى مقابل الإعلان الغريب من الحكومة أنها لن تحيد عن سياسة الاقتصاد الحر.
ومن المعروف أن الحكومة الأمريكية لا تقدم مساعداتها بدون شروط. وهذه الشروط تدور حول خدمة المصالح الأمريكية فى بلادنا، والتى تشتمل على حماية أمن أمريكا وتوسيع نفوذها السياسى فى بلادنا وخدمة الأهداف الإسرائيلية، وعلى تأمين مصالح الشركات الأمريكية والشركات متعددة الجنسيات فى فتح أسواقنا أمام منتجاتها واستثماراتها بغض النظر عما يمكن أن يترتب على ذلك من ضرر للصناعات الوطنية. فهل يستقيم، وقد أحيت الثورة فينا الشعور بالعزة والكرامة، أن نسلك سبيلا ينطوى على المساس بالعزة والكرامة؟ وقد أسعدنى أن أقرأ فى أهرام 2 مايو خبرا يفيد برفض الحكومة المصرية شروط واشنطن المرتبطة بتقديم مساعدة قدرها 150 مليون دولار، ورفض الإجراءات الأحادية من جانب هيئة المعونة الأمريكية، وبخاصة التجاوزات فى أسلوب تنفيذ بعض المشروعات خصوصا ما يتعلق بتقديم تمويل مباشر من برنامج المساعدات الاقتصادية للقطاع الخاص ولمنظمات المجتمع المدنى بشكل مباشر.
ولكن ألم تكن حكومتنا فى غنى أصلا عن سؤال اللئيم؟ وألم يكن من الحكمة ألا تطرق هذا الباب الذى لم يكن ما وراءه خافيا عنها؟ وألم يدر بخلد الحكام الجدد أن المنطق يقضى بألا تلجأ للغير إلا بعد أن تستنفد فرص مساعدة نفسك بنفسك؟ ومن المؤكد كما سنرى أن هذه الفرص لم تستنفد بعد.
●●●
وقد ازداد شعورى بالاستفزاز عندما سافر رئيس مجلس الوزراء إلى عدد من دول الخليج داعيا إياها للاستثمار فى مصر، ليس فقط لإغفال منطق أن تبدأ بمساعدة نفسك قبل أن تطلب المساعدة من الآخرين، ولكن أيضا بسبب تبنى الحكومة لافتراض عجيب بأن المستثمر العربى يمكن أن يستثمر فى مصر فى ظروف غيبة الأمن والاستقرار وشيوع حالة من عدم التيقن بشأن ما ستتطور إليه الأوضاع السياسية والاقتصادية مستقبلا، وهى الظروف التى جعلت المستثمرين المحليين يحجمون عن الاستثمار فى بلدهم.
●●●
ويستولى على شعور بالاستغراب من تكرار الدعوة من جانب كبار المسئولين إلى الشعب لإعادة عجلة الاقتصاد إلى الدوران. فكأن المصريين فى حالة إضراب دائم عن العمل، وكأن فرص العمل متاحة ولكن المتعطلين يتبطرون عليها. وبالطبع تحدث انقطاعات هنا أو هناك فى سير عجلات الإنتاج بين وقت وآخر نتيجة للاحتجاجات العمالية. ولكن هذا ليس السبب الرئيسى فى الركود، الذى أصاب الاقتصاد المصرى إبان أحداث الثورة. بل وربما كان عدم الاستجابة لبعض مطالب زيادة أجور الفئات الدنيا وتقليص أجور الفئات العليا وتثبيت العمالة المؤقتة سببا فى استمرار الركود، حيث ان الزيادات فى أجور هذه الشرائح من العاملين ستتدفق فورا إلى السوق وتحرك عجلة الإنتاج.
إن جانبا من الركود يعود إلى توقف بعض الأنشطة وبخاصة السياحة والصادرات، وتراجع حصيلة تحويلات العاملين فى الخارج، خاصة مع نشوب ثورات فى دول مستقبلة للعمالة والصادرات المصرية وعودة أعداد كبيرة من المصريين صفر اليدين منها، وأصبح من المتعين تدبير فرص عمل لهم.
أضف إلى ذلك ما حدث من خسائر واضطراب فى عمليات الإنتاج بسبب ما قامت به ولم تزل القوى المضادة للثورة من تخريب وتدمير لبعض المنشآت العامة والخاصة، ومن إشاعة للفوضى والترويع ومن جرائم أخرى، فضلا على الفلتان الأمنى. وعلاوة على هذا وذاك فإن انكماشا أصاب الاقتصاد بسبب انخفاض الطلب، الذى نجم عن انخفاض الإيرادات العامة، وبسبب تسرب قدر لا بأس به من النقد الأجنبى إلى الخارج تهريبا أو تمويلا لطلب متزايد على الواردات، وبسبب تراجع الاستثمار الأجنبى المباشر.
●●●
لاحظ إن حالة الاقتصاد المصرى لم تكن على ما يرام أصلا قبل الثورة، ولا حتى قبل تأثر الوضع الاقتصادى بالأزمة الاقتصادية العالمية التى وقعت فى خريف 2008. وليس صحيحا ما ذكره وزير المالية بأن الاقتصاد المصرى كان يسير بشكل جيد من حيث النمو، وأن المشكلة كانت تنحصر فى أن ثمار هذا النمو لم تكن تتوزع بشكل عادل. بالطبع كان توزيع الدخل والثروة بعيدا عن العدالة وانحاز بشكل صارخ للأغنياء. ولكن كانت هناك مبالغات ضخمة فى معدلات النمو الاقتصادى التى قيل أنها دارت حول 7% سنويا فى السنوات الثلاث السابقة على الأزمة الاقتصادية العالمية، بينما لم تكن تزيد على 4% فى حقيقة الأمر، وكانت مساهمة القطاعات الإنتاجية الرئيسية، وبخاصة الصناعة التحويلية والزراعة، فى النمو الاقتصادى ضعيفة جدا. فقد كان نصيب الصناعة التحويلية فى الناتج المحلى الإجمالى فى حدود 16%، وهو قريب من المستوى الذى كانت مصر تحققه فى أواخر الستينيات من القرن الماضى. كما أن الزراعة المصرية كانت تعانى ضعفا شديدا فى الاستثمارات، مما أدى إلى بطء نمو الإنتاج الزراعى وتفاقم مشكلة الأمن الغذائى.
●●●
إذن عجلة الإنتاج لم تكن تسير قبل الثورة لا بالسرعة الواجبة ولا فى الاتجاه الصحيح. وجاءت أحداث الثورة وتصرفات القوى المضادة للثورة عندنا وفى عدد من الدول العربية لتزيد الأمر سوءا، ليس فقط من الناحية الاقتصادية، ولكن من الناحية الأمنية أيضا. فى هذه الظروف يلزم تعويض التراجع فى الإنتاج وفى الطلب الكلى، لاسيما الاستثمار الخاص المحلى والأجنبى بجرعات إنفاق تكون بمثابة ضخ دماء جديدة فى الجسد الاقتصادى المنهك، تنعش الإنتاج وتزيد من فرص العمل والأجور. وهو ما يزيد الطلب الكلى ويدخل الاقتصاد فى دورة حميدة من النمو، ويشكل قاعدة جذب جديدة لكل من المستثمر المحلى والمستثمر الأجنبى. وربما تكون هناك أفكار متعددة لتحقيق هذا الهدف، بعيدا عن أسلوب الاستجداء أو الاستعطاف أو الاقتراض. ولكن من بين هذه الأفكار تلح على فكرة أود أن أعرضها كمثال لما يمكن عمله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.