«الجرو» اسم غريب لقرية فقيرة من قرى محافظة بنى سويف، سقطت من حسابات الحكومة وأصبحت مرفوعة من الخدمة إلى أجل غير مسمى. هناك يعيش أكثر من 3000 ألف مواطن يقطنون فى حضن جبل أبو صير الملق بجوار مطار دنديل والطريق الصحراوى الغربى، فى منازل تم إنشاؤها بالطوب اللبن بدون سقف يحميهم من حرارة الصيف وبرد الشتاء فضلا عن عدم وجود مرافق أو كهرباء أو مياه شرب أو صرف صحى وتعليم وكأنهم يعيشون فى العصور الحجرية القديمة. «الجرو» هى إحدى قرى مجلس محلى «نديل» التابعة لمركز ناصر، وهى مثل صارخ على تعنت الجهاز التنفيذى وسياسته فى خداع المواطنين الغلابة والفقراء الذين ليس لهم إلا الفقر وقلة الحيلة. يقول فارس محمد عبد الله، 42 سنة، فلاح: «خرجنا من دائرة الاهتمام الحكومى على الرغم من أننا نسمع عن ملايين الجنيهات التى تصرف على القرى الفقيرة المحرومة. وعلى سبيل المثال نعانى عدم وصول مياه الشرب، حيث نعتمد على المياه الجوفية ومياه الترع وهى مياه ملوثة لا تصلح للشرب، الأمر الذى أدى إلى تزايد الأمراض المستوطنة وانتشار الفشل الكلوى والكبد والأمراض الجلدية». أما عبد السلام عبد الحفيظ، 45 سنة، فلاح، فيقول: «أزمة المواصلات صداع فى رأس الأهالى، الذين يواجهون مشكلة كبيرة فى نقل أولادهم إلى المدارس البعيدة أو شراء مستلزمات الحياة. وإذا وجدنا السيارة فلا يوجد طريق ممهد لسير السيارات عليه»، وأضاف: «لم يقم أى محافظ أو مسئول بزيارة القرية أبدا لحل مشكلاتها المتراكمة». وتبدو المشكلة الصحية بالقرية متجسدة فى حالة المواطن حسن محمد عبد الفتاح رحومة، 62 سنة، فلاح، الذى يعيش فى غرفة واحدة هو وزوجته، وهو مريض بالصرع والصداع، ويقوم بشراء علاج بأكثر من 300 جنيه فى الشهر، فى الوقت الذى لا يوجد لديه دخل ثابت، والقرية محرومة من الوحدة الصحية وهو ما ترك عددا كبيرا من أهاليها فريسة للأمراض الوبائية. أما حسين سالم جنيدى، 80 سنة، فلاح، الذى يعيش بمفرده هو وزوجته على 60 جنيها يتقاضها من إدارة التضامن الاجتماعى، فيقول إننى مريض بهشاشة فى العظام ولا أقدر على الحركة أو المشى. ولعدم وجود رعاية صحية بالقرية وعدم وجود وسيلة مواصلات أفوض أمرى إلى الله. علاوة على ما سبق يقول عبد المعطى عبدالحميد عبد السلام، 30 سنة، فلاح: «القرية تعيش مشكلة تعليمية فلا توجد مدرسة لأولادنا، الأمر الذى أدى إلى انتشار الأمية وعزوف أولياء الأمور عن تعليم أولادهم، لاسيما مع اضطرار التلاميذ للمشى 7 كيلو مترات وسط الصحراء والزراعات لكى يصلوا إلى مدارس القرى المجاورة مثل أبو صير الملق، وكوم أبوخلاد. ويقول محمد سلطان عبد السلام، 50 سنة، مزارع: «القرية تحصل على رغيف الخبز بصعوبة من القرى الأخرى ومحرمون من مخبز يكفى احتياجات المواطنين، لأن صناعة الخبز فى المنازل مكلفة ونحن أسر معدومة وقدمنا طلبا إلى إدارة التموين بناصر لإنشاء مخبز بلدى ولكن لم نستطع الحصول على الموافقة من قبل الإدارة». أما محمد سيد، 30 سنة، فلاح، فيقول: «لا نعرف شكل اللحمة لأنها لا تباع فى قريتنا ولا نستطيع شراءها لأن سعر الكيلو فى المحافظة 55 جنيها، ونحن من محدودى الدخل، ونقوم بشراء فرخة فى الشهر، هذا ناهيك عن أننا لا نعرف شكل التليفزيون ولا الراديو لعدم وجود الكهرباء فى المنزل، فى انتظار أن يضعنا المسئولون فى حساباتهم.