أكد محمد الصفدي، وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، أن مسألة الملكية الفكرية وجرائم المعلوماتية تطرح إشكالية حقيقية تتمثل في كيفية الحفاظ على حقوق المؤلفين والمبدعين، في وقت فتحت ثورة الإنترنت أمام الناس خطوط الانتشار السريع للمعلومات واستنساخ الوثائق والبيانات. ووصف خلال افتتاحه، اليوم الثلاثاء، منتدى الحكومات العربية للملكية الفكرية وجرائم الإنترنت الذي تستضيفه العاصمة اللبنانية بيروت بمناسبة اليوم العالمي للملكية الفكرية التوفيق بين الثورة الرقمية من جهة ومواجهة التعدي والقرصنة على حقوق المؤلفين والفنانين من جهة ثانية بالمعادلة الصعبة بين الاستخدام العادل للمعلومات وحقوق ملكيتها. وشدد على أن وصول الباحثين إلى مصادر المعلومات يشكل حاجة حيوية لتطوير الأبحاث العلمية التي تمثل أبرز دعائم الاقتصاد العالمي الرقمي، فيما يؤدي استخدام الشركات الاحتكارية لمصادر المعلومات الرقمية إلى بروز مشكلة حماية حقوق المؤلف الذي يتم استنساخ معلوماته دون وجود تشريعات خاصة لحمايته، ذلك أن التشريعات السابقة لا تكفي لحماية حقوق المؤلف وإتاحة المعلومات لطالبيها في آن واحد. ولفت إلى أنه رغم اختلاف فلسفة حماية حق المؤلف وأهدافه من دولة إلى أخرى، فإن آثاره تتعدى مجرد تحقيق الحماية للفكر والإبداع في الدولة حيث يعد آلية من آليات تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتقنية والثقافية، ما يؤدي إلى ضرورة نشر الوعي العام بأهمية حماية حقوق الملكية الفكرية، ومنها حقوق التأليف لدعم الإنتاج الفكري بإبداعاته. وأوضح الصفدي أن الثورة الرقمية والنمو الكبير الذي شهدته اقتصاديات المنطقة ترافقت بزيادة ملحوظة على مستوى مبادرات مكافحة قرصنة البرمجيات والجرائم الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، إلا أنه يتوجب في الوقت الراهن توظيف هذه المبادرات على نحو أكثر فعالية، ولا سيما في العالم العربي الذي يتطلع إلى التحول لمجتمع متكامل قائم على المعرفة. وأبدى حرص بلاده على مواكبة الثورة الرقمية العالمية بتشريعات تحمي حقوق المؤلفين، وتحفظ موقع لبنان بلدا منتجا للإبداع. وأكد أنه يعلق أهمية بالغة على التعاون والشراكة الفعالة بين الدول العربية وعلى تبادل الخبرات بين القطاعين العام والخاص ومع الهيئات غير الحكومية، وكذلك المنظمات الدولية وفي طليعتها المنظمة العالمية للملكية الفكرية. وتحدث جواد الرضا داية، رئيس جمعية منتجي برامج الكمبيوتر التجارية في منطقة الخليج، معتبرا أن الملكية الفكرية في الوقت الراهن من الأدوات الفعالة في التنمية الاقتصادية في ضوء مدى توافر الحماية الفعالة للملكية الفكرية والالتزام بالمبادئ الدولية المنصوص عنها في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية. وأشار إلى أن قضية حماية حقوق المؤلفين والمبدعين في العصر الرقمي تدل على اهتمام الدول بمواجهة التعدي والقرصنة، وخصوصا قرصنة البرمجيات، بعد أن أظهرت شبكة الإنترنت تحديا لقوانين حق المؤلف، وذلك من خلال الثورة الرقمية التي أحدثتها، ما أدى إلى قفزة نوعية في سهولة انتقال المعلومات وتبادلها واستنساخ الوثائق وبرامج الحاسب الآلي وقواعد البيانات إلى جانب مصنفات الوسائط المتعددة، وكل هذه التطورات تمثل تحديات رهيبة لسياسات الحماية من الانتهاكات. ولفت إلى أنه رغم الجهد المبذول في اتجاه حماية الملكية الفكرية في العالم، فإن الطريق لا يزال طويلا أمام التغيير، حيث لا يقتصر الأمر على فرض القوانين بل ينطوي في حقيقة الأمر على بعد أعمق يتعلق بثقافة مجتمع لا تزال مؤسساته وهيئاته الثقافية وأفراده لا يجدون غضاضة في التعاطي مع منتجات مزورة تتراوح بين الكتاب الورقي والإلكتروني دونما مراعاة لمخاطر الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية للمبدع والمؤلف وبين الواقع الصعب. كما تحدث أمجد عبد الغفار، مدير المكتب الإقليمي للبلدان العربية في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، معتبرا أنه في الأيام الحاضرة لم تعد التكنولوجيا خيارا، بل أصبحت واقعا وحاجة يتحتم التعامل معها بمسؤولية وبجدية كبيرتين. ورأى أن التحدي الذي يواجه الدول النامية اليوم في ظل اقتصاد عالمي يعتمد أكثر فأكثر على العلم والمعرفة يكمن في كيفية تحديث وتطوير وتطويع نظام الملكية الفكرية لاستغلاله في دعم النشاط العلمي والتكنولوجي وصقل المهارات واستقطاب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية من خلال تهيئة الظروف المواتية للاستثمار في البحث والتطوير والجودة وربط الاختراعات والابتكارات بالسوق وتيسير نقل التكنولوجيا والمعرفة الفنية وتحديد أولويات السوق وتنفيذ سياسة وطنية حكيمة للتنمية التكنولوجية والثقافية والصناعية والتجارية. وأوضح أن السلع المقلدة تفوق قيمتها 200 ألف مليار دولار في السنة الواحدة وما برحت الجهود تتضافر على قدم وساق لمعالجة هذا الوباء.