أكد الدكتور عبد المعطي بيومي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وعميد كلية أصول الدين الأسبق، أن "القارئ يقع على عاتقه مسؤولية أكبر وأخطر من الكاتب نفسه، فعليه أن ينتقي ويغربل ما يلقى إليه من كتابات، وأن يجيد فهمها، ويبحث فيها"، كما أكد "ضرورة البحث عن تفسير جديد للقرآن ليتماشى مع معطيات العصر ومتطلباته ومشكلات الحاضر". جاء ذلك في الندوة التي عقدت مساء أمس الأحد، في قاعة "صلاح عبد الصبور" في الهيئة العامة المصرية للكتاب، ضمن الاحتفالية باليوم العالمي للكتاب، والتي استمرت يومين. وجمعت الندوة بين الدكتور والمفكر يحيى الرخاوي، عالم النفس، والدكتور عبد المعطي بيومي، وأدار الندوة الأستاذ الدكتور أحمد زكريا الشلق. حول بداية الكتاب في مصر، والمطابع وقال الدكتور الشلق: إن "الكتاب كان ولا يزال وعاء المعرفة في العالم، سواء كان إليكترونيا أو ورقيا، وقد عرفناه في القرن التاسع عشر، وليس على يد الحملة الفرنسية، فقد كان محدودا أيامها بالمطبوعات الفرنسية فقط، ولم يطبع الفرنسيون أي كتب عربية"، مضيفا، أنه "في عام 1820 أسس محمد علي المطبعة الأميرية الموجودة في بولاق الآن، وتم طباعة جريدة الوقائع كأول جريدة مطبوعة في مصر". وأكد الشلق أن: "القرن التاسع عشر، قرن الحداثة المصرية ونهضة مصر في الطباعة، وهذا خلق ما يسمى ب(الثقافة العامة) الواعية، والتي على أساسها نستطيع أن نقول: "إذا أردت أن تحكم على وعي شعب، انظر إلى ماذا يكتب وماذا يقرأ وماذا ينشر". الكتابة هي بدء التحريك وليس إبلاغ الرسالة وقال الدكتور الرخاوي: إن الكتابة "هي بدء تحريك الدوافع، ومهمتها تحفيزية وليس تبليغ الرسالة فقط"، فقد حفظت ما لم يكن يعرف أنه فكر فيه مسبقا هو أو غيره من المفكرين. ويبين الرخاوي أن "الإيمان بالغيب هو الإيمان بتعدد قنوات المعرفة، والتفكير بالمعنى غير المحدود للكتابة، وكونها متعددة القنوات التي تصب في نهايتها إلى مصب العلم والمعرفة". المتلقّي كمبدعٍ ثانٍ كما قال الرخاوي: إن "المتلقي للإبداع إنما هو الآخر مبدع، فالمتلقي يعيد إبداع ما أبدعه المبدع"، وضرب مثلا شخصيا قائلا: "أنا لا أشخّص مرضاي، وإنما أقرأ النص البشري المتمثل في العقل البشري، ولا أكتفي بقراءته وإنما أعيد تشكيله". الكتاب روح الحضارة وحاملها عبر الأجيال وقال الدكتور عبد المعطي بيومي في كلمته: إن "منطلق الحضارة العربية الإسلامية كانت (الكتابة)، فهي ليست معجزة حسية ولا كونية، وبلغت من عظمتها أنها من طبيعة نقل الرسالة"، مضيفا، "أن الكتاب هو الديوان لكل الرسالات السماوية، كصحف إبراهيم وموسى والإنجيل والقرآن، ما جعلها باقية، حتى الأديان الوضعية، والتي وضع أسسها البشر كالبوذية والزرادشتية والهندوسية، إنما بقاؤها راجع لأنها سجلت تعاليم قائدها في كتب، فالكتاب هو روح الحضارة وحاملها عبر الأجيال"، مؤكدا أنه كلما بقي الكتاب كانت الرسالة مؤهلة للبقاء. مسؤولية القارئ أخطر مسؤولية من الكتابة وقال بيومي: "إننا نعيش عصرا تغيب فيه مسؤولية الكاتب، فالمهم الآن هو عدد الكتب التي طبعها، وليس المجهود المبذول، فكثير من الكتب لو أمرنا أن تعود الكلمات إلى مكانها الأول، لعادت الكلمات إلى كتب الأوائل ولأصبحت أوراقها بيضاء، فمن لا يتكلم بالجديد، فالصمت به أولى"، قائلا: إن "بعض الكتاب جاؤوا من وراء القرون القديمة، فهم كأبي الهول إلا أنهم يتحركون"، وأكد أن "القاريء مسؤول أن يغربل ما يقرأ وينقده، فالقراءة يجب أن تكون مغلفة بمشكلات عصره". لا يوجد ما يسمى بنظرية السياسة الإسلامية.. ولا يوجد تفسير للقرآن يناسب عصرنا وأكد بيومي أنه لا يوجد ما يسمى بنظرية السياسة الإسلامية، فلا يوجد في الدين سياسة، ولا يوجد نظريات دينية سياسية ولا دينية اقتصادية، ومن يكتب في النظريات الإسلامية، يأتي بنظريات من قرون بائدة مضت، ولا تناسب عصرنا. كما أكد أنه لا يوجد تفسير للقرآن الكريم يناسب عصرنا، فآخر التفاسير ظهر في زمن الإمام محمد عبده، وهذا لا يجوز، فالمطلوب تفسير مغلف بمشكلات العصر، متمعنا في ظروفنا الحاضرة، لأن القرآن دائم في كل وقت وزمان، والمعنى يقف دائما بين النَّص وثقافة المتلقي". أمسية شعرية غنائية وأعقبت الندوة أمسية شعرية أدارتها دكتورة سهير المصادفة، وألقى الشاعر حلمي سالم قصيدة "نشيد الميدان: ارفع رأسك عاليةً.. أنت المصريّ"، وقصيدة "سالي زهران" التي قال فيها: "لو أني رأيتكِ قبل يناير.. كانت أسرتْني عيناكِ الصاحيتين"، والشاعرة فاطمة قنديل، وميسون صقر. واختتمت الاحتفالية بغناء على العود للفنان النوبي كرم مراد، الذي تغنى بأغنيات من التراث النوبي، كأغنية "في الماشية الطاووس"، و"الماريا" التي قال فيها: "صلّت معايا ع النبي.. وبكيت معاها ع المسيح"، كما تغنى بأغنية "متفسروش حلمي.. أنا بس بتمنى.. ريحة خبيز أمي.. جاية من الجنة"، واختتم أغانيه بمربوعات من أغنية "عشق البنات".