صانع الدساتير يرحل بعد مسيرة حافلة، وفاة الفقيه الدستوري إبراهيم درويش    مائدة إفطار البابا تواضروس    طلاب جامعة دمياط يتفقدون الأنشطة البحثية بمركز التنمية المستدامة بمطروح    دورنا مجتمعي ولسنا حزبًا سياسيًا.. مصطفى بكري يكشف أهدف اتحاد القبائل العربية    الجيزة: انتهاء الاستعدادات لتلقى طلبات التصالح في مخالفات البناء بدءًا من الغد    غداً.. «التغيرات المناخية» بإعلام القاهرة    المخلفات الصلبة «كلها خير»| فرص استثمارية واعدة ب4 محافظات    إزالة الإعلانات المخالفة في حملات بمدينتي دمياط الجديدة والعاشر من رمضان    زيادة في أسعار كتاكيت البيّاض 300% خلال أبريل الماضي وتوقعات بارتفاع سعر المنتج النهائي    نواب وأحزاب: مصر تؤدي واجبها بكل جدارة وشرف.. وتأييد شعبي لجهودها    "خارجية النواب": الجنون الإسرائيلي في إدارة ملف حرب غزة بسبب الخوف من المحاسبة    خاص| مستقبل وطن: ندين أي مواقف من شأنها تصعيد الموقف ضد الشعب الفلسطيني    تين هاج: كلمات برونو بشأن مستقبله أُخذت خارج سياقها    الشناوي يشارك بمران الأهلي    فقرات فنية ترفيهية وتوزيع الشيكولاته ضمن احتفال استاد المنصورة بشم النسيم (صور)    الإنقاذ النهرى تكثف البحث عن جثمان شاب غرق بالنيل أثناء احتفالات شم النسيم بالأقصر    موعد عيد الأضحى 2024 طبقا للحسابات الفلكية في مصر.. فضل يوم عرفه وأبرز الداعية المستحبة في هذا اليوم    التموين: تم ضبط كميات كبيرة من الرنجة الفاسدة خلال شم النسيم 2024    فرقة وادي النطرون تقدم «ونيسة» ضمن مسرح قصور الثقافة    نور قدري تكشف تطورات الحالة الصحية لابنها    قبل عرضه في مهرجان كان.. الكشف عن البوستر الرسمي لفيلم "شرق 12"    "القارب" فيلم نادر لعمر الشريف يعرض في الدورة الثانية لمهرجان الغردقة لسينما الشباب    في 6 خطوات.. اعرف كيفية قضاء الصلوات الفائتة    أطعمة يجب تجنبها في الصيف لتجنب عسر الهضم    صحة الإسماعيلية.. توعية المواطنين بتمارين يومية لمواجهة قصور القلب    بعد تعافيه من الإصابة.. سبب استبعاد أليو ديانج من مباريات الأهلي (خاص)    لسهرة شم النسيم 2024.. طريقة عمل كيكة البرتقال في المنزل    توقف خط نقل الكهرباء بين السويد وليتوانيا عن العمل    كلوب عن صلاح عندما تألق    أمينة الفتوى تكشف سببا خطيراً من أسباب الابتزاز الجنسي    متضيعش فلوسك.. اشتري أفضل هاتف رائد من Oppo بربع سعر iPhone    وزير النقل يتابع إجراءات الأمن والسلامة للمراكب النيلية خلال احتفالات شم النسيم    أمير قطر ورئيس وزراء إسبانيا يبحثان هاتفيًا الاجتياح الإسرائيلي المرتقب لرفح    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    لقاء علمي كبير بمسجد السلطان أحمد شاه بماليزيا احتفاءً برئيس جامعة الأزهر    المصريون يحتفلون بأعياد الربيع.. وحدائق الري بالقناطر الخيرية والمركز الثقافي الأفريقي بأسوان والنصب التذكاري بالسد العالي يستعدون لاستقبال الزوار    أفراح واستقبالات عيد القيامة بإيبارشية السويس.. صور    الصحة تعلن إجراء 4095 عملية رمد متنوعة مجانا ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    نانسي عجرم توجه رسالة إلى محمد عبده بعد إصابته بالسرطان.. ماذا قالت ؟    في العام الحالي.. نظام أسئلة الثانوية العامة المقالية.. «التعليم» توضح    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    إصابه زوج وزوجته بطعنات وكدمات خلال مشاجرتهما أمام بنك في أسيوط    في خطوتين فقط.. حضري سلطة بطارخ الرنجة (المقادير وطريقة التجهيز)    المستشار حامد شعبان سليم يكتب :الرسالة رقم [16]بنى 000 إن كنت تريدها فاطلبها 00!    مصرع شخصين وإصابة 3 في حادث سيارة ملاكي ودراجة نارية بالوادي الجديد    مفوضية الاتحاد الأوروبي تقدم شهادة بتعافي حكم القانون في بولندا    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    غدا.. إطلاق المنظومة الإلكترونية لطلبات التصالح في مخالفات البناء    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    لماذا يتناول المصريون السمك المملح والبصل في شم النسيم؟.. أسباب أحدها عقائدي    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    استشهاد طفلان وسيدتان جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي الجنينة شرق رفح    تعليق ناري ل عمرو الدردير بشأن هزيمة الزمالك من سموحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد مصادرة 3 أعمال أدبية من بينها (النبى) لخليل جبران.. الرقيب (يطارد) مصر ما بعد الثورة
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 04 - 2011

من جديد يصطدم الإبداع بحائط مكتب «الرقابة على المطبوعات الأجنبية»، إذ شهد الأسبوع الماضى جدلا واسعا حول منع ثلاثة كتب أدبية هى «أبناء الجبلاوى» لإبراهيم فرغلى، «النبى» لجبران خليل جبران، و«هورجادا» لرأفت الميهى من دخول مصر.
الكتب الثلاثة كانت فى معارض خارج مصر، وفوجئ ناشروها بمصادرتها فى المطار، «المصادرة» كلمة لم يكن أحدهم يتوقع سماعها فى مصر بعد الثورة، هذا ما أكده وزير الثقافة دكتور عماد أبوغازى قائلا: «مصادرة نص أدبى أمر مرفوض جملة وتفصيلا، فالقانون المصرى ينص على أنه لا رقابة على المطبوعات، وإن كان بها مخالفة قانونية فعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء ليقول كلمته، ولتكن المصادرة بناء على قرار المحكمة المصحوب بحيثيات المنع».
وتابع مبديا دهشته: «هذا تصرف شاذ وغريب من الموظف المسئول، هذه الأعمال منشورة ومتداولة فى مصر منذ سنوات».
ربما لم يهتم هذا الموظف المسئول بتجاوز الزمن لمخاوف الثلاثينيات من القرن الماضى، وقت أن صدر قانون المطبوعات الذى يعمل وفقا له مكتب الرقابة على المطبوعات الأجنبية، التابع لوزارة الإعلام (الملغاة)، «فالرقابة على المطبوعات الأجنبية عفا عليها الزمن ولابد أن يتم تحديث القانون المصرى ليستوعب معطيات العصر» حسبما أكد أبوغازى.
ما حدث وإن كان قد سبب لمثقفى مصر حرجا أمام نظرائهم فى العالم العربى «ليس من اختصاص وزارة الثقافة، بل هو جزء من اختصاصات وزارة الإعلام الملغاة!» كما رد أبوغازى مؤكدا أنه كمثقف مصرى قبل أن يكون وزيرا يرفضه «جملة وتفصيلا».
يعيدنا ذلك إلى شكوى طالما رددها المثقفين المصريين من جهل الرقيب، وإن كانت ثمة دلالة فيما جرى فترى الناشرة فاطمة البودى، أنها «استمرار قطاعات حيوية من جهاز إدارة الدولة فى العمل وفقا لمنهج القمع السابق دون تغيير»، وتروى أنها حاولت إقناع الموظفون بأن الرواية (تقصد أبناء الجبلاوى) مصرية لكنها طبعت فى مطابع المنطقة الحرة، بالتالى فلا معنى لاستمرار عرقلتها، وتقول: «هذه الرواية طبعت أول مرة فى المنطقة الحرة فاعتبرها المسئولون مطبوعة أجنبية ورفضوا دخولها مصر قبل عامين، ورفضوا إصدار أوراق بأسباب المنع، لكنى أعدت طبعها داخل مصر، ووزعت الرواية وقُدمت لجوائز، لكن السيد المختص لا يقرأ ولا يعلم أن هذا العمل الأدبى موجود على أرفف المكتبات جميعا».
لا يقل ذلك عما حدث مع كتاب «النبى» لجبران خليل جبران، فالكتاب الذى تعج السوق المصرية بطبعات مختلفة، لاقى اعتراض الرقيب الذى «ربما أثار فضوله الكتاب باعتباره كتابا دينيا» يقولها الكاتب إبراهيم أصلان ساخرا، ويضيف بمرارة: «ما حدث فضيحة حقيقية لمصر».
يبرز فى قصة الكتب الثلاثة محور أزمة الرقابة فى مصر، فلا أحد يصدر أوراقا توضح أسباب منع كتاب فى مصر، فهذه الورقة إن صدرت تضع صاحبها تحت طائلة القانون الذى ينص على احترام حرية الرأى والتعبير، وطالما استخدمت أجهزة الأمن هذه الطريقة للتخلص من الكتب المزعجة أو للتضييق على المبدعين دون الوقوع تحت طائلة القانون، وهذا ما يؤكده أصلان «لم تكن هناك رقابة رسمية طوال الوقت على المواد الثقافية، لكنها كانت موجودة بشكل شفاهيا»، هذه كانت المعضلة التى واجهها المثقفون طيلة أعوام وربما يوجهونها لأعوام أخرى أن كتبا كثيرة لم يصدر قرار كتابى واحد بمنعها.
ويشرح المحامى والناشط الحقوقى أحمد عزت «أزمة القوانين المتعلقة بحرية الرأى والتعبير فى مصر هى الغموض»، فحتى المصادرة التى تقام بناء على نص القانون ليس لها معيار يمكن فهمه، إذ يحظر القانون نشر المطبوعات التى تخل (بالحياء العام)، وكلمة (الحياء العام) مطاطة جدا بحيث لا يمكن تحديد فعل يعاقبه القانون، أما قانون المطبوعات، فليس به أى مواد يمكن مصادرة الكتب بناء عليها».
اللافت أن إنشاء مكتب الرقابة على المطبوعات الأجنبية لم يكن هدفه الوصاية على الكتابة الأدبية بل إصدار التصاريح الخاصة بدخول «المطبوعات» الأجنبية، ولابد من وضع كلمة مطبوعات هنا بين مزدوجين، إذ إنها كانت وقت صدور أول نص قانونى لمراقبة المطبوعات فى (1823) عبارة عن مجلات ودوريات أجنبية وكتب أراد خديو مصر وقتها محمد على باشا مراقبتها لمتابعة أنشطة الجاليات الأجنبية فى مصر، وحرم عليهم طبع أى كتاب فى مطبعة بولاق (الوحيدة وقتها) دون استصدار إذن خاص منه، واستمرت الدساتير المختلفة فى توارث قانون المطبوعات بجميع تشريعاته، والتى أتاحت له التعامل مع نصوص أدبية دون عرضها على لجان مختصة كما يوضح أحمد عزت، ويضيف: «حتى وإن سلمنا بقبول هذا الكيان غير القانونى، فليس هناك لجنة مختصة لتقييم العمل الأدبى، ومن يمنعها ليسوا مبدعين أو كتابا بل موظفين».
معلقا على ما جرى مع الكتب الثلاثة يشدد أصلان على أنه «رغم عدم تباعيته لوزارة الثقافة فإن تحجيمه مسئولية ملقاة على عاتقها».
لكن قصة الرقابة على الإبداع لم تعد معركة مع الأجهزة الأمنية كما كانت فى سابق عهدها، كما يوضح أصلان قائلا: «المواجهات المقبلة لن تكون مع جهاز أمنى يثبت فى كل مرة تخلفه وفشله فى التعامل مع الملف الثقافى، بل مع التكوين الثقافى لعدد من المسئولين فى وُضعوا فى المواقع الثقافية، ويمارسون رقابة على الأعمال الأدبية، مدعومين بدخول التيارات الدينية على الساحة السياسية مما قد يجعلهم أكثر جرأة على ممارسة الرقابة على الإبداع»
يروى أصلان (وهو صاحب تجربة صدام عنيف مع الرقابة على الأدب بأزمة رواية وليمة لأعشاب البحر) قائلا: «كنت مسئولا عن سلسلة بوزارة الثقافة وطوال الوقت كانت هناك مشاكل مع عناصر متعدد توقف نشر كتاب ما بسبب جملة أو كلمة وندخل فى مفاوضات حولها ونتصل بالكاتب أحيانا ليغيرها أو نعجز عن طبع الكتاب فى النهاية».
هذا النوع من الرقابة التى ينتقدها أصلان «يتطوع به أحيانا المسئول عن الهيئة أو السلسلة أو أطراف لا علاقة لها بعملية النشر أساسا كعمال المطابع ليظل مرضيا عنه»، ويرى أصلان أن هذا السقف المنخفض سواء بالرقابة على الكتب الواردة إلى مصر أو الرقابة «غير المقننة» بتعبيره «لا يتيح للمبدع أن يقف منتصب القامة».
بيأس شديد يقول أصلان إن هذا النوع من الرقابة «موجود كممارسة تلقائية فى كل المواقع الرسمية المسئولة عن النشر لن يستطيع وزير الثقافة وحده أن يغيرها بأى تعليمات أو تشريعات قانونية لأنها ثقافة الناس».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.