عندما يتعلق الأمر بحفل الزفاف الملكي في بريطانيا، فإن ميزانية الأخبار الأجنبية لمؤسسات الإعلام الدولية لا تمثل أي مشكلة. فعلى الرغم من الإجهاد المالي الذي فرضه تدفق متزايد من أخبار المذابح والحروب والثورات، فإنه لا يتم ادخار أي أموال بشأن "حدث الأخبار السارة" المتعلقة بزواج الأمير ويليام وكيت ميدلتون في كنيسة ويستمنستر في 29 إبريل الجاري. ويقول بيرز مورجان، رئيس تحرير سابق لصحيفة شعبية في بريطانيا، إن "الحفل سيكون أكبر حدث في تاريخ التليفزيون، لأنه لا يوجد مشاهير في العالم أبرز من العائلة الملكية". وفي المتنزهات الملكية المحيطة بقصر باكينجهام، أقيمت الهياكل لتضم أستوديوهات ومنصات لكاميرات لما يقدر بنحو ثمانية آلاف صحفي تليفزيوني وإذاعي وفني يتوقع أن يتوافدوا على لندن. وذكرت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية أن الحدث سيشهد أكبر تجمع لطواقم تليفزيونية أجنبية وصحفيين تشهده العاصمة البريطانية على الإطلاق. ويقدر أن يتابع الحفل الذي يبث على الهواء مباشرة نحو ملياري شخص في أنحاء العالم. ففي عام 1981، عندما تزوج الأمير تشارلز بالأميرة ديانا في كاتدرائية سانت بول، شاهد الحفل نحو 750 مليون شخص في أنحاء العالم. وتحاول هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تنظيم أكبر بث دولي مباشر لها على الإطلاق، حيث تبث التغطية في الولاياتالمتحدة على قناة "بي بي سي أمريكا"، وتبث على قنوات "بي بي سي" الترفيهية في أنحاء آسيا والهند وأمريكا اللاتينية وأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا وأستراليا. وكلفت "بي بي سي" 400 شخص بتغطية حفل الزفاف، بينما أمدت شبكة "سي إن إن" الأمريكية فريقها في لندن ب50 موظفا إضافيا. وقال كبير مذيعيها ريتشارد كويست، لصحيفة "ذا جارديان": إن "الأمريكيين يعتبرونه عرضا واقعيا، عرض تليفزيوني شعبي ربما يفتقده الناس في بريطانيا، لأنه يتعلق بمستقبل رأس دولتهم المستقبلي". وهذا هو تقييم مشترك لدى المشاهدين المتابعين للأخبار الملكية في بريطانيا، الذين لاحظوا فرقا شاسعا بين التغطية الإعلامية الأجنبية المكثفة "المبالغ فيها" والتغطية المتواضعة نسبيا -حتى الآن- في بريطانيا. ويقول الكاتب الاجتماعي البارز، بيتر يورك، إنه "على الرغم من أن وسائل الإعلام الأجنبية تبدو مستغرقة للغاية، نبدو نحن غير مبالين بصورة واضحة". وتأكد وجود درجة كبيرة من اللا مبالاة أو ربما افتقاد الشعور بالحدث واضحا بصورة عامة في استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "آي سي إم" البريطانية الشهر الماضي، وأظهر أن 79% من البريطانيين "غير مبالين لحد كبير" أو "لا يهتمون" بالحدث. حتى إذا كان الاستطلاع، الذي طلبته جماعة جمهورية مناهضة للملكية، يترك بعض المجال لتأويله، إلا أن نتائجه هي صدى لتعليقات مراقبين مستقلين. ويقول بيتر كيلنر، رئيس مؤسسة استطلاعات الرأي "يو جوف"، في مقارنة بينه وبين حفل زفاف تشارلز وديانا قبل ثلاثة عقود، "بالنسبة لي أشعر بفرق عن عام 1981. هناك حماس أقل، وعاطفة أقل مما كان عليه الأمر قبل 30 عاما". ويضيف كيلنر إن على الرغم من أنه ليس بالضرورة "شعور مناهض للملكية"، فإن المواطنين "لا يبالون بالأمر" ببساطة. وتركت فترة التسعينيات من القرن الماضي، والتي احتوت على العديد من الفضائح وحالات الطلاق الملكية، ووصلت ذروتها بمصرع الأميرة ديانا في عام 1997 آثارها، بينما تغيرت الساحة الإعلامية بأكملها والعلاقات بين العائلة الملكية والصحافة.