وجدت نفسى احدق فى مقر الحزب الوطنى الديمقراطى المحترق بالتحرير ,مقارنا بينه وبين المتحف المصرى المجاور له. مبنيان كل منهم يحمل دلالة ... ويالها من دلالات. مقر الحزب الوطنى يرمز الى حقبة من المهانة والذل واهدار الحقوق , كنا نتعامل معه كأنه فوق الحياة نفسها , كأى نظام حكم شمولى سلطوى مسيطر على مقاليد الامور. انه صاحب البلاد وهو من يتحكم فى الموارد. من هذا المقر خرجت لنا آلاف التصريحات التى كانت تحبطنا تارة ونتجاهلها تارة اخرى . خرجن لنا مئات الوعود التى لم تنفذ حتى الآن. خرج علينا عشرات الشخصيات التى خيل اليها ان الشعب المصرى هو (على ابن الجناينى) والمطلوب منه ان يظل (على ابن الجناينى) الى الابد. سرقونا , همشونا , افلسونا , اهانونا , باعونا , ضيقوا علينا حتى اصبحت مصر اضيق من من سم الخياط , يجاهد ابناءها ليجدوا مكانا لهم بلا امل. وعلى غرار الفراعنة وكإثبات على ان المصريين من نسلهم , يمحوا كل من اخطأ فى حقهم كما فعل الفراعنة وازالوا من اخطأ فيهم من على جدران المعابد. حرقت مقراتهم , ازيل اسم مبارك من محطات المترو ..... وصموا افراد الحزب والحكومة بالعار الى الابد , هم واولادهم واحفادهم (وهذا اشد عقاب). واصبح مجرد ذكر اسمائهم دليل على الفساد. هل يستطيع احد ان يحنكر سلعة الان؟؟ (ليه !! هو كان احمد عز ولا ايه !!) . نقشوا على كل جدار فى كل شارع فى كل محافظة كاسلافهم قصة كفاح وثورة شعبية وجدت مكانها فى كتب التاريخ ............ ولما لا ؟؟!! هذه هى هواية المصريين. فاذا كان لكل شعب هوايته فالمصريين منذ يوم الخامس والعشرين من يناير وهم يمارسون هوايتهم فى صناعة التاريخ. وعلى النقيض تماما , فالمتحف المصرى بشموخه المعنوى كاحد اهم متاحف العالم لكونه يحتوى على تراث انسانى شعبى وليس تراث حكومة. ما اثارنى فى هذا المشهد هو الدلالة على ان الشعب يبقى والحكومات تزول,يبقى تراث الشعب ويحترق تراث الحكومات (الفاشلة). امام المقر المحترق لوحة تحمل صورة خمسة اطفال مبتسمين للحياة وتحتهم شعار آخر مؤتمر للحزب الوطنى قبل الثورة (( علشان تطمن على مستقبل اولادك )). بالفعل ..... قامت الثورة لكى نطمئن على مستقبل اولادنا , وسنطمئن اكثر عند نجاح اكتمال الثورة