ثلاث ساعات من الكلمات عن مستقبل مصر السياسى، اكتشف بعدها المشاركون فى الجلسة الأولى للحوار الوطنى أنهم لم يبحثوا النقاط الرئيسية على جدول الأعمال. الجلسة «التشاورية» التى دعا إليها نائب رئيس مجلس الوزراء، يحيى الجمل المسئول عن «الحوار الوطنى»، كانت مخصصة لمناقشة «معايير اختيار المشاركين فى الحوار ومحاوره ومكان انعقاده»، لكن معظم الشخصيات العشرين المشاركة فضلت الحديث عن رؤى عامة أو أحكام شخصية أو تصورات لما يجب أن يخرج به هذا النقاش من «عقد اجتماعى جديد» أو «توافق وطنى» حول مستقبل مصر. الحوار بدأ مساء أمس الأول بقاعة الدور الثانى بمجلس الوزراء برئاسة الجمل، بعد مداخلة قصيرة لرئيس الوزراء عصام شرف. وشارك فيه شخصيات تعبر عن تيارات مختلفة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وما بينهما. وضمت القائمة عمرو موسى وهشام البسطويسى وتهانى الجبالى وعمرو حمزاوى وجورج اسحق وحسن نافعة ونجيب ساويرس وإكرام لمعى وعصام سلطان وجلال أمين وأحمد يوسف وعبد المنعم أبوالفتوح وعصام العريان وعبد الغفار شكر وعبد الجليل مصطفى وسكينة فؤاد ومعز مسعود. وغاب محمد البرادعى، الذى منعته ارتباطات أخرى من المشاركة، كما غاب ممثلو شباب 25 يناير «لوجود رموز من النظام السابق ومن المؤيدين لسيناريو التوريث» بين الحاضرين. وكان اللافت مشاركة حسام بدراوى وهانى عزيز وهانى سيف النصر أعضاء الحزب الوطنى سابقا. التفاف «رموز نظام مبارك» حول طاولة الحوار أشعل جدلا ساخنا حول «النقطة الثالثة» فى جدول الأعمال، والمتعلقة «بقواعد التعامل مع أعضاء ورموز النظام القديم ومشاركتهم فى المجتمع الجديد وشروط المصالحة». ففى صياغة أدبية لخصت الكاتبة سكينة فؤاد الموقف المعارض فى سؤال: كيف ونحن نفكر فى عقد اجتماعى جديد أضم من صنع مأساة الأمس؟ رجال الوطنى لم يطلبوا الكلمة للتعليق على السؤال بل أغفلوا «النقطة الثالثة» فى كلماتهم. أما جدوى هذا الحوار، فكانت النقطة التى أثارت الجدل الأكبر. عدد من المشاركين عبر بشكل واضح عن «ريبة وعدم ثقة» فى حوار «قد يعيد إنتاج عملية بشكل تقليدى دون نتائج حقيقية»، كما قال جورج إسحق، مستندا فى تشككه إلى ما اعتبره «طبخات سابقة التجهيز خرجت علينا دون تشاور»، أو ما وصفه عصام العريان «بمنتج معد سلفا» تم دعوتهم للحوار حوله، وهو ما نفاه يحيى الجمل. الورقة الوحيدة التى أعدت سلفا، وزعت على الحضور قبل الاجتماع بقليل، ضمت 9 نقاط أساسية اقترحتها «الأمانة الفنية للحوار»، وتناولت قضايا وأفكارا معظمها على قدر كبير من العمومية. وأثارت جدلا آخر بدأه جلال أمين حول ترتيب الأولويات. «فيه حاجات لا يمكن تأجيلها وحاجات يمكن تأجيلها وهى مستمرة بطبيعتها ولها منابر أخرى». الملاحظة التقطها عمرو حمزاوى متحدثا عن «الأفق الزمني» للحوار المحدد بالانتخابات البرلمانية. وصنف الأفكار المطروحة إلى ثلاث قضايا، الأولى تحت عنوان القضايا «الكبرى ويجب أن تؤجل ولا تصلح للنقاش فى الفترة الزمنية المحددة» مثل التحول إلى مجتمع المعرفة والعدالة الاجتماعية والنظام الرئاسى. والثانية قضايا «عاجلة» مثل نظام الانتخاب والمجالس المحلية ودولة القانون. والأخيرة قضايا «متعلقة بهوية الدولة»، اعتبر حمزاوى أن المشاركين فى الجلسة أو من سيخلفهم على المقاعد فى جلسات تالية «غير مؤهلين لحسمها، لأننا هيئة مختارة وليست منتخبة». عبارة حمزاوى أعادت اللقاء لنقطة البداية وللسؤال الأساسى، عن كيفية اختيار مجموعة العشرين أو المجموعات الأخرى التى تضم 165 شخصية عامة للجلسات التمهيدية، وأيضا إلى طريقة اختيار المشاركين فى الحوار نفسه المقرر أن يبدأ نهاية الشهر أو مطلع مايو على أقصى تقدير ويتجاوزه إلى «صلاحيات» الحوار «وضمانات» أن مخرجاته ستتجاوز إطار «الدردشة». القائمون على الحوار تحدثوا عن أحزاب سياسية وعن نقابات رسمية ومستقلة ستتم دعوتها تباعا، للقاء فى قاعة مجلس الشعب، كما اقترحت «الأمانة الفنية» حوارا «علنيا» يستمر ثلاثة أشهر، ويذاع مباشرة على التليفزيون وعلى الإنترنت وبحضور مراقبين وبتنسيق مع المجتمع المدنى لضمان، كما يأمل القائمون عليه «التواصل مع المواطن فى كل قرية». وتعقد الجلسة الثانية من الحوار التمهيدى الأحد المقبل فى مجلس الوزراء.