بعد 72 ساعة من الآن، يفترض أن يذهب الناخبون المصريون إلى صناديق الانتخاب صباح السبت، لكى يدلوا بأصواتهم فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية المقترحة كى نعبر بها المرحلة الانتقالية. وباستثناء قلة هى النخبة التى حسمت أمرها سواء بالتصويت ب«نعم» أو «لا»، فإن الغالبية تقريبا فى حيرة من أمرها، لا تدرى أيهما الأفضل، هل توافق أم ترفض؟. معظم من التقيتهم فى الأيام الماضية حائرون.. يقولون ببساطة: إنهم إذا سمعوا متخصصا فى القانون يطالبهم بالتصويت ب«لا» فإنهم يقتنعون برأيه، لكن وبعد دقائق إذا سمعوا خبيرا آخر يطالبهم بالتصويت ب«نعم»، فانهم يقتنعون برأيه أيضا، وبالتالى فانهم يسألون.. ماذا نفعل؟!.. هؤلاء المحتارون أو الذين لم يحسموا أمرهم جميعهم مع الثورة، وبعضهم شارك بفاعلية وجزء منهم اعتصم فى ميدان التحرير. الذين سألونى كانوا يعتقدون اننى أملك اجابة شافية قاطعة حاسمة، لكننى وتلك هى الحقيقة متردد مثلهم، رغم اننى اجتهدت وقرأت معظم ما كتبه السادة المتخصصون الأفاضل عن المسألة. لكن لو كنت أملك نصيحة للناخبين الذاهبين إلى صناديق الاقتراح فهى أن يسألوا أنفسهم أولا ماذا يريدون؟! لو أجابوا عن هذا السؤال فسوف يعرفون بالضبط هل يقولون نعم أم لا. الإجابة بطريقة أخرى هى كالتالى: إذا كان الناخب يريد فترة انتقالية قصيرة، لا تزيد على ستة أشهر مثلا يتم خلالها انتخاب برلمان جديد ثم رئيس منتخب ويعود الجيش إلى ثكناته فعليه أن يجيب بنعم. أما إذا أراد الناخب ان تطول الفترة الانتقالية ويتم اسقاط الدستور القديم كاملا وليس تعليقه وان يكون كل شىء جديدا ومعبرا عن روح الثورة فعلينا أن نتحمل استمرار وجود الجيش فترة أطول. وأن يكون هناك مجلس انتقالى لا نعرف على أى أساس سوف نختاره، ثم نبدأ فى اختيار لجنة تأسيسية لاعداد الدستور الجديد، بعدها يتم الاستفتاء عليه ثم نشرع فى انتخابات تشريعية يعقبها انتخاب رئيس الجمهورية. إذا أراد الناخب ذلك فعليه أن يصوت ضد التعديلات الراهنة. وللموضوعية فالخيار بين «نعم» و«لا» ليس سهلا ولا يشبه الحلال والحرام، لان كل خيار يتضمن أشياء جيدة وأخرى سلبية. لو صوتنا بنعم فسوف ننطلق بسرعة، وبعدها يمكننا انجاز دستور جديد ونحن فى مرحلة أهدأ، لكن الخطر الكبير الذى يخشاه كل رافضى التعديلات أن هذا الخيار سوف يأتى ببقايا الحزب الوطنى ومعهم الإخوان المسلمون. ولو صوتنا بلا، فسوف تطول الفترة الانتقالية، وقد تحدث خلالها متغيرات كثيرة تعيد تشكيل المشهد بأكمله وربما الانقلاب عليه، وإجهاض كل الثورة. بعض مؤيدى التصويت بنعم يقول إن علينا الرهان على الناس وعلى نزاهة الانتخابات، التى ينبغى أن تعكس إرادة الناخبين، حتى لو جاءت بالإخوان، فالذى سينتخب الإخوان أو أى شخص آخر يستطيع أن يسقطه فى الانتخابات التالية بناء على ادائه. وبعض المطالبين بالتصويت بلا يخشون من آلاعيب وحيل وأنصار الثورة المضادة، وما أكثرهم وبعضهم لايزال حرا طليقا وفاعلا. لو فكر كل ناخب بهذا المنطق فربما سيصبح الأمر أقل صعوبة، وأكثر يسرا فى الإجابة بنعم أم لا.