لم يكن محمد النجار يتخيل أن ثورة 25 يناير في مصر ستمنحه إجازة طويلة من شركة تداول الأوراق المالية التي يعمل بها، بما يساعده على إتمام زواجه الذي تأجل لأكثر من مرة، بسبب طبيعة العمل بسوق المال والانشغال الدائم. لكن النجار يتمنى في نفس الوقت عودة التداول سريعا بالسوق. والبورصة المصرية مغلقة منذ نهاية تداولات يوم 27 يناير، بعدما تكبدت خسائر قدرها 70 مليار جنيه مصري (11.8 مليار دولار) في جلستين فقط، عقب تفجر الاحتجاجات العارمة التي تحولت إلى ثورة شعبية، دفعت الرئيس حسني مبارك إلى التنحي في 11 فبراير. وقال النجار، رئيس قسم البحوث بشركة المروة لتداول الأوراق المالية: "لم أتوقع يوما أن تكون الثورة التي شاركت فيها منذ البداية مليئة بالمفاجآت السعيدة لي". "منذ أكثر من خمسة أشهر وأنا أقوم دائما بتأجيل موعد الزواج، لكثرة الأعمال بالشركة، وعدم تمكني من الحصول على إجازة طويلة". وأضاف: "الثورة جعلتني أستغل إيقاف التعاملات بالبورصة في تحديد موعد الزواج". وقال النجار (29 عامًا) ل"رويترز": إن المفاجأة الثانية كانت في انخفاض أسعار الرحلات السياحية بدرجة كبيرة، ما أتاح له ترتيب رحلة شهر العسل إلى مدينتي الأقصر وأسوان بأسعار رخيصة. وقد أدت الثورة المصرية إلى رحيل عدد كبير من السائحين الأجانب من البلد، وأثرت بشدة على صناعة السياحة التي تمثل رافدا رئيسيا من روافد الدخل لمصر. وتمنى النجار الذي يعمل منذ عشر سنوات بسوق المال أن تعود البورصة للتداولات سريعا "حتى أعود لحياتي العملية من جديد". ونقلت صفحة رئيس الوزراء على موقع "فيس بوك" عن وزير المالية قوله، السبت الماضي، إن مصر ستعيد فتح البورصة قبل 28 مارس تجنبًا "للشطب من المؤشرات العالمية". ورغم مشاعر السعادة على المستوى الشخصي، أعرب النجار عن تخوفه من تشريد العاملين بشركات السمسرة وتداول الأوراق المالية في حالة تأخر عودة البورصة أكثر من ذلك. ونظم العاملون في شركات السمسرة وتداول الأوراق المالية العديد من الوقفات الاحتجاجية أمام مبني البورصة المصرية، للمطالبة بعودة التداولات سريعا، فيما طالب آخرون بضرورة التدخل لصرف رواتبهم التي أوقفتها بعض الشركات، بسبب الخسائر التي منيت بها بعد وقف التعاملات بالسوق. من ناحية أخرى، لم يكن مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، يعلم أن ثورة 25 يناير ستغير برنامج أعماله اليومي بشكل جذري. وقال بدرة: "تغير برنامجي اليومي تمامًا، بسبب ثورة 25 يناير. أشعر الآن بأني خرجت على المعاش مبكرا". وكان البرنامج اليومي لبدرة قبل الثورة وتوقف العمل بالبورصة، يشتمل على القيام مبكرا من النوم، وتوصيل ابنه إلى المدرسة، ثم التوجه إلى شركة تداول الأوراق المالية التي يعمل بها، وبعدها يذهب إلى جامعة عين شمس، حيث يدرس ويقوم بعمل أبحاث للحصول على شهادة الدكتوراه في أسواق المال. وكان نهاية البرنامج هي الجلوس مع زوجته وابنه لمدة ساعة ليلا قبل الخلود إلى النوم. أما الآن فيقول بدرة: "أقضي أغلب وقتي صباحا في متابعة الصحف والذهاب للنادي، أما ليلا فأذهب لأي كوفي شوب لمقابلة الأصحاب. نعم مقابلة الأصحاب أحد مزايا الجلوس في البيت. أيام العمل كان من الصعب جدا أن أقابل الأصدقاء لارتباطاتي العملية والدراسية والعائلية". لكن بدرة يتمنى هو الآخر استئناف التداول في البورصة في أسرع وقت، لأنه يريد استعادة يومه العملي من الجديد. أما وائل عنبة، العضو المنتدب لشركة الأوائل لإدارة المحافظ المالية، فقد استغل العطلة الإجبارية بشكل مختلف، حيث تفرغ لنقل مقر شركته من الدور الأرضي إلى الدور السابع بنفس المبنى. يقول عنبة: "لم يختلف يومي كثيرًا قبل 27 يناير عما بعده. "كنت أذهب للعمل ومنه للبيت لقضاء أكبر وقت مع الأولاد. أنا لست من هواة الخروج، ولا أحب الجلوس على المقاهي، وليس لي أصحاب غير أصحاب المجال (العاملين بسوق المال) فقط". وأضاف أن عطلة البورصة أتاحت له نقل مقر الشركة والمكاتب والأجهزة على مدار شهر بالكامل بدلا من النقل في ثلاثة أيام كما كان مخططا من قبل.