تنسيق المرحلة الثالثة 2025، قواعد التوزيع الجغرافي في الجامعات    قضية فجرتها فيتو، قناة "هي" تسلط الضوء على مافيا الماجستير والدكتوراة    رئيس الوفد من ضريح سعد زغلول: نستلهم الوطنية من زعماء "الأمة" الثلاثة (صور)    تكليف إبراهيم هاشم بتصريف أعمال الإدارة المركزية لحدائق الحيوان    حلوى المولد فى المجمعات |التموين: 15 سلعة بمبادرة خفض الأسعار    لإجراء تحويلات مرورية.. محافظ الجيزة يعاين عددًا من المسارات البديلة لشارع ضياء    حماس تشيد باستقالة وزير خارجية هولندا بعد رفض حكومته فرض عقوبات على الكيان الصهيوني    الجالية المصرية في لندن تنظم وقفة أمام سفارة مصر دعما لمؤسسات الدولة    بعد إمام عاشور، الأهلي يضع الرتوش الأخيرة لتجديد عقد مدافعه    ميلان يتعادل مع كريمونيسي 11 بالشوط الأول من الدوري الإيطالي    بعثة ألعاب القوى تتألق في منافسات البطولة العربية بتونس    القادسية الكويتي يضم محمود كهربا رسميًا بقيادة نبيل معلول    الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس الأيام المقبلة وتحذر من ارتفاع الأمواج ونشاط للرياح    أحمد جمال يسترجع ذكريات "Arab idol" على مسرح المحكى (صور)    محمد أبو شامة: التجويع في غزة جريمة مكملة للاحتلال العسكرى    «أوقاف المنيا» تعلن بدء احتفال المولد النبوي غدًا الأحد 24 أغسطس    محافظ شمال سيناء يوجه بتشغيل قسم الغسيل الكلوي للأطفال بمستشفى العريش العام    وكيل صحة شمال سيناء في جولة مفاجئة بمستشفى الشيخ زويد ويحيل المتغيبين إلى التحقيق    الأجهزة الأمنية تكشف حقيقة مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل بكفر الشيخ    عشائر غزة: الصمت الدولي شراكة في جريمة الإبادة الجماعية    قائمة ريال مدريد لمواجهة أوفييدو في الدوري الإسباني    أنشطة الطفل في معرض السويس الثالث للكتاب.. مساحات للإبداع وتنمية الخيال|صور    "فستان محتشم وغطاء رأس".. أحدث ظهور ل بسمة بوسيل في مصر القديمة    «بحوث الصحراء» يقدم الدعم الفني والإرشادي لمزارعي سيناء| صور    هل يجوز قراءة القرآن أثناء النوم على السرير؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز الطلاق على الورق والزواج عرفي للحصول على المعاش؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف تدرب قلبك على الرضا بما قسمه الله لك؟.. يسري جبر يجيب    أوقاف الدقهلية تبدأ اختبارات أفضل الأصوات في تلاوة القرآن الكريم    رئيس جامعة طنطا يفتتح الملتقى القمي الأول للابتكار المستدام لطلاب الجامعات المصرية    رئيس حزب حقوق الإنسان والمواطنة: نصف الشعب من الشباب وهو ما يفرض مسؤولية كبيرة على الأحزاب    أحمد سامي يتظلم على قرار إيقافه وينفي ما جاء بتقرير حكم مباراة الإسماعيلي    الجالية المصرية بهولندا: المصريون في الخارج داعمون للقيادة السياسية واستقرار الوطن    اليونيفل: الوضع الأمني لجنوب لبنان هش ونرصد خروقات يومية لاتفاق 1701    الموظف المثالي.. تكريم قائد قطار واقعة "الشورت" للمرة الثانية - صور    غدا.. قصور الثقافة تطلق ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير بمشاركة 20 فنانا    زلزال بقوة 6 درجات يضرب المحيط الهادئ قبالة سواحل السلفادور وجواتيمالا    حصاد الأسبوع    "عبد الغفار" يتابع استعدادات "المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية -3"    وزارة الصحة تقدم 314 ألف خدمة طبية مجانية عبر 143 قافلة بجميع المحافظات    مؤسسة فاروق حسني تطلق الدورة ال7 لجوائز الفنون لعام 2026    «المركزي لمتبقيات المبيدات» ينظم ورشة عمل لمنتجي ومصدري الطماطم بالشرقية    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    وزير الدفاع الأمريكي يجيز ل2000 من الحرس الوطني حمل السلاح.. ما الهدف؟    وزير العمل يتفقد وحدتي تدريب متنقلتين قبل تشغيلهما غدا بالغربية    "قصص متفوتكش".. رسالة غامضة من زوجة النني الأولى.. ومقاضاة مدرب الأهلي السابق بسبب العمولات    جوندوجان وثنائي مانشستر سيتي يقتربون من الرحيل    الموت يغيب عميد القضاء العرفي الشيخ يحيى الغول الشهير ب "حكيم سيناء" بعد صراع مع المرض    تم تصويره بالأهرامات.. قصة فيلم Fountain of Youth بعد ترشحه لجوائز LMGI 2025    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    رئيس «الرعاية الصحية»: تقديم أكثر من 2.5 مليون خدمة طبية بمستشفيات الهيئة في جنوب سيناء    استشهاد 9 فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق متفرقة من قطاع غزة    طقس الإمارات اليوم.. غيوم جزئية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    محافظ الجيزة يشدد علي التعامل الفوري مع أي متغيرات مكانية يتم رصدها واتخاذ الإجراءات القانونية    حملة مكبرة لإزالة إشغالات الباعة الجائلين والتعديات على الطريق بمدينة أبوتيج بأسيوط    مصرع وإصابة أربعة أشخاص إثر حادث تصادم بين سيارتين بأسيوط    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    «مياه الأقصر» تسيطر على بقعة زيت فى مياه النيل دون تأثر المواطنين أو إنقطاع الخدمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عملاء لا متعاونون
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 03 - 2011

أفهم أن يطلق جهاز أمن الدولة على رجاله وأذرعه فى الجهات المختلفة وصف «المتعاونين» من باب التمويه والتدليس وإعطاء الانطباع بأنهم يقومون بعمل شريف، لكننى لا أفهم أن نوافقهم على ذلك فنُنسى الناس أن هؤلاء لم يكونوا سوى عملاء يؤدون دورا لا علاقة له بالنزاهة أو الشرف. ولذلك فإننى أدعو إلى أن نستخدم الوصف الحقيقى على كل من تجسس على زملائه أو رؤسائه فى أى موقع، وتطوع بكتابة تقارير عن أنشطتهم واتصالاتهم لقاء حظوة ينالها أو أجر معلوم فى جهاز أمن الدولة.
كنت قد عبرت عن الفكرة ذاتها قبل عدة سنوات، حين عادت السلطة الفلسطينية إلى الضفة وغزة، وأدركت أن ثمة عددا كبيرا من الجواسيس زرعتهم إسرائيل فى أوساط الفلسطينيين فى سعيها لتتبع عناصر المقاومة وإجهاض عملياتهم، وأطلقت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على هؤلاء العملاء وصف المتعاونين. وحاولت أن توفر الحماية لهم داخل الأراضى الفلسطينية، ولكن ذلك كان مستحيلا، فجمعتهم فى إحدى القرى، وحين ظلت وسائل الإعلام تشير إليهم باعتبارهم متعاونين، رفعت صوتى بالاعتراض وطالبت باسقاط ذلك القناع من على وجوههم، واطلاق الاسم الحقيقى عليهم، ومن ثم اعتبارهم جواسيس لصالح العدو، ثم تجنيدهم ضد أهلهم ووطنهم وقضيتهم.
لست فى وارد المساواة بين الإسرائيليين وجهاز أمن الدولة، ولا أريد أن أخوض فى التدليل على الفرق بينهما، ولكنى أناقش قضية المصطلح، محذرا من استخدامه فى التمويه وطمس معالم الجريمة التى ترتكب بحق المجتمع، حين تجند الأجهزة الأمنية المواطنين للتجسس على زملائهم وقيادات مؤسساتهم ولاختراق كل مجالات التأثير على الرأى العام. وهو ما حدث فى الحالة المصرية تحديدا، حيث لم يكتف فيها جهاز أمن الدولة بذلك الجيش الجرار من المخبرين الذى بثته فى أرجاء مصر، وإنما جندت فى كل موقع من يتصنت ويسجل ما يجرى فيه.
قبل عدة سنوات حدثنى صديق كان مديرا لمستشفى قصر العينى أنه حين بلغ سن التقاعد وكان عليه ان يترك مكتبه، فإن سكرتيره دخل عليه فى آخر يوم واعترف له بأنه كان مطالبا بالتصنت على مكالماته الهاتفية وإبلاغ ضابط أمن الدولة أولا بأول بما يدور فى تلك الاتصالات، وبجميع تحركاته ومكاتباته، وكان يتقاضى راتبا شهريا قدره 60 جنيها. لم يكن لصديقى الطبيب أى نشاط عام من أى نوع، باستثناء أنه كان يبعث إلى بريد الأهرام بتعليقات وملاحظات حول بعض القضايا المثارة. القصة ذاتها سمعتها من مسئول بدار الكتب، حيث لم يكتف الجهاز بتعيين أحد ضباط أمن الدولة لمراقبة ما يجرى فى الدار، وانما أوكل لأحد الموظفين الصغار مهمة مراقبة المدير ورصد تحركاته.
ما حدث فى جميع مؤسسات الدولة وأنشطة المجتمع كان له حضوره الأكبر فى وسائل الإعلام والأحزاب السياسية والجامعات، وكان معروفا أن أحد مساعدى الوزير كان مسئولا عن الإعلام. أما أذرع جهاز أمن الدولة فى الصحف القومية والخاصة وفى المكاتب التى تمثل الصحف العربية فى مصر، وفى دوائر البث التليفزيونى والإذاعى، فقد كانت بلا حصر، ولعلى لا أبالغ إذا قلت إنه ما من مؤسسة إعلامية فى مصر إلا وتم اختراقها سواء على مستوى رؤساء التحرير أو المحررين.
ذلك أن الجهاز اعتبر أن وسائل الإعلام هى «أسلحة الدمار الشامل» التى يستخدمها لتصفية حساباته ضد المعارضين السياسيين والإخوان المسلمين على رأسهم. وربما يذكر كثيرون أن جهاز أمن الدولة استخدم إحدى الصحف الخاصة لنشر صورة كبيرة مرتين على يومين متتاليين بالمخالفة لتقاليد المهنة لما سمى آنذاك بميليشيا الإخوان فى جامعة الأزهر، وكان ذلك تمهيدا لأكبر عملية انقضاض وقمع لعناصر الجماعة. وكنت أحد الذين تحدثوا كثيرا عن ممارسات الإعلام الأمنى، وكيف كانت بعض التقارير الأمنية الموزعة تنشر كما هى، باسلوبها الركيك واخطائها اللغوية، بأسماء زملاء احتلوا مواقع مهمة فى الصحف. ما حدث فى الإعلام تكرر مع الأحزاب التى كان بعض قادتها يأخذون توجيهاتهم من ضباط أمن الدولة. كما ان أولئك الضباط كانوا يوجهون الأغلبية الساحقة من عمداء الكليات الجامعية ووكلائها، فضلا عن بعض الأساتذة «المتعاونين».
فى حدود علمى فإن قوائم عملاء أمن الدولة فى المجالات المختلفة تسربت بعد اقتحام مقار الجهاز، وقد تلقيت صورة مستنسخة لقائمة ضمت 38 اسما لبعض أولئك العملاء الذين كانوا يتجسسون على الجماعات السياسية، بينهم 20 شخصا جندوا فى داخل حركة الإخوان وحدها.
أليس من حق الرأى العام ان يتعرف على قوائم أولئك الجواسيس، على الأقل من كان منهم يسهم فى تضليل الناس فى وسائل الإعلام أو يعوق الحياة السياسية من خلال اختراق الأحزاب وتخريبها من الداخل، وهى التى أريد لها أن تظل عاجزة ومشوهة، اننا لا ندعو إلى محاسبتهم، ولكن فقط ان نعرفهم، ليس فقط لكشف ادوارهم، وانما أيضا لردع غيرهم من الذين يتورطون فى مثل تلك المهام القذرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة