الجلوكوما: كلمة إغريقية مرادفة لمعنى الشلالات الزرقاء تعود العامة إطلاقها على ما يصيب العين من جراء ارتفاع الضغط الداخلى فيها عن القدر الذى تحتمله ويبقيها على حالها من الاستدارة الطبيعية. مريض الجلوكوما حينما يحدق فى مصدر مضىء يراه محاطا بهالات زرقاء فهل كانت تلك الظاهرة وراء التسمية؟ الانتباه لاستباق الخطر بالحرص على الكشوف الطبية الدورية أصبح القاعدة الذهبية فى مجال صحة الإنسان. الجلوكوما أو ارتفاع ضغط العين إلى معدلات لا تحتملها يمارس نوعا من إصابة العصب البصرى بصورة قد تخل بوظيفته وتتسبب فى تحلل خلاياه وفقدان أليافه لحساسيتها للضوء الأمر الذى يسفر عن تدهور حدة الإبصار فلا يجدى علاج لاستعادتها وقد ينتهى الأمر بالعمى. فقدان البصر من جراء الجلوكوما يأتى فى المرتبة الثانية لأسباب العمى فى العالم. ●ماذا نعنى بضغط العين؟ العين كرة لها شكل يقارب الاستدارة تحتفظ بشكلها ووظيفتها نتيجة وجود ضغط داخلها ناشئ عن امتلائها بسائل تفرزه الأجسام الهدبية فى الأحوال العادية. إذا زاد هذا الضغط داخل العين فإن هناك صمام أمان عند زاوية الخزنة الأمانية يفتح لتصريف قدر من السوائل يسمح بعودة ضغط العين لما كان عليه من قبل. الخزنة الأمامية الواقعة بين القرنية والقزحية دائما ما تكون ممتلئة إلى الحد الذى يسمح لها باستقبال السائل الوارد لها. زاوية الخزنة الأمامية هى مكان التقاء القرنية والقزحية وهى مسئولة عن تصريف السائل المائى من الخزنة إلى خارج العين إذ إن طبقات خلاياها مثقبة كالمصفاة. إذا ما قدر لتلك الثقوب أن تسد فإن تصريفها للسائل خارج العين يقل وربما ينعدم الأمر الذى يرفع ضغط العين بصورة لا ترافقها أى أعراض يمكن بها الاستدلال على الخطر الذى بدأ بالفعل. ارتفاع ضغط العين يؤثر على ألياف العصب البصرى فيضمر تدريجيا إلى الدرجة التى تنخفض فيها حدة الإبصار إلى نهاية محتومة هى فقدانه. ضغط العين الطبيعى يتراوح بين 10 21 ملليمتر زئبق فهل الكل آمن من خطر الجلوكوما إذا ما احتفظت العين بضغطها أقل من 21 ملليمتر وزئبق؟ فى الأغلب نعم. إلا أن هناك فى بعض الحالات النادرة نسبيا يمكن للجلوكوما أن تصيب العينن رغم انخفاض الضغط فيها لذا فقد يكون من الحكمة أن تتخذ التدابير الوقائية لتفادى أخطار الجلوكوما بفحص كامل للعين بداية من سن الأربعين للجميع خصوصا من يمكن توقع حدوث الجلوكوما لديهم. ● من يجب فحصه تحسبا لأخطار الجلوكوما؟ يجب الاهتمام بفحص العين لدى الجميع بلا استثناء فحصا سنويا قد يقى من أخطار داهمة أما من يتوقع حدوث الجلوكوما لديهم فهم: يجب قياس ضغط العين عند الأربعين لدى النساء والرجال. مرضى ارتفاع ضغط الدم. مرضى السكر. من يتناولون الكحوليات. كل من لديه تاريخ عائلى للجلوكوما. كل قصار النظر. ● ما هى أعراض ارتفاع ضغط العين؟ تبقى الجلوكوما سارقة نور العين بلا أعراض إلى أن تعلن عن نفسها صراحة فى أكثر من صورة: 1 الجلوكوما الحادة: ارتفاع ضغط العين المفاجئ يعلن عن نفسه فى عاصفة من الأعراض تبدأ بالصداع القاسى والألم الداهم فى العين وتدهور حدة الإبصار والدموع المستمرة والاحمرار واتساع حدقة العين والهالات الملونة حول أى مصدر للضوء يتجه إليه بصر المريض. 2 الجلوكوما المزمنة: التهاب العين وتدفق الدموع والصداع المفاجئ من وقت لآخر بلا مبرر وتدهور الإبصار خصوصا فى أطراف المجال البصرى أعراض تشير إلى حدوث الجلوكوما منذ وقت طويل. 3 الجلوكوما الثانوية: أو ارتفاع ضغط العين لسبب آخر غير عدم قدرة العين على تصريف سوائلها. منها إصابات العين، إصابة العين بأنواع مختلفة من المياه البيضاء «كتاركت» أو نزف الجسم الزجاجى أو أمراض الشبكية. علاج السبب يؤدى لانخفاض الضغط وانحسار أعراض الجلوكوما. 4 الجلوكوما الخلقية: المياه الزرقاء الخلقية والتى تصيب الأطفال خصوصا الرضع نظرا لليونة العين وقابليتها للنمو فإن ارتفاع الضغط فيها يؤدى إلى زيادة حجم العين وتمدد نصف قطر القرنية مما يجعل نسبة بياض العين أقل بكثير من العادى بينما يحتل السواد الجزء الأكبر فتبدو العين لأهل الطفل أكثر جمالا ولا يفطن أحد لذلك الجمال الخطير إلا بالمصادفة حيث تصعب الشكوى على الأطفال. ● التشخيص المبكر للجلوكوما: يعتمد تشخيص الجلوكوما على المعطيات التى يكتشفها الطبيب لذا فالكشف الدورى أهم ما يساعد على تشخيص الجلوكوما حتى فى غياب الأعراض. هناك أيضا التقنيات الحديثة التى يمكنها اكتشاف الجلوكوما بقياس سمك الألياف العصبية لرأس العصب البصرى رغم دقتها الشديدة فسمكها يقاس بوحدة الميكرومتر «واحد على الألف من الملليمتر» هذه الأجهزة المتطورة يمكنها رصد أى فقدان فى السمك الطبيعى للألياف العصبية مهما تضاءل قدرها الأمر الذى يشى بحدوث الجلوكوما فى غياب أى أعراض وربما وجود ضغط طبيعى وبعد فحص كامل للعين يؤكد سلامتها. ● علاج الجلوكوما: اكتشاف الجلوكوما فى بدايتها قد يجدى معه استخدام قطرات خاصة يصفها الطبيب ويدعم ذلك استخدامها فى مواعيد محددة بدقة وبصورة مستمرة إلى جانب إجراء الفحوص اللازمة لمجال الإبصار كل ستة شهور، وفحص العصب البصرى كل أربعة شهور مع زيارة شهرية ثابتة لطبيب العيون فرصد أمارات نجاح العلاج أمر أهم للتأكد من مستقبل العين. إذا لم يحقق العلاج باستخدام قطرات العين عودة ضغط العين إلى ما يسمى بالضغط المستهدف أو الضغط المنشود فإن الجراحة يحددها سبب ارتفاع الضغط أو كان هناك سبب يحول دون استخدام القطرات كتزايد أعراض استخدامها الجانبية فمنها ما له آثار سيئة على القلب والرئة فى حالة المرض فيهما. الجراحة التقليدية لفتح قناة خاصة لتصريف الماء الزائد والحفاظ على الضغط الطبيعى للعين. استخدام شعاع الليزر أيضا أحد الخيارات المتاحة ويترك أمر استخدامه بالطبع لتقدير جراح العيون المختص.