عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 3-10-2025 في الصاغة بعد ارتفاعه 95 جنيهًا    بكام الطن؟.. أسعار الأرز الشعير والأبيض الجمعة 3-10-2025 في أسواق الشرقية    زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب أصفهان الإيرانية    مقتل شاب علي يد عاطل بسبب خلافات مالية بطوخ.. والأمن يضبط المتهم    هل تتحقق توقعات ليلى عبد اللطيف بثراء 4 أبراج فى أواخر عام 2025؟    أستاذ علوم سياسية: مجلس سلام خطة ترامب يُعيد إحياء فكرة المندوب السامي.. والنتيجة لا دولة فلسطينية    بوتين يحذر أمريكا من تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك    الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف إدارة منظومة الدفاع الناري والدفاعي لحزب الله    القنوات الناقلة مباشر لمباراة مصر ضد تشيلي في كأس العالم للشباب 2025    الفيضان قادم.. والحكومة تناشد الأهالي بإخلاء هذه المناطق فورا    تنبيه هام عن طقس اليوم الجمعة: أجواء ترابية تضرب أغلب الأنحاء    اضطرابات في مطار ميونخ بسبب مشاهدة مسيرات    يحيى الفخراني: سمير غانم كان استثنائي الوحيد في الكوميديا.. والهلس والنكت لا تضحكني    ليلى علوي تنهار من البكاء خلال مهرجان الإسكندرية.. اعرف التفاصيل    تصريح صادم من سماح أنور عن المخرجة كاملة أبو ذكري    يحيى الفخراني: هوجمنا في قرطاج بسبب «خرج ولم يعد».. وهذا سبب بقاء فيلم الكيف    موعد شهر رمضان 2026 .. تعرف على غرة الشهر الكريم وعدد أيام الصيام    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    محافظ الإسكندرية عن التكدسات المرورية: المواطن خط أحمر ولن نسمح بتعطيل مصالحه    رياض الخولي أثناء تكريمه في مهرجان الإسكندرية السينمائي: "أول مرة أحضر مهرجان .. وسعيد بتكريمي وأنا على قيد الحياة"    القبض على المتهم بالشروع فى قتل صاحب محل بالوراق    حمية "صحة الكوكب"، نظام غذائي يمنع وفاة 15 مليون إنسان سنويا    صندوق النقد يعلق على توجه مصر ترحيل طروحات الشركات الحكومية إلى 2026    رسميًا بعد ترحيلها.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 وفقًا لتصريحات الحكومة    أمين عمر حكم لمباراة كهرباء الإسماعيلية ضد الأهلي    موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الموسم السابع 2025 على قناة الفجر الجزائرية    «عماد النحاس لازم يمشي».. رضا عبدالعال يوجه رسالة ل مجلس الأهلي (فيديو)    أسعار الفراخ اليوم الجمعة 3-10-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    ننشر أسماء ضحايا انهيار "عقار غيط" العنب بالإسكندرية    نائب محافظ سوهاج يكرم 700 طالب و24 حافظًا للقرآن الكريم بشطورة    سورة الكهف يوم الجمعة: نور وطمأنينة وحماية من فتنة الدجال    الشاعر مصطفى حدوتة بعد ترشح أغنيته للجرامي: حدث تاريخي.. أول ترشيح مصري منذ 20 عامًا    ناقد رياضي: هزيمة الزمالك من الأهلي أنقذت مجلس القلعة البيضاء    مدرسة المشاغبين، قرار صارم من محافظ القليوبية في واقعة ضرب معلم لزميله داخل مكتب مدير المدرسة    اللجنة النقابية تكشف حقيقة بيان الصفحة الرسمية بشأن تطبيق الحد الأدنى للأجور    اللواء محمد رجائي: إعادة «الإجراءات الجنائية» للنواب يُؤكد حرص الرئيس على قانون يُحقق العدالة الناجزة    مختار نوح: حماس دربت القسام لتنفيذ مخطط اغتيال النائب هشام بركات    انتداب المعمل الجنائي لفحص حريق مخزن وشقة سكنية بالخانكة    موعد إعلان نتيجة منحة الدكتور علي مصيلحي بالجامعات الأهلية    انتصارات مثيرة و6 أندية تحقق العلامة الكاملة، نتائج الجولة الثانية من الدوري الأوروبي    ناقد رياضي يكشف كواليس خروج حسام غالي من قائمة محمود الخطيب    نائب محافظ سوهاج يكرم 700 طالب و24 حافظًا للقرآن الكريم بشطورة| فيديو وصور    «أفضل صفقة».. باسم مرسي يتغزل في مهاجم الزمالك    أتربة عالقة في الأجواء .. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    رابط التقييمات الأسبوعية 2025/2026 على موقع وزارة التربية والتعليم (اعرف التفاصيل)    الزمالك يعالج ناصر منسي والدباغ من آلام القمة 131    كراكاس تتهم واشنطن بانتهاك سيادة أجوائها    يهاجموننا جميعًا.. إسرائيل تضع الاتحاد الأوروبي في مأزق بعد الاعتداء على أسطول الصمود العالمي (فيديو)    حزب الإصلاح والنهضة يدشّن حملته الانتخابية للنواب 2025 باستعراض استراتيجيته الدعائية والتنظيمية    «هيدوب في بوقك».. طريقة سهلة لعمل الليمون المخلل في البيت    ضيفي ملعقة «فلفل أسود» داخل الغسالة ولاحظي ماذا يحدث لملابسك    ركّز على اللون وتجنب «الملمس اللزج».. 6 علامات تنذر بفساد اللحوم قبل شرائها    منافسة ساخنة على لوحة سيارة مميزة "ص أ ص - 666" والسعر يصل 1.4 مليون جنيه    تعرف على موعد تطبيق التوقيت الشتوي في أسيوط    خطوات إضافة المواليد على بطاقة التموين 2025    مواقيت الصلاة في أسيوط اليوم الجمعة 3102025    الكويت تدخل موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية بأطول جراحة روبوتية عابرة للقارات    خالد الجندى: كثير من الناس يجلبون على أنفسهم البلاء بألسنتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر وواجب التدخل الإنسانى فى ليبيا
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 02 - 2011

لا يمكن لمصر أن تقف مكتوفة الأيدى أمام الحرب المجنونة التى يشنها نظام حكم معمر القذافى ضد الشعب الليبى الشقيق، والتى تبدو مرشحة للمزيد من التصاعد لا سمح الله فى حالة استمرار هذا النظام فى العناد، وإمعانه فى دفع البلاد نحو حرب أهلية لا هوادة فيها. مما يطرح بقوة احتمالات تحول الثورة الشعبية فى ليبيا الشقيقة إلى حرب أهلية دامية، مما قد يؤدى ليس فقط إلى إمكانية وقوع خسائر بشرية جسيمة، ولكن أيضا إمكانية تفتيت الدولة الليبية ذاتها، كل ذلك من أجل تثبيت بقاء نظام حكم مستبد ودموى فى السلطة لفترة ما لن تطول كثيرا بأى حال من الأحوال. وكأن هذا النظام لم يكتف بما أحدثه من إفقار وتخريب للمجتمع الليبى وثرواته البشرية والمادية والنفطية على مدى 42 عاما.
هذا الوضع يمثل مأزقا شديدا أمام مصر، لاعتبارات الأخوة والجوار والمسئولية الإنسانية، فليبيا دولة شقيقة تربطها بمصر أواصر الدم والدين والجوار الجغرافى والمصير المشترك، ولا يمكن لمصر أن تتحمل المسئولية الأخلاقية والإنسانية إزاء ما يتعرض له الشعب الليبى الشقيق من مجازر مروعة، وصلت لدرجة استخدام الأسلحة الثقيلة ضد المدنيين الأبرياء العزل منذ اليوم الأول للمظاهرات. ثم تصاعدت حدة الاستخدام المجنون للقوة العسكرية ضد المدنيين من خلال استخدام المقاتلات والمروحيات لقصف المدنيين، مما يهدد بإمكانية تصاعد الخسائر البشرية فى صفوف الشعب الليبى الشقيق لمستويات لا يمكن قط القبول بها، علاوة على تعريض مئات الآلاف من المصريين العاملين هناك لمخاطر جسيمة.
ومن شأن التدخل المبكر فى مثل هذا الوضع ألا يساعد فقط على إيقاف الخسائر البشرية والمادية المتزايدة فى ليبيا، ولكن أيضا على تفادى احتمالات تصاعدها، وهى احتمالات تبدو واردة بقوة، فى ظل ما يبدو من استماتة القذافى وعائلته فى التشبث بالسلطة، أيا كانت الخسائر والتكاليف المترتبة على ذلك، والتى تحدث عنها القذافى وابنه سيف الإسلام بمنتهى الاستخفاف باعتبارها نتيجة حتمية فيما لو تواصلت الاحتجاجات.
ولا يقل عن ذلك من حيث الأهمية أنه لا يمكن لمصر وأشقائها العرب الانتظار حتى يجىء قرار التدخل فى ليبيا من الخارج، سواء بقرار غربى منفرد، أو من خلال قرار أممى صادر عن مجلس الأمن. إذ إن ذلك سوف يكون ذروة السقوط للنظام الإقليمى العربى، كما سيكون ذلك مسمارا آخر فى نعش الدور الإقليمى لمصر وللعرب فى التعامل مع قضاياهم القومية، سوف يكون ذلك استهلالا غير طيب على الإطلاق لعهد الثورات العربية التى تعم المنطقة، علاوة على ما سوف ينطوى عليه ذلك من ربط أى نظام حكم جديد فى ليبيا بالأجندات والمصالح الأمريكية والغربية.
لقد كان من أخطر المآخذ على نظام حسنى مبارك البائد كونه تعامل باستهانة شديدة مع الصراعات الجارية فى عالمنا العربى، لاسيما فى السودان الشقيق، متجاهلا الروابط القومية وعوامل الجوار الجغرافى، وما يمثله السودان بالذات من عمق استراتيجى حيوى لمصر. ولا يمكن بالتالى أن نكرر فى عصر ثورة 25 يناير المجيدة نفس هذه الأخطاء الكارثية، وإنما لابد من التعامل بإيجابية مع مثل هذه القضايا، من منظور قومى وإنسانى مسئول، ولا سيما أن على هذه الثورة المجيدة مسئولية كبيرة لدعم ومساندة أولئك الذين اقتدوا بها وتعاملوا معها كمصدر إلهام لهم.
وربما يعتقد البعض أن التوقيت قد لا يكون مناسبا على الإطلاق بالنسبة لمصر، التى ما زالت منغمسة بالكامل فى عملية انتقالية معقدة لإعادة بناء نظامها السياسى على أسس ديمقراطية، تتولى القوات المسلحة مسئولية الحامى والضامن الرئيسى لها، مما قد يجعلها فى وضع لا يسمح لها بالانغماس فى أى تدخلات خارجية، علاوة على التكلفة المادية الضخمة لمثل هذا الدور، والتى تفوق بالقطع القدرات الاقتصادية لمصر، والتى مع محدوديتها من الأصل تعانى من أضرار جسيمة بفعل الخسائر الاقتصادية التى صاحبت الثورة.
ولكن الرد على ذلك هو أنه ليس هناك توقيت مناسب لاندلاع الأزمات، وإنما هى تفرض نفسها من دون أدنى اعتبار للظروف. كما أنه حتى لو كانت تكلفة القيام بدور سياسى، أو حتى عسكرى، مكلفة بالنسبة لمصر، فإن تكلفة عدم القيام بهذا الدور سوف تكون فادحة وأكثر تكلفة بكثير جدا، إنسانيا وسياسيا واقتصاديا، كما أن ذلك سوف يترك أثرا سلبيا لا ينمحى لدى الشعب الليبى، نفسيا وسياسيا، إزاء أشقائه الذين لم يحركوا ساكنا لنجدته حين كان يتعرض للإبادة على يد نظام حكمه المجنون.
ومن ناحية أخرى، يبدو هذا النظام عازما على توريط مصر فى هذا الصراع، على نحو ما بدا واضحا فى التصريحات المنفلتة التى أطلقها سيف الإسلام القذافى، والتى زعم فيها أن لمصر الدولة وللمصريين العاملين فى ليبيا دورا ما فيما يجرى من تطورات دامية هناك، الأمر الذى يعرض المصريين هناك لعمليات انتقامية جنونية. ويمثل ذلك سببا إضافيا للتفكير فى التدخل السريع هناك، لاسيما وأن هناك خشية من أن مثل هذا السلوك ربما يتصاعد من جانب نظام القذافى فى حالة ازدياد عزلته داخليا وخارجيا، إذ غالبا ما تبنى النظم الديكتاتورية خطابها السياسى فى مثل هذه الحالات إلى توريط أطراف خارجية ما، لإعفاء نفسها من المسئولية، ولتسهيل عملية الحشد والتعبئة فى صفوف مؤيديها.
وقد لا يكون من الوارد هنا الاعتقاد بإمكانية الانتظار لحين وصول الأزمة الحالية فى ليبيا إلى نهاية سريعة وفقا لتوازناتها الداخلية، حيث تتنامى حالة من الجمود فى ميزان القوى بين الثوار وبقايا نظام القذافى، مما قد لا يتيح لأى منهما حسم الصراع لصالحه، الأمر الذى قد يخلق حالة من الصراع الممتد، مع ما قد يترافق مع ذلك من تقسيم فعلى للدولة فيما بينهما، فيما لو استمر القذافى على عناده على نحو ما يتوقع أغلب العارفين به.
إن ما تقترحه هذه المقالة هو أن يعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة موقفا حاسما إزاء نظام الحكم الليبى، يتضمن إنذارا واضحا لا لبس فيه، بشأن ضرورة الوقف الفورى لأعمال العنف الموجهة ضد الشعب الليبى، وإلا سوف تضطر مصر للقيام بمسئولياتها، ليس فقط كشقيقة كبرى، ولكن أيضا كدولة جوار لها، على أن يكون هذا الإنذار مصحوبا بتحريك فعلى للقوات تجاه الحدود المشتركة، مع وضع خطط الطوارئ اللازمة لتنفيذ تدخل فعلى فى حالة الضرورة، ما لم يرتدع هذا النظام لصوت العقل.
وليس هناك من شك فى أن مثل هذا الموقف، مع ما قد ينطوى عليه من تدخل فعلى، سوف يكون محل ترحيب شديد من أغلب أبناء الشعب الليبى الشقيق، الذين سوف يتعاونون بكل تأكيد مع القوات المسلحة المصرية، مما قد يقلل كثيرا من أعباء مثل هذا التدخل، فى حال الاضطرار إلى تنفيذه بالفعل، كما أن ذلك سوف يكون أيضا محل ترحيب من أغلب الدول العربية الشقيقة، والتى سوف يعمل كل منها بالضرورة على المساعدة فى حدود قدراته. بل إن هذا التدخل سوف يكون أيضا محل ترحيب من جانب معظم المجتمع الدولى، لكونه يتطابق مع مبدأ التدخل الإنسانى الذى بات من المبادئ الراسخة فى القانون الدولى، الإنسانى والعام، بعدما بات من غير الممكن التسامح مع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وعمليات الإبادة الجماعية التى يقوم بها حكام مستبدون من أجل بقائهم فى السلطة، مما بات يجيز التدخل فى الشئون الداخلية للدول المعنية من أجل وقف هذه الجرائم وحماية أبنائها.
والجانب الأكثر أهمية أن الوضع يحتاج بالفعل إلى تدخل سريع؛ ومن الضرورى أن يتم بلورة موقف مصرى وعربى سريع إزاء الوضع المأساوى فى ليبيا. فالوضع الإنسانى يتصاعد بسرعة، وكلما مر الوقت كلما ازدادت الخسائر البشرية، كما أن هناك مخاطر نشوء تقسيم فعلى للدولة الليبية ما بين الثوار وبقايا نظام القذافى. وفى مثل هذه الأحداث، يكون للتأخر عن اتخاذ موقف واضح ثمن فادح للغاية، على الصعيدين الإنسانى والسياسى، إذ سيفقد هذا الموقف كثيرا من فاعليته وجدواه فيما لو جاء متأخرا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.