برغم تداعيات ثورة 25 يناير، وارتفاع الأسعار والازمات التى صاحبت الثورة، فإن سميحة فوزى وزيرة التجارة والصناعة أبدت تفاؤلها بشأن اقتصاد أقوى لمصر فى الأجل الطويل، كونه سيكون مبنيا هذه المرة على إصلاحات سياسية حقيقية، من الطبيعى أن يتبعها استقرار اقتصادى. تضع الحكومة الجديدة المستهلك على رأس أولوياتها كما تقول وزيرة التجارة والصناعة، مؤكدة أن «الوضع آمن جدا، والأسعار استقرت، بعد ما شهدته من ارتفاعات»، بحسب قولها، موضحة أن الوزارة استهدفت فى الفترة الماضية، وفقا لتكليف رئيس الوزراء، زيادة المعروض بشكل كبير. فبالرغم من الظروف السلبية (حظر التجول، انخفاض الصادرات، وتراجع السياحة)، فإن هذه السلبيات كان لها جانب إيجابى، ف«المعروض فى السوق تضاعف»، بحسب قول الوزيرة. وكانت أسعار السلع الغذائية قد سجلت زيادة تترواح ما بين 20 و30% فى الأسبوعين الأولين من الثورة، نتيجة لطول ساعات الحظر، وعدم قدرة المصانع على توصيل منتجاتها إلى المحال التجارية، مما انعكس بدوره على معدل التضخم لشهر يناير، ليسجل زيادة شهرية 1%. وبرغم تأكيدها على استقرار الأسعار حاليا فى السوق المحلية، فإن «فوزى» حذرت من موجة غلاء «قادمة لا محالة» خلال فترة أقصاها 3 أو 4 أسابيع، نتيجة أننا نستورد قرابة 60٪ من غذائنا، وإن كانت أكدت أن السوق المصرية تستطيع أن تستوعب هذه الزيادة من خلال المجمعات الاستهلاكية، وبطاقات التموين، «أى على حساب الموازنة العامة»، بحسب قولها، متوقعة زيادة فاتورة الدعم. وبرغم من تحذير الوزيرة من زيادة الأعباء على الموازنة العامة، فإنها أكدت قدرتها على استيعاب هذه الأعباء الإضافية، لأنها استوعبت سابقا زيادة فاتورة دعم المواد الغذائية من 12 إلى 21 مليار أثناء أزمة الغذاء العالمية. و«الزيادة هذه المرة، ليس من المتوقع أن تبلغ هذا المستوى». من سيساهم فى البناء سيجنى الثمار للتشغيل «أهمية قصوى فى الفترة القادمة»، بحسب فوزى، خاصة أن البطالة المتفشية فى المجتمع المصرى، كانت سببا أساسيا فى غضب الشارع، واندلاع الثورة. و«حين أتكلم عن التشغيل، لابد ان أتحدث عن الاستثمار لكى تكتمل المعادلة ، فأنا لا أريد وظائف ورقية، أو وهمية، بل حقيقية». والاستثمار لا يعنى بالضرورة استثمارا أجنبيا قادما من الخارج، بحسب الوزيرة، بل أيضا قاعدة المصانع والاستثمارات الداخلية، ولذلك «كانت الخطوة الأولى تستلزم إعادة تدوير عجلة العمل بالمصانع الداخلية، فأنا لابد أن أحافظ على القاعدة الموجودة عندى، ولا أفقدها حتى لا تزداد الأمور سوءا»، بحسب قولها، مقدرة التكلفة الاقتصادية للأزمة بما بين 20 و30 مليار دولار حتى الآن، بالإضافة إلى انخفاض الناتج المحلى إلى 3٪ مقابل 6٪ المستهلك. فلقد تعرضت المصانع فى السوق المحلية لأزمات كبيرة أدت إلى تراجع متوسط معدل إنتاجها إلى ما يقرب من 60% فى أول الأزمة، قبل أن يصل الآن إلى 25% فقط، وإذا توقف أى من هذه المصانع عن العمل، سأفقد نسبة توظيف إضافية»، بحسب قول «فوزى». أما على الجانب الخارجى، فهناك «خطة تستهدف تنشيط التفاعل مع الأسواق الخارجية»، بحسب قول الوزيرة، مشيرة إلى أنه تم تنظيم مجموعات من العمل، تتكون كل واحدة من 3 إلى 5 رجال أعمال، لتزور أركان العالم المختلفة: أوروبا، وآسيا، وأفريقيا، والدول العربية. «أنا لا أستطيع السفر حاليا، وترك البلاد، فى ظل هذه الظروف الصعبة. فنحن نعمل ونحدد الاولويات أسبوعا بأسبوع». وأكدت «فوزى» أنها لا تطمح لجذب استثمارات فى الوقت الحالى، «ولكن هذا التحرك ضرورى لإخبار شركائنا بأننا ملتزمون باتفاقياتنا وبسياسة الاقتصاد المفتوح». وبرغم من وجود عقبات عديدة، فإن الاقتصاد المصرى قادر على التغلب على التحديات، وكل من سيشارك فى النهوض بالاقتصاد المصرى سيجنى نصيبا من النمو، كما تقول الوزيرة «وهذا نداء إليكم للمشاركة فى بناء فصل جديد فى حياة مصر». وتكشف فوزى عن وجود حزمة تيسيرات لمناخ الاستثمار تتعلق بالرخص، والتسجيل، واختصار الوقت، رافضة الإفصاح عن مزيد من التفاصيل بشأن هذه الحزمة فى الوقت الحالى. «هذه الحزمة فى طور الإعداد وسيتم الإعلان عنها قريبا جدا»، بحسب قولها. ثورة 25 يناير أذابت الجمود قبل الثورة لم يكن هناك بديل عن خيارين «الجمود السياسى أو المجهول، أما الآن فالوضع اختلف، والنظرة المستقبلية، بما فيها من انتخابات برلمانية ورئاسية عادلة وحرة، لن تكون إلا إيجابية»، بحسب قول الوزيرة. وترى فوزى أن الجمود الاقتصادى لن يطول، «فما حدث فى 25 يناير، و11 فبراير، كان زلزالا، وما ارتبط بذلك من حظر للتجول، واعتصامات، وإغلاق للبنوك، توابع لهذا الزلزال. ولكن كل هذا مؤقت، لأنه فى تاريخ الشعوب، الإصلاحات السياسية تكون لها انعكاسات جيدة على مناخ الاستثمار». وتضيف فوزى: «كل مستثمر يحسب المخاطر والتكلفة، وحين تمر العاصفة فى مصر، ستكتمل المعادلة، وينجح اقتصاد مصر المتنوع، فى جذب الاستثمارات بسهولة»، بحسب قولها. الخطوات السريعة والثابتة للإصلاح، بالإضافة إلى أداء الربعين الأول والثانى من العام المالى 2010-2011 المتميز، بحسب الوزيرة، يعطى فرصة للاقتصاد المصرى للتماسك، متوقعة معدلا للنمو ما بين 3 و4% بنهاية العام المالى. وتكشف فوزى عن استعداد العديد من المستثمرين، المحليين والعرب لضخ استثمارات ضخمة فى الدولة، فى ظل التطورات الحالية، والتى يرونها إيجابية. فمجموعة ماكرو الألمانية، قررت أن تستأنف نشاطها، وستفتتح غدا فرعها الثالث فى القليوبية، «فضلا عن مستثمرين مصريين، آخرهم، رجل أعمال من المنيا زارنى قبل يومين ويريد بناء مصنع حديد باستثمارات 800 مليون جنيه». ولكن «استعادة الاستقرار الاقتصادى سيتوقف على سرعة الإصلاحات السياسية، كما أن التركيز على تحقيق الاستقرار الاقتصادى سيساعد بدوره على الإصلاح السياسى». وفيما يتعلق باتفاقية التجارة الحرة مع أمريكا، تقول الوزيرة: «كل سوق جديدة حاليا مهمة جدا بالنسبة لمصر، فما بالك بأمريكا، وهى أكبر قوة اقتصادية فى العالم؟ ولكننا لن نبادر بالسعى إلى هذه الاتفاقية، فإذا بادرت الولاياتالمتحدة، فلن نمانع»، بحسب قولها، مشيرة إلى أن اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة «الكويز» تسمح للمنتجات المصرية بالدخول إلى السوق الأمريكية. صندوق دعم الصادرات يعمل بشفافية صندوق دعم الصادرات، كان ومازال محل جدال مستمر. فكثيرون ينتقدون فكرة استحواذ مجموعة قليلة من المصدرين على القسط الأكبر من هذا الدعم، وآخرون ينتقدون مبدأ دعم الصادرات، ولا يرونه ضروريا فى ظل المزايا المتعددة التى يحصل عليها رجال الأعمال. ولكن وزيرة التجارة والصناعة ترى أهمية دعم الصادرات، كونها مصدرا أساسيا للعملة الأجنبية، والاهم من ذلك كونها عاملا أساسيا للنهوض بالاقتصاد، لأن المصانع التى تصدر، تكون طاقتها الإنتاجية أكبر، وذلك يعنى قدرتها على التشغيل أكبر. و«لتحقيق خطة مضاعفة الصادرات، التى لن يتم ترحيلها، تكتسب هذه المساندة أهمية فى الوقت الحالى»، بحسب الوزيرة. وكانت وزارة التجارة والصناعة قد اعدت خطة لمضاعفة الصادرات إلى 200 مليار جنيه فى عام 2014، وإذا «قدرنا على مضاعفتها مرة ثانية فسنقوم بذلك». وتوضح «فوزى أن الدعم الذى يتم تخصيصه للصادرات 4 مليارات جنيه فقط، وهذا فى العامين الأخيرين، ومصر ليست الوحيدة التى تطبق هذا النظام بل هناك العديد من الدول مثل تركيا، والصين، والأردن. والأهم من ذلك، نحن لا نعطى الدعم لأسماء بل لشركات، وكلها تحصل على نفس القيمة، ولكن من الطبيعى أنه حين تكون التكلفة أكبر يكون الدعم أكبر. « هل تعلمون أن 73% من الشركات التى تحصل على الدعم تصدر ما قيمته أقل من مليونى دولار، أى كيانات صغيرة ومتوسطة؟ ولأن فاتورة تصديرها منخفضة فنصيبها أيضا قليل»، تقول «فوزى». القطاع الصناعى محرك أساسى للنمو وترى «فوزى» أن الصناعة، والتى وصل معدل النمو الخاص بها إلى ما يزيد على 6% من الناتج الإجمالى القومى قبل ثورة 25 يناير، سيكون لها دور أساسى فى الفترة المقبلة فى دفع عجلة النمو. ولكنه مع التوقعات بالانخفاض إلى 4٪ فى 2011، نكشف عن حزمة من التيسيرات التى ستقدم لكل من القطاع العام والخاص للوصول إلى معدلات النمو المستهدفة «القسط الأكبر من القطاعات التابعة لقطاع الصناعة الكثيفة استهلاك العمالة، ومن ثم فهو قطاع أساسى فى التشغيل، وفى النمو. ولكن هذا القطاع، وبصفة خاصة عماله، قد تعرض لممارسات كثيرة غير مشروعة منعت من تساقط ثمار النمو عليهم بشكل مباشر. وهذا ما يتم علاجه الآن»، بحسب فوزى». وتروى «فوزى» أنها عقدت اجتماعا مع جميع المصانع ورؤسائها بعد الاعتصامات المتتالية، وإن كانت لم تتدخل بصفة مباشرة، ولكنها أوصلت لهم رسالة محددة «هذه العمالة هى التى بنت المصانع، لترضوها أو لتسرحوها، فأنا حاسمة جدا فى موضوع العمالة. أنا أؤيد المطالب المشروعة فقط للعمال». فمن الضرورى حل مشكلات هذا القطاع، لأنه سيظل هو القطاع الذى سيقود النمو خلال الفترة المقبلة، بحسب قول الوزيرة، متوقعة أن يحقق معدلا للنمو بنهاية العام المالى الحالى فيما بين 3 و4%. وفيما يتعلق بما أشيع من فساد فى توزيع الأراضى الصناعية، أكدت الوزيرة أنه جارٍ فحص كل أوراق التخصيص، وإذا تم الكشف عن أى ممارسة خاطئة «سيتم على الفور التحقيق فيها، ثم مراجعة إجراءات تخصيص الأراضى»، بحسب قولها، مشيرة إلى اتجاه الوزارة لتطبيق برنامج جديد لتوزيع قطع أراضٍ صغيرة على الشباب.