تمثل اللحوم المستوردة الملجأ الرئيسى لشريحة كبيرة من الفقراء ومتوسطى الدخل فى مصر، نظرا لانخفاض أسعارها مقارنة باللحوم البلدية، ورغم أن مساهمتها فى تغطية الاستهلاك المحلى لا تتعدى 20%، فإن هذه النسبة المنخفضة، قد تتراجع خلال الشهور المقبلة، مما يهدد وصول اللحوم الحمراء إلى بيوت العديد من المواطنين. ومن ناحية أخرى وجود هذه اللحوم المستوردة يحدث نوعا من التوازن وضبط الأسعار فى السوق المحلية، بمعنى أنه عندما يكون متوسط أسعارها منخفضا، يلجأ الجزارون إلى خفض أسعار اللحوم البلدية، والعكس صحيح، وبالتالى: قلة المعروض منها يضع ضغوطا عنيفة على أسعار واستهلاك اللحوم فى مصر»، تبعا لحمدى النجار، رئيس الشعبة العامة للمستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية. وعليه ترسم أغلبية التوقعات نظرة متشائمة لسوق اللحوم، وبالرغم من اتفاق أغلبية الخبراء على أن أسعار اللحوم البلدية فى السوق المحلية سوف تشهد ارتفاعا خلال الفترة المقبلة، إلا أنهم اختلفوا فى مبررات هذا الارتفاع. قد تفرض الدولة قيودا على الاستيراد فى ظل الأزمة الحالية لإنفلونزا الخنازير، يتوقع النجار أن تقوم الحكومة بفرض قيود على استيراد اللحوم من الخارج، «فإذا انتشرت إنفلونزا الخنازير فى البرازيل والهند، أكبر مصدرى اللحوم لمصر، وهذا أمر متوقع، سوف يمنع الحجر الصحى المصرى استيراد اللحوم من هذه الدول، لحين معرفة الموقف الوبائى بهما» على حد تعبيره. وهذه القيود من شأنها تقليل المعروض الكلى من اللحوم فى السوق، وعليه سوف يلجأ الجزارون إلى رفع أسعار اللحوم البلدية، «مما يضيف ضغوطا على معدل استهلاك المواطنين»، وفقا للنجار. ويؤكد أحد العاملين فى جزارة أنور بالدقى ذلك، بقوله: «بالتأكيد كل الجزارين سوف يرفعون أسعار اللحوم البلدية، لو الحكومة قللت كمية المستورد فى السوق». ويقول أنور السبكى، أحد أشهر الجزارين فى مصر، إن جميع الفنادق تعتمد على اللحوم المستوردة، وبالتالى إذا لم يجدوها، سيلجأون إلى استبدالها باللحوم البلدية، «وده معناه إن الطلب على اللحوم البلدية هيزيد بشكل كبير، والجزارين هيرفعوا الأسعار»، على حد تعبيره. ارتفاع أسعار اللحوم المستوردة يرى خالد أبوإسماعيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية السابق، سببا آخر لارتفاع أسعار اللحوم البلدية خلال الشهور المقبلة، يتمثل فى أنه من المتوقع أن ترتفع أسعار اللحوم المستوردة بشكل كبير فى الشهور القادمة، وبالتالى سينعكس ذلك على أسعار اللحوم البلدية. ويعلل أبوإسماعيل توقعه بارتفاع الأسعار، إلى عوامل خاصة بالعرض والطلب، فمعظم الدول الرئيسية المصدرة للحوم أعلنت فى الفترة الأخيرة عن انخفاض إنتاجها، مما يعنى تراجع الكمية المتاحة للتصدير، «وبالتأكيد قلة المعروض فى مواجهة ثبات الطلب، سيضغط على الأسعار»، بحسب أبوإسماعيل. وكانت أسعار اللحوم المستوردة قد شهدت قفزة هائلة فى الشهور الماضية، وصلت إلى 20% خلال الشهر الماضى وحده، وفقا لأبوإسماعيل. مصير لحوم الخنزير المذبوحة فى ظل ارتفاع أسعار اللحوم البلدية، ووجود كمية كبيرة من لحوم الخنازير المذبوحة، على خلفية الإجراءات الحكومية للوقاية من إنفلونزا الخنازير، لا يستبعد النجار أن تقوم قلة قليلة من «معدومى الضمير» بخلط لحوم الخنازير مع اللحوم الأخرى، واستخدامها فى اللحوم المفرومة والهامبورجر والسجق. وإن كان يتوقع أن يكون مصير الأغلبية العظمى منها الدفن، «فمعظم أصحاب الثلاجات سوف يرفضون تخزين لحوم الخنازير المذبوحة، وعليه لن يجد أصحابها طريقة لتصريفها والتخلص منها»، على حد تعبير النجار. ويتفق أبو إسماعيل مع النجار، ويقول: «الطرق غير المشروعة موجودة فى كل مكان فى العالم، وبالتالى من الممكن أن تقوم بعض المصانع الصغيرة بخلط لحوم الخنازير المذبوحة مع اللحوم البلدية». وإذا استطاعت هذه المصانع القيام بذلك، سوف تكون أسعار منتجاتها منخفضة جدا، نظرا لانخفاض سعر كيلو لحم الخنازير، الذى وصل إلى 5 جنيهات، وبالتالى ستواجه المصانع الكبرى ضغوطا عنيفة، فى مواجهة انخفاض أسعار هذه المنتجات، من وجهة نظر أبوإسماعيل. ومن ناحية أخرى، إذا تراجعت نسبة وجود اللحوم المستوردة فى السوق المصرية، مع ارتفاع أسعار اللحوم البلدية، قد تلجأ بعض الفنادق إلى الاعتماد على لحوم الخنازير فى استخداماتها اليومية، لعدم قدرتها على الاعتماد الكلى على اللحوم البلدية، وفقا لما قاله السبكى.