أكدت صحيفة "الجمهورية" اليمنية، اليوم السبت، أن الثقة العربية في البيت الأبيض هوت بعد سيناريو وثائق "ويكيليكس" التي أفشت أسرار السياسة الأمريكية، موضحة أن الانهيار الكامل في هذه الثقة كان وليدًا لسياسة تحريض الساحات الشعبية العربية وآخرها الساحة الشعبية المصرية. وقالت الصحيفة -في مقال رئيسي تحت عنوان "تحت الانتداب الأمريكي" للكاتب نزار العبادي- "لقد بلغ العبث الأمريكي بالمنطقة العربية حدا أصاب البيت الأبيض بعمى الألوان الذي تتماهى عنده مدارك التمييز بين خطوط لعبة تفكيك منظومات الحكم العربية وإعادة تركيبها علي الطريقة العراقية أو التونسية أو المصرية". وأوضح الكاتب "أن تجاهل العواقب لهذا اللون من العبث والعمى الحقيقي للثقافة العربية، وبما يمكن أن تبلوره من ردود فعل تتجاوز بكثير جدا ضحالة المستنقع الذي تتحرك في أدوات تلك المشروعات قد يجر الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفاءها إلي مآزق حقيقية". وأضاف: "في فترة سابقة تنامي الانطباع في الشارع العربي بأن واشنطن جادة إلي حد ما في مساعيها لتعزيز الثقة مع الدول العربية والإسلامية، وبدأ المراقبون يبنون آراءهم علي حسابات المصالح الاقتصادية والأزمات المالية التي يواجهها العالم ومخاوف مرتبطة بالإرهاب، وما ظهر من بوادر صراع حضارات بين الأمم". واستطرد الكاتب قائلا: "لقد خيل للكثيرين أن الدروس التي استلهمتها الإدارة الأمريكية من حربها في أفغانستان والعراق قد تكون كافية لتصحيح المسار السياسي الأمريكي تجاه المنطقة العربية، وكذلك الجنوح نحو صناعة الأمن والسلام العالمي الذي يكفل للشعوب فرصا هائلة في تنمية قدراتها وتجاوز مشكلاتها الاقتصادية والسياسية خاصة في ظل التحولات الديمقراطية، إلا أن الثقة العربية في الدور الأمريكي قد تراجعت كثيرا". وقال الكاتب اليمنى نزار العبادي في مقاله بصحيفة "الجمهورية " اليمنية اليوم: إن الثقة العربية في الإدارة الأمريكية هوت خلال الفترة الأخيرة مع سيناريو وثائق "ويكيليكس" التي أفشت أسرار كواليس السياسة الخارجية الأمريكية. وأضاف الكاتب أن الانهيار الكامل في هذه الثقة كان وليد الأدوار الأخيرة في لعبة التحريض والتثوير لعدد من الساحات الشعبية العربية، وبينها الساحة المصرية التي رغم أدوارها في عملية السلام بالشرق الأوسط، إلا أنه لم يتوان الأمريكيون والغرب عموما عن التدخل في شؤونها الداخلية ومحاولة فرض أجندات سياسية خاصة على الإرادة الشعبية. وأشار إلى أن ذلك النهج الأمريكي استفز القوي الوطنية المصرية ذاتها وتعالت على أثره الدعوات المحذرة من الأجندات الخارجية، والتي اعتبرها بعض المفكرين المصريين اختطافا أمريكيا للمطالب الشعبية الوطنية المصرية. وانتقد الكاتب التحريض الأمريكي قائلا إنه خلال الأسبوع الماضي امتدت أصابع "جنود الإنترنت" المجهولين إلى العديد من البلدان الأخرى لتؤسس جماعات تحريضية ناطقة بقوة الراعي الأمريكي الذي يكفل لها الحماية والترويج والضغوط السياسية، لنكتشف أن ما تم اختطافه في مصر لم يكن في الحقيقة مجرد مطالب شعبية لا تختلف عن مطالب بقية الشعوب العربية، بل هو محاولة اختطاف الإرادة الوطنية المصرية، ثم الإرادة العربية لشعوب المنطقة بالكامل، وهو مشروع لا يختلف بالكثير عن مشروع "الانتداب الأمريكي" الذي أقرته القوي الاستعمارية عام 1920. وأكد الكاتب أن الفوضى التي يتابعها المواطن العربي عبر الفضائيات لن تسهم في ترويض الشارع العربي بالخوف والقلق بقدر ما عززت وعيه بحقيقة ما يجري والأيادي الخفية التي تحركه. وقال إن هذا الوعي سيضاعف من رغبة مقاومة الشعوب العربية لهذه المشروعات الخارجية، وهو ما بدأ يظهر في مصر خلافا لما توقعته الدوائر الخارجية.