ما بين الحالة التونسية التى شغلت على مدار الأيام الماضية العالم، ولاسيما العربى منه بشكل خاص، والحالة المصرية التى سبق أن بدت «مستعصية» بالنسبة للعديد من السياسيين والنشطاء، توسع قادة المعارضة والنشطاء فى استخلاص مواطن الشبه والاختلاف واحتمال أن يحدث هنا ما حدث هناك. واعتبرت قيادات معارضة أن هناك أوجه شبه كثيرة بين الحالة التونسية والحالة المصرية وأنها بمثابة «جرس إنذار»، مشيرة إلى احتمالات تفجر انتفاضة شبيهة فى مصر فى أى وقت، وإن كانت نتائجها ستتوقف على أداء المعارضة وقدرتها على البناء عليها ومنعها من ألا تصل لنتائج عكسية أو فوضى. واعتبر رئيس حكومة ظل الوفد على السلمى ما حدث جرس إنذار لكل النظم التى لديها مشكلات مع شعوبها، مشيرا إلى أن وجود الكثير من أوجه التشابه بين الحالة التونسية والحالة المصرية وعلى رأسها مشكلات البطالة والفقر وسوء توزيع الثروة والسلطة الغاشمة وغياب الديمقراطية. وعلى خلاف ذلك قال رئيس حزب التجمع رفعت السعيد ردا على سؤال حول «دلالة الأحداث التونسية بالنسبة للحالة المصرية؟: «إيه إللى جاب ده لده؟!»، رافضا وجود أى تشابه بين الأوضاع فى تونس التى قادت إلى الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن على والأوضاع فى مصر. فى المقابل اعتبر عضو المجلس الرئاسى للحزب حسين عبدالرازق «أن هناك أوجه شبه بين الواقع التونسى الذى أدى إلى هذه الانتفاضة والواقع المصرى». أوجه الشبه، بالنسبة لعبدالرازق، تتمثل فى أن كلا البلدين يحكم بنظام استبدادى غير ديمقراطى، ورغم وجود انتخابات وسلطات تشريعية وقضائية وتنفيذية، فإن الحكم فى حقيقته هو حكم الفرد الذى يتمتع بسلطات مطلقة». أما أوجه الاختلاف فيعددها القيادى اليسارى، مشيرا إلى أن: «النظام المصرى تعلم من انتفاضة 18 و19 يناير بحيث لم يعد يلجأ لقرارات رفع الأسعار دفعة واحدة، وحرص على وجود مجالات للتنفيس عن الغضب من خلال الإعلام، فضلا عن أجهزة الأمن وخبرتها الطويلة فى التعامل مع الغضب الشعبى». بالرغم مما سبق يؤكد حسين عبدالرازق أن «ما حدث فى تونس يمكن أن يتكرر فى مصر، وإن كان يصعب التنبؤ بمتى وكيف؟»، وهو ما يتفق معه فيه على السلمى، مستشهدا بما حدث فى انتفاضة 18 و19 يناير 1977 فى مصر، واحتمال حدوث «مفاجآت» شبيهة. فى السياق نفسه، يشير المتحدث الرسمى باسم حزب الجبهة وأمين التثقيف السياسى بالحزب إبراهيم نوار، إلى أن هناك احتمالات قوية لحدوث انتفاضة شبيهة فى مصر، قائلا: «أى شرارة، ولو كانت موت مواطن فى قسم شرطة، ممكن أن تٌحدث انتفاضة شبيهة ولا أحد فى الحكومة أو المعارضة يمكن أن يتنبأ بذلك». «ما حدث فى تونس هو دليل قاطع على أن الفساد والاستبداد لا يمكن أن يستمرا للأبد» هكذا قال إبراهيم نوار، مشيرا إلى أنه رغم السلطة البوليسية القمعية التى كان يستخدمها نظام بن على فإن هذا لم يمنع الشعب التونسى من طرده. لكن يبقى السؤال بالنسبة لقيادات المعارضة ليس فى احتمال حدوث «انتفاضة من عدمه» وإنما فيما يمكن أن تسفر عنه هذه الانتفاضة وما يمكن أن تقدمه قوى المعارضة المصرية لها. «الانتفاضة التى تندلع بدون قيادة منظمة نتائجها تكون غير مضمونة»، يقول حسين عبدالرازق، مستشهدا بما حدث فى مصر 18 و19 يناير 1977، التى يرى أن نتائجها لهذا السبب جاءت عكسية فى صورة مزيد من القوانين التى تضيق على الحريات، وارتفاع الأسعار أضعاف ما كانت عليه وما كانت تحاول الحكومة فرضه. هنا يأخذ إبراهيم نوار على «المعارضة المصرية والنخبة» التى كانت يفترض أن تتقدم لقيادة أى تحرك من هذا النوع» أنها «مشغولة بنفسها أكثر من انشغالها بالوطن»، وأضاف: «المعارضة لم تستطع أن تحصد سياسيا أى نتائج للغضب الموجود فى الشارع المصرى فى الفترة من عام 2004 إلى 2010»، مطالبا النخبة المصرية باحتضان مطالب الجماهير. ويتفق حسين عبدالرازق مع نوار فيما يتعلق بعجز المعارضة الذى يرجعه إلى «حصار السلطة لها داخل مقر وصحيفة، لمنعها من التواصل مع الجماهير» وإلى قبول الأحزاب لهذه الصيغة وعدم تمردها عليها كما يجب، على حد قوله. لكن على السلمى، رئيس حكومة ظل الوفد يتحدث بتفاؤل عن أن بعض فصائل المعارضة ربما تكون جاهزة أو فى طور التجهيز للتعامل مع أى أحداث شبيهة وقيادتها، مشيرا إلى أن حكومة ظل الوفد وتحركاته فى الفترة الأخيرة ربما تكون دليلا على ذلك. وفيما يستشعر رفعت السعيد الخوف فى تحركات الجماهير التونسية «لأنها لم تجد قيادة ولأن السلطة الآن يتنازعها الجيش أو الغنوشى» يتحدث إبراهيم نوار عن أداء متطور ومواكب للحدث من المعارضة والمجتمع المدنى التونسى، تواجدها فى الشارع مع الشعب وقدرتها على تطوير مطالبه الأمر الذى أدى لاستبعاد الغنوشى. يأمل إبراهيم نوار فى أن تتقدم المعارضة المصرية وتتمركز فى مواقع القوة العمالية والجماهيرية، وهو ما يشاركه فيه على السلمى، وإن كان لا يزال يأمل فى نفس الوقت بأن «تبادر السلطة إلى الإصلاح والتغيير طواعية طواعية» وأن يخرج منها من يقول «أنا ماشى».