حذر الفقيه الدستوري، يحيى الجمل، ما أسماه التفاف الحكومة على الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، بإبطال القانون 100 المنظم لعمل النقابات المهنية، وقال، خلال مشاركته في مؤتمر "المحكمة الدستورية ودورها في تفعيل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، الذي نظمه المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، اليوم الخميس، "نرجو ألا تلتف الحكومة على حكم عدم الدستورية". وأشار الجمل إلى تجربة قانون الجمعيات الأهلية الذي سبق وأبطلته المحكمة الدستورية، بسبب عدم عرضه على مجلس الشورى، وقال، "جاءت الحكومة وأخذت القانون ومسخته، وجعلته أسوأ مما سبق"، داعيا النقابات المهنية إلى الضغط والتصدي لأية محاولات لتشويه القانون، بحسب تعبيره. وأضاف الجمل "مكتوب علينا أن كل شيء ينحدر ويتدهور، ولكن مصدر سعادتي أحكام مجلس الدولة الأخيرة، التي أكدت أنه ما زال يوجد صروح شامخة". وشدد الفقيه الدستوري على ضرورة الالتزام بسيادة القانون، معتبرا أنها أساس الدولة الحديثة، وقال إن الاستشكالات التي تقدمت بها الحكومة ضد أحكام القضاء الإداري لا قيمة لها، لأنها قدمتها إلى محاكم عادية، وليس مجلس الدولة. ودعا إلى احترام إرادة المواطنين، والتعبير عن هذه الإرادة بكل الأشكال، وأن تكون الانتخابات دون ما أسماه تزوير وفجاجة في التصرف. من جانبه قال المحامي بالنقض، عصام الإسلامبولي، الحاصل على الحكم ببطلان قانون النقابات المهنية، "نضع دساتير عظيمة ورائعة، ولا نطبقها، ونخالف الدستور، وتمضي فترة ونعدله ليتطابق مع المخالفات التي قمنا بها، وهذه أمور شاذة". ووصف التعديلات الدستورية التي حدثت في عام 2007 بالانتهاكات الدستورية، مشيرا إلى تناقض المادة 179 مع عدد من مواد الدستور، واعتبر أن حكم المحكمة الدستورية الخاص بالخصخصة، وعدم تعارضها مع الدستور هو المقدمة لهذه المخالفات. وحذر من تقييد دور المحكمة الدستورية، قائلا "عندما تباشر المحكمة الدستورية دورها على الوجه الأكمل، يتم تقييدها بطريقتين"، مشيرا إلى تعيين رؤساء للمحكمة من خارجها، أو تعديل اختصاصاتها لتحجيمها. أما رئيس المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، ناصر أمين، فقال، إن المؤتمر يناقش دور القضاء في ترسيخ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بعد صدور الحكم الخاص ببطلان القانون 100، لافتا إلى العمل على إصدار توصيات يتم رفعها إلى صناع القرار، "للاسترشاد بها إن أرادوا إصلاحا، رغم أننا حتى الآن ليس لدينا أمل في وجود هذه الإرادة" وفقا لتعبيره. بينما اعتبر أستاذ القانون العام بجامعة القاهرة، يسري العصار، أنه لا حاجة لإصدار قانون جديد ينظم انتخابات النقابات المهنية، وقال في الورقة التي قدمها في المؤتمر "في حالة إصدار قانون جديد لا بد أن يراعي مبدأ الحرية النقابية وديمقراطية تشكيل المجالس النقابية"، داعيا إلى عدم فرض تحد من حرية أعضاء النقابات في انتخاب مجالس النقابات، أو فرض شروط توافر نصاب قانوني معين للانتخاب.