دعا مفتى تونس التى شهدت فى الفترة الأخيرة حالات انتحار حرقا إلى عدم الصلاة على المنتحر «استنكارا لما صدر عنه وزجرا لغيره». وقال الشيخ عثمان بطيخ مفتى تونس إن «الانتحار ومحاولته جريمة وكبيرة من الكبائر، ولا فرق شرعا بين من يتعمد قتل نفسه أو قتل غيره». وأضاف: «..سيان، أكان القتل بسم أو بسلاح أو بحرق أو بغرق، فكله عمل شنيع، ومحاولة ذلك جريمة يعاقب عليها الشرع والقانون، والمنتحر مرتكب كبيرة وليس بكافر فيغسل ويصلى عليه ويدفن فى مقابر المسلمين ولا يصلى عليه الأفاضل من الناس استنكارا لما صدر عنه وزجرا لغيره». وأضاف: «ولو أخرج الأغنياء زكاة أموالهم ووزعوها بالعدل على المناطق الأكثر احتياجا وفقرا، لكان خيرا لهم ولغيرهم». وانطلقت يوم 18 ديسمبر 2010 شرارة احتجاجات اجتماعية وأعمال عنف غير مسبوقة فى عدة مدن بمحافظة سيدى بوزيد جنوب العاصمة تونس، غداة إقدام بائع متجول على الانتحار بإحراق نفسه احتجاجا على تعرضه للصفع والبصق على الوجه من قبل شرطية امرأة تشاجر معها بعد أن منعته من بيع الخضر والفاكهة دون ترخيص من البلدية، ولرفض المحافظة قبوله لتقديم شكوى ضد الشرطية. وسكب الشاب الذى يدعى محمد البوعزيزى، 26 عاما، البنزين على جسمه وأضرم النار فى نفسه أمام مقر محافظة سيدى بوزيد، ثم توفى متأثرا بحروقه. وفجرت هذه الحادثة موجة احتجاجات اجتماعية لا تزال مستمرة بعد أن امتدت إلى عدة محافظات أخرى فى البلاد، ويندد المحتجون بما يسمونه «تردى ظروف المعيشة وتفشى البطالة والفساد». كانت دراسة أعدها ثلاثة من كبار أطباء الأعصاب فى تونس ونشرت سنة 2005 أظهرت أن واحدا من بين كل ألف تونسى يحاول الانتحار، وأن نسب الانتحار فى تونس، التى يبلغ عدد السكان فيها أكثر من 10 ملايين، أصبحت تفوق المعدلات فى باقى الدول العربية. وقدرت الدراسة مجموع محاولات الانتحار التى يتم تسجيلها سنويا فى تونس بنحو 10 آلاف محاولة تنجح فرق الإسعاف فى إنقاذ حياة أغلب منفذيها.