أربعة أعوام مضت من عمر الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، لم يلمس فيها الكثير من أولياء الامور تغيرا جذريا فى أسلوب التعلم، حتى بتلك المدارس التى حصلت بالفعل على الجودة والاعتماد، والتى لا يتجاوز عددها ال600 مدرسة، من بين 43 ألف مدرسة على مستوى الجمهورية. وفى حين يرى خبراء تربويون ميدانيون أن ما أنجزته الهيئة المنشأة بقرار جمهورى والتابعة لمجلس الوزراء نقلة مهمة أو على الاقل تحريك للمياه الراكدة، رأى آخرون غير ذلك، لامسين وملمحين إلى أسباب ذلك النقاش الذى واكب إنشاء الهيئة واستمر حتى اليوم، من أهمية أن تكون تابعة لرئيس الجمهورية مباشرة لتكون مستقلة بالفعل بحسب رأى د. حسام بدراوى رئيس لجنة التعليم بالحزب الوطنى، ومن أن تكون تابعة لمجلس الوزراء ليسهل متابعة عملها والرد على مطالبها بحسب رأى د. مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية. ويرى الدكتور أحمد إسماعيل حجى أستاذ التربية بجامعة حلوان أن الهيئة رغم حداثة نشأتها ساعدت على تحريك المياه الراكدة بحسب وصفه، حيث أسهمت فى نشر ثقافة جودة التعليم، ووضع معايير الاعتماد لمؤسسات التعليم الجامعى وقبل الجامعى، وتحفيز المؤسسات التعليمية على تطبيقها، وتدريب موجهين سابقين وعاملين فى وزارة التربية والتعليم على أن يكونوا مراجعين للمدارس، واصفا عملها بالجدى والمنجز. واتفق معه الدكتور محمد عطية خميس أستاذ تكنولوجيا التعليم ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس بكلية البنات بجامعة عين شمس فى أهمية وضعها المعايير التى وضعتها الهيئة، وإن أخذت بعضها الطابع الشكلى، فمثلا من شروط الجودة أن تكون المدرسة مزودة بوسائل التكنولوجيا، لكن الواقع يشير إلى أن توافر الاجهزة التكنولوجية بالمدارس ليس بالضرورة استخدامها فى تعليم الطلاب، مؤكدا أهمية دور وزارة التربية والتعليم فى متابعة المدارس التى حصلت على الجودة للتأكد من التزامها بالمعايير. وعلى الجانب الآخر رأى الدكتور كمال مغيث الأستاذ بالمركز القومى للبحوث التربوية والتنمية أن الهيئة لم تساهم فى تحسين أحوال المدارس، مرجعا السبب إلى أن طريقة إنشائها تمت بشكل مؤسسى لا يتناسب مع نظام التعليم فى مصر، المعتمد على النظام المركزى، مما يدفع مدير المدرسة فى حالة عدم توافر الإمكانيات إلى أن يقول «ماجتلناش تعليمات». ووصف اعتماد هيئة الجودة ل600 مدرسة فقط فى ثلاث سنوات بالمصيبة، مشيرا إلى أن جميع مدارس الجمهورية والتى يصل عددها إلى 43 ألف مدرسة إلى 400 سنة ليتم اعتمادها جميعا، مؤكدا أن المدارس التى أخذت الجودة «ظروفها سمحت بذلك»، فبعضها اشترك معلموها فى بعثات تعليمية إلى أوروبا فعملوا على تطوير المدرسة. أما د. محمود كامل الناقة، أستاذ مناهج اللغة العربية بتربية عين شمس، القريب من عمل الهيئة والمتابع للواقع فى المدارس معا، فألمح إلى الثغرة بين المعلن وبين الواقع قائلا: إذا كانت الهيئة قد انتهت خلال عامين من إنشائها من وضع المعايير والمقاييس والتوجيهات والارشادات لتطوير المدارس، تعد بارقة أمل، لكنها لا تستطيع أن تحيى الموتى، وأن على أهل المريض أن يساعدوا الطبيب فى العلاج، موضحا أن على وزارة التربية والتعليم أن تمد يدها للمدارس باصلاح المبانى وتدريب المعلمين، لأن يد الهيئة بمفردها لن تصفق، من دون أن تقتنع وزارة التربية والتعليم (وهى فى حضن الدولة) بانضاج التجربة. من جانبه قال الدكتور مجدى قاسم رئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد إن قانون انشاء الهيئة يحدد لها مهمة الزيارات الاستطلاعية للمدارس واعتمادها واستمرار متابعتها بعد حصولها على الجودة والاعتماد، لافتا إلى أن الهيئة لا تتهاون فى متابعة المدارس بعد الاعتماد ودلل على ذلك بأن الهيئة أنذرت خمس مدارس بسحب الاعتماد منها لسوء أحوالها، لافتا إلى أن أكثر ما يركز عليه المراجعون فى زياراتهم للمدارس هو مستوى المتعلم فى المواد الدراسية المختلفة، ونسبة نجاح التلاميذ بالمدرسة، لأن الهيئة لا تحكم على شكل المبنى ولكن على جوهر العملية التعليمية، مؤكدا وجود تعاون كبير من قبل مديرى المدارس مع عمل الهيئة.