تعانى المواصلات فى مصر ورما سرطانيا اسمه «العشوائية»، فإذا كنت أحد المرتادين لوسائل المواصلات فأنت فريسة يومية لعشوائية الأجرة، وتحكم وابتزاز السائقين، وعدم وجود أماكن مخصصة للميكروباصات، وتزاحم الراكب، وغياب الرقابة.. فى النهاية ستجد نفسك مجبرا على الرضوخ لحالة يومية من عدم العدالة، لأنه باختصار: الشكوى مستعصية على الحل، والأزمة غير قابلة للانفراج. ففى محافظة القليوبية، تعانى المواقف حالة إهمال وتردٍ تسببت فى سيطرة السائقين ومساومة الركاب على الأجرة وانتشار البلطجة، ففى موقفى الزهور والزراعة بشبرا الخيمة يشكو الركاب من زيادة الأجرة بشكل عشوائى، خاصة فى موسم المدارس والجامعات، وقال نصر إبراهيم، موظف، إن خط بنها الزراعة يشهد حالة فوضى، مثل امتناع السائقين عن التحميل، ومساومة الركاب على دفع ضعف الأجرة المقررة. ويطلق محمد عبدالرحمن، على يومى الأربعاء والخميس، «أيام العذاب»، وهذا بسبب كثافة أعداد الركاب، مما يعنى تزايد تعنت السائقين وتحكمهم فى حركة السير، يضيف: «شدة الزحام تعنى تجبر السائقين ومضاعفة الأجرة وتحميل السيارات بأكثر من العدد المقرر، ويصبح الأهالى تحت رحمتهم». وتشكو إحدى الراكبات من انتشار ظاهرة التحرش بالفتيات داخل الموقف، ويساعد على ذلك غياب الرقابة الأمنية وشدة الزحام، فيما يستنكر آخر لجوء السائقين إلى تقطيع الطريق، وهو ما يكلف الراكب أجرة مضاعفة تفوق قدراته، فضلا عن استغلال المسافرين فى أوقات الذروة لإجبارهم على الركوب مخصوص، منتقدا انعدام الوجود المرورى، واهتمام رجال المرور بتحرير الغرامات والمخالفات، دون وضع نظام منضبط ومراقبة السائقين. ويؤكد سامى عبدالوهاب، عضو مجلس محلى بنها، أن ظاهرة تقطيع المسافات وعدم الالتزام بخطوط السير لزيادة الأجرة، مشاكل باتت معروفة، ولابد من البحث عن حلول سريعة لها». وأفاد مصدر مسئول بالمرور ل «الشروق» عن تنظيم حملات يومية على جميع المواقف بالمحافظة لمكافحة ظواهر الزيادة العشوائية للأجرة وعدم الالتزام بالأعداد المقررة للركاب، وتقسيم المسافات، مطالبا الأهالى بعدم التفريط فى حقوقهم والتعاون مع رجال المرور بالإبلاغ عن المخالفين، وعدم الاستجابة لجشع السائقين. وفى بنى سويف، تكاد تكون الأزمة متكررة، تقطيع مسافات وأجرة مضاعفة وابتزاز السائقين إلى آخره من المشاكل اليومية، التى يعانيها الركاب، يقول راكب: «يفرض السائقون أجرة مضاعفة بحجة تكبدهم غرامات ضخمة»، وفى موقفى محيى الدين العبور تحدث حالات اشتباك يومية بين الركاب والسائقين، وتسفر أحيانا عن محاضر رسمية وإصابات، يؤكد أحمد هاشم محمد، طالب بجامعة بنى سويف، أنه يعيش معاناة يومية عند الذهاب والعودة من الجامعة إلى منزله، ويضيف: «فى بداية العام الدراسى قامت المحافظة بتشغيل مشروع النقل الجماعى، وكان بمثابة رحمة لنا من جشع السائقين، ولكن للأسف لم يستمر المشروع أكثر من أسبوع، ولم يتم تشغيله مجددا، ولا نعرف السبب». وعلى الجانب الآخر يدافع محمد رجب حسين، سائق، حيث يتعرض السائقون لغرامات يومية تذهب بحصيلة يومهم بالكامل، يقول: «نعانى من المخالفات، التى يحررها رجال المرور على الطريق الصحراوى الشرقى، وتصل إلى 500 جنيه، بخلاف زيادة أسعار البنزين والسولار وقطع الغيار هذا غير النفقات، التى نتكبدها دون أن يدرى بها الركاب». وأضاف كامل معوض، سائق، «ندفع كارتة مجمعة سنويا 1200 جنيه، وغرامات المرور يتم تحريرها عشوائيا، ونتفاجأ عند تجديد تراخيص السيارة بغرامات تصل إلى 20 ألف جنيه، هذا إلى جانب عدم تخصيص موقف لنا بالمنيب، فنضطر إلى التحميل العشوائى». ويوضح أحمد الجبلاوى، مدير قطاع المواقف ببنى سويف، أن أتوبيسات النقل الجماعى تبدأ عملها الساعة 7 صباحا فى وقت خروج الطلاب والموظفين، نافيا صحة ما يردده الركاب عن زيادة الأجرة، مضيفا: «الأجرة معلنة ويتم التنبيه عنها بصفة مستمرة، وهناك قرار للمحافظ بتغريم السائق 500 جنيه فى حالة زيادة الأجرة، أما عملية تحميل الركاب فهى مسئولية المرور، ونطالب الأهالى بالإبلاغ عن المخالفين لمعاقبتهم». وفى أسوان، تفشت ظاهرة رفع الأجرة بعد الساعة الثانية عشرة ليلا، وبالأخص فى موقف أسوان العمومى، وهناك نحو 300 شكوى مقدمة إلى رئيس مجلس مدينة كوم أمبو تفيد امتناع أصحاب السرفيس من تكملة خط السير، حيث يكتفى السائقون بالوقوف فى منطقة المزلقان، مما يضطر المواطنين إلى استقلال سرفيس آخر، ويشكو أهالى ادفو من تحويل سيارات السرفيس إلى مخصوص بأجر عالى بعد منتصف الليل، فى غياب كل من الرقابة المرورية ومجلس المدينة. من جانبه أكد اللواء مصطفى السيد، محافظ أسوان، أن الخطة المقبلة تهدف للقضاء نهائيا على ما وصفه «إمبراطورية السر فيس» عبر طرح مشروع النقل الداخلى للتخفيف من معاناة الأهالى، مشيرا إلى أن المشروع بدأ فعليا بطرح 300 «مينى باص»، على أن تزيد مستقبلا إلى 1000 سيارة.