حذر خبراء قانونيون من أن حملة جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس لزيادة مساحة الشفافية الرسمية قد تأتي بنتيجة عكسية، بدفعها الحكومة الأمريكية إلى فرض إجراءات صارمة قد تنال من الصحفيين. وكان وزير العدل الأمريكي إيريك هولدر، قال إن إدارة الرئيس باراك أوباما تدرس ما إذا كانت ستوجه اتهامات جنائية ضد أسانج لدوره في نشر مئات الآلاف من الوثائق السرية الأمريكية. ويقول مسؤولون إن أحد القوانين التي تجري دراستها قانون للتجسس، نادرا ما يستخدم ضد من يحصلون على تسريبات رسمية. وقال مشرعون من بينهم قيادة لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ، إنه إذا كان القانون الجنائي الأمريكي ضعيف أو عتيق على نحو لا يسمح بإغلاق موقع ويكيليكس الإلكتروني، فلا بد من سن تشريع يجعل إجراء كهذا أكثر يسرا. وأثار أسانج، وهو خبير كمبيوتر أسترالي تطالب السلطات السويدية باستجوابه في جرائم جنسية مزعومة، غضب الولاياتالمتحدة بنشره برقيات دبلوماسية سرية وتقارير عسكرية على موقعه الإلكتروني، وعمل مع صحف في أرجاء العالم على تضخيم تأثير الكشف عن هذه البرقيات. وقال أسانج للصحفيين أمس الجمعة، إنه أصبح هدفا لتحقيق قاس من قبل السلطات الأمريكية، وإنه يخشى من أن تسليمه إلى الولاياتالمتحدة قد بات "مرجحا بشكل متزايد". ويقول خبراء في التجسس وحرية المعلومات إن أي إجراءات أمريكية ضد أسانج وأي بائعين مماثلين أو وسطاء للوثائق المسربة ستجعل من الأيسر على الحكومة البدء في أن تلاحق قضائيا أي شخص يحصل على معلومات غير مسموح بها وفي مقدمة هؤلاء الصحفيون. وقال فلويد أبرامز وهو خبير في حرية الصحافة "النتائج المترتبة على سلوك (أسانج) بالنسبة للصحافة الأمريكية يمكن أن تكون صارخة ومؤلمة". وقالت فيكتوريا توينسينج، وهي مدعية كبيرة سابقة في وزارة العدل الأمريكي وخبيرة مخابرات في الكونجرس، إن أسانج قد يكون "غريب الأطوار.. لكن لا أرى ما هو الفارق بينه وبين أي صحفي آخر". وأضافت أنه إذا سعت الحكومة إلى محاكمة أسانج للتآمر مع آخرين لانتهاك قانون التجسس باستمالة المسربين فقد تواجه منظمات إعلامية مثل نيويورك تايمز التي تنشر التسريبات خطرا قانونيا مماثلا. وقال ستيفن افترجود والذي يشن حملة ضد السرية المفرطة لدي الحكومة مع اتحاد العلماء الأمريكيين، إن أي محاولة أمريكية لمحاكمة أسانج "تهدد بخفض سقف محاكمة الصحفيين الذين يقومون بتغطية الأمن القومي. وقد يقع الصحفيون الذين يسعون عادة للحصول على وثائق سرية تحت طائلة هذا القانون". هناك صراع سياسي منذ فترة طويلة بين رغبة المسؤولين في حماية الأسرار الرسمية وإصرار وسائل الإعلام وتصميمها على كشف النقاب عن آليات العمل الداخلية للحكومة. وسجلت وسائل الإعلام نصر كبيرا في عام 1971 عندما قضت المحكمة العليا الأمريكية بأنه لا يمكن لإدارة الرئيس الأمريكي الراحل ريتشارد نيكسون أن تمنع الصحف من نشر أوراق البنتاجون (وزارة الدفاع الأمريكية)، وهي دراسة لحرب فيتنام على درجة كبيرة من السرية. ورفض الكونجرس في السابق محاولات تشديد القوانين الأمريكية المناهضة للتسريب من خلال سن قانون أمريكي مماثل لقانون الأسرار الرسمية البريطاني والذي وجد المدعون صعوبة في تطبيقه على تسريبات لا ترتبط بالتجسس الخطير. واستغرق التحقيق في القضايا الأمريكية السابقة التي تضمنت تسريب معلومات سرية عدة أشهر إن لم يكن سنوات. ونادرا ما تسعى السلطات الاتحادية لتوجيه اتهامات لصحفيين أو مؤسسات إعلامية إذا سعت أصلا لذلك، رغم أن إدارة أوباما بدأت محاكمة واحدة على الأقل لمسؤول سابق يشتبه في أنه كان مصدرا لصحفي. واقامة قضية ضد أسانج أو أي شخص آخر مرتبط بتسريب معلومات سرية سيستغرق وقتا. ولم يقدم مسؤولون من وزارة العدل أي مؤشر على أن التهم الموجهة لأسانج أو آخرين وشيكة. وقال جيفري روبرتسون وهو محام أسانج لرويترز أمس الجمعة، إن أعضاء آخرين في فريق الدفاع القانوني عن أسانج ليس لديهم "أي علم" عن الإجراءات التي قد يتخذها المحققون والمدعون الأمريكيون. وقال جلين دوناث المدعي الاتحادي السابق، إن من المرجح أن تكون هيئة محلفين عليا تشكلت للنظر في الأدلة لكن ذلك سيستغرق وقتا، كي يقوم محققو مكتب التحقيقات الاتحادي بجمع الأدلة وبناء دعوى قضائية محتملة. وقال دوناث الذي يعمل الآن في القطاع الخاص "أعتقد أنه من المرجح بشدة أن تسعى الحكومة لجمع أدلة في محاولة لإثبات أن السيد أسانج كان متعاونا نشطا أو متآمرا مع (الجندي برادلي مانينج، وهو جندي مسجون للاشتباه في أنه قام بتسريب آلاف الوثائق السرية)، ولم يكن مجرد متلق سلبي لكل الوثائق المسربة".