هل يمكن أن نعتبر أن المعارضة بأحزابها وقواها المختلفة لعبت دور «الملاك» فى الانتخابات الأخيرة فى مواجهة «شيطان» الحكومة والحزب الوطن؟!. إذا افترضنا أن الحكومة كان لها دور سلبى للغاية فى حدوث التزوير الذى تم سواء بالمساهمة فيه أو عدم منعه، وإذا افترضنا أن الحزب الوطنى «كوش» و«احتكر» على كل شىء، غير مكترث بالتوازنات السياسية فى المجتمع.. إذا افترضنا ذلك ألا يمكننا أن نحمل المعارضة جزءا من مسئولية ما حدث؟!. كثيرون كتبوا منتقدين دور الحكومة وحزبها.. لكن الأمانة تقتضى الإشارة إلى أنه لولا ضعف المعارضة وهوانها على نفسها وعلى المواطنين، ما حدث الذى حدث. المنطقى أن تدير الحكومة وأجهزتها الانتخابات بنزاهة وشفافية، أو أن تكون أجهزة الشرطة ملتزمة بالحياد الإيجابى خصوصا منع البلطجية وأعمال العنف خارج اللجان.. وأن تكون عادلة Ê•« ›—fi بين مندوبى المرشحين ووكلائهم.. هذا هو المنطقى والطبيعى، لكن وبما أننا فى مصر.. فإن المثل والأخلاق والبديهيات لا تتوافر كثيرا فى الممارسات السياسية.. السياسة يحكمها فى مصر والعالم الصفقات والتوازنات والحسابات حتى لو كانت خاطئة. نعرف جميعا مسئولية الحكومة عما حدث، لكن هذه الحكومة ما كان يمكن لها أن تفعل ما فعلت لو أنها متأكدة من وجود ما يسمى بالمعارضة. فى أى دولة بالعالم، لو أن الحكومة قررت تزوير الانتخابات أو فعل أى شىء خاطئ فهى تحسب الأمر جيدا.. خصوصا رد فعل القوى السياسية والاجتماعية الأخرى الموجودة فى المجتمع. لو أن الحكومة فكرت للحظة أن هناك احتمالا لرد فعل قوى من المعارضة أو أى قوة أخرى.. ما حدث الذى حدث. الآن المعارضة كلها خصوصا قواها الرئيسية وهى جماعة الإخوان وحزب الوفد أعلنا انسحابهما من جولة الإعادة، وقالا فى الانتخابات ما لم يقله مالك فى الخمر.. وماذا بعد؟.. ماذا يستطيعان أن يفعلا لتغيير ذلك، ما الذى تملكه المعارضة لإقناع الحكومة أن تزوير الانتخابات «عيب وحرام وهيدخلها النار»؟. للأسف الشديد لا شىء. أقصى ما تفعله المعارضة هو بيانات صحفية شديدة اللهجة، ثم ندوات ومؤتمرات، وحتى المظاهرات الهزيلة تنفذها حركات الرفض السياسى والاجتماعى وليس الأحزاب التى تقول عن نفسها إنها كبيرة وشرعية. المعارضة ونرجو ألا تغضب لا تملك إقناع ألف مواطن بتنظيم مظاهرة سلمية سواء ضد ارتفاع الطماطم، أو تزوير الانتخابات.. إذن، ما الذى يجبر الحكومة على عدم احتكار مجلس الشعب والشورى والمحليات والنقابات وأى مجالس تنشأ مستقبلا؟!. المسألة باختصار أن المعارضة الضعيفة تغرى الحكومة بالتهامها.. والحقيقة المرة التى ينبغى أن نعترف بها إذا أردنا فعلا إصلاحا حقيقيا هى أن نبدأ فى تشخيص المرض جيدا. وأول مظاهر المرض أن حياتنا السياسية ماتت منذ أمد وتم دفنها، وما يحدث لا يمت لمفهوم السياسة بصلة. المواطنون البسطاء معذورون ولا يمكن لومهم.. نلوم فقط الأحزاب والقوى السياسية التى تتحدث ليل نهار عن الإصلاح والطهارة والتغيير.. وهى أكثر إجراما من الحكومة، لأنها ضحكت علينا وأقنعتنا أنها معارضة ثم تبين أنها معارضة للشعب وليس للحكومة.