فى حفل أشبه بالعرس انطلقت كلاكسات السيارات تزف صناديق الانتخابات من مدرسة كفر العلو الابتدائية، فى تجمع كبير لأطفال وشباب المنطقة. يحاول محمود عسكرى الأمن إبعاد الأطفال عن بوابة المدرسة، «يارب اليوم دا يعدى على خير». الشرطى محمود لا يهتم بأسماء المرشحين الأقوى فى دائرة حلوان والمعصرة لمقعد الفئات، ولا يعلم بالتغيرات الجغرافية الأخيرة التى حدثت فى الدائرة، «انا المهم عندى أخلص شغلى وأروح أنام». يتذكر الشاب العشرينى أنه بدأ مهامه فى الانتخابات منذ يوم السبت الماضى، بنقل صناديق الاقتراع إلى المدارس فى دائرة حلوان. ينظر محمود إلى بعض المراهقين الذين يحملون بعضهم لنزع اللافتات المصنوعة من القماش المعلقة فى الشوارع، «العيال دى مش بتهمد». يصرخ أمين الشرطة على الصغار «يابنى أبعد عن المدرسة»، ويرد الشاب الذى نجح فى نزع اللافتة «إيه يا دفعة المولد انفض، سيبنا بقى ناكل عيش». فريق من الأطفال يساعد المراهقين، ودورهم يقتصر على حمل اللافتة التى يتم طيها بشكل عشوائى، والركض بها إلى المخزن، يقول أحد الشباب من جامعى اللافتات رفض ذكر اسمه، «إحنا بنجمع اليفط كلها فى مدخل بيت، وبعدين نبيع القماش على عشرة جنيه الحتة»، ولكنه رفض أن يصرح عن الأشخاص الذين يشترون منه أقمشة اللافتات. عندما حاول الرجل الملتحى ذو الجلباب الأبيض، الاقتراب من سور المدرسة استوقفه الشرطى محمود «رايح فين يا شيخ؟»، وطلب منه أن يمر من الاتجاه الآخر، قبل أن يقول الرجل «أنا تبع الوزير»، لكن الشرطى محمود الذى يحفظ الأوامر عن ظهر قلب لا يهتم بأسماء المرشحين، «معلش أقف بعيد علشان دى أوامر». الشارع الضيق لمدخل كفر العلو، شهد عوائق مرورية كبيرة بسبب سيارات أنصار المرشحين، خاصة مع مرور سيارات النقل الثقيل من نفس الشارع. وخلا المشهد الانتخابى من السيدات تماما، يعلق الشرطى محمود «أصل فى واحدة اتخطفت يوم الجمعة من السوق والستات خايفين يطلعوا»، حادث السيدة التى اختفت ولم تعد حتى الآن، أثر على حركة السيدات داخل البلدة الصغيرة، «بيقولوا كانت لابسة دهب كتير فى اديها» على حد قول محمود. الحوار السياسى المشتعل على المقهى القريب من المدرسة، توقف عندما صرخ أحد الشباب، «خرجت خرجت»، ويقصد صناديق الانتخاب التى غادرت المدرسة فى السابعة والربع تقريبا. وفور تحرك أتوبيس النقل العام الذى يحمل الصناديق ومندوبين المرشحين، فى حماية سيارات الميكروباص التى يستقلها رجال الأمن، لحقت به سيارات التوك توك والنقل الصغير محملة بأنصار المرشحان مصطفى بكرى، ووزير الحربية سيد مشعل. .. وفرقة محمد «لإفساد» الأصوات فى الحدائق كان محمد، 25 عاما، يقف بين العشرات داخل قسم حدائق القبة لاستخراج البطاقة الانتخابية صباح يوم الانتخابات، ولم يكن يفكر فى الإدلاء بصوته، بل كانت لديه خطة مختلفة عن كل جيرانه فى الطابور. «انا جيت ابطل صوتى بدل ما يروح لحد ما يتزور، ويروح لواحد ما يستحقش». الفكرة خطرت لمحمد، المحاسب بإحدى الشركات الخاصة، بعد أن سمع بما يحدث داخل اللجان. «عرفت من اصحابى اللى كانوا مندوبين فى انتخابات 2005 ان اللى مش بينتخب بنفسه، المندوبين بيصوتوا باسمه». المندوبون عن المرشحين يتواجدون داخل اللجان لمتابعة عملية الانتخاب. وييبدأ عملهم قبل الانتخابات بعدة أسابيع، عندما يحصلون على كشوف الناخبين الكاملة من قسم الشرطة. «بعد كده بيشوفوا مين مسافر ومين مات ويبدأوا يصوتوا فى اللجان بأساميهم». يتحدث محمد عن تجربة أصدقائه المندوبين «عرفتنى ان صوتى مهم جدا» وهنا قرر محمد مع مجموعة من 25 واحدا من زملائه وجيرانه الوقوف أمام عمل المندوبين، وعلى كل واحد من المجموعة نشر الفكرة بين أصدقائه وجيرانه، «احنا مش هنروج ننتخب، احنا رايحين نبطل صوتنا». يعتقد محمد أنه بمجرد وضع علامة امام اسمه داخل الكشوف الانتخابية يقطع الطريق امام استغلال اسمه مرة أخرى. محمد، يشارك لأول مرة فى الانتخابات «ورا الستارة وانا باصوت مفيش حد بيملينى اكتب ايه» وهنا يبدأ محمد تنفيذ خطته «اعلم على كل الاسماء الموجودة فى ورقة التصويت» فهو يرى ان ابطال الصوت اهم من الانتخاب الصحيح «لان مفيش ولا مرشح يستحق انى انتخبه، لو كان فيه واحد يستحق ما كنتش عملت كده». يتحدث محمد عن السبب الاهم الذى جعله ينفذ الخطة مع زملائه «قبل الانتخابات بأسبوع كنت قاعد على القهوة مع واحد صاحبى، ودخل مرشح وعمل مؤتمر اتكلم فيه عن عيوب المرشحين التانيين، وشتم فيهم كلهم من غير ما يقول اى حاجة عن نفسه». كلام المرشح عن منافسيه «خلانى احتقرته اوى» وخصوصا بعد ان وزع المرشح على الموجودين فى القهوة «علب هدايا وكمان حاسب على المشاريب للقهوة كلها»، فرفض محمد استلام الهدايا من اتباع المرشحين، «بس سمحت له يحاسب على المشاريب».