«تغطية الترع والمصارف فى القرى.. رفع أسعار توريد القمح من 240 إلى 300 جنيه.. زيادة أعداد القوافل الطبية للنجوع.. إلغاء كل غرامات الأرز للعام الحالى.. إضافة فيتامين سى للزيت التموينى» وغيرها من القرارات التى أصدرتها الحكومة فى الآونة الأخيرة وروجت لها عبر الإعلانات التليفزيونية.. هذا فضلا عن المشروعات المؤجلة التى أعلنت الحكومة عن القيام بها ولم تقم بتنفيذها بعد.. كل ذلك يأتى فى وقت ليس ببعيد عن إجراء انتخابات مجلس الشعب التى ستساهم بشكل كبير فى تحديد الرئيس القادم لمصر. الوزراء دافعوا عن قرارات الحكومة نافين ارتباط صدورها بقرب موعد انتخابات مجلس الشعب، فى حين وجه قادة القوى السياسية والأحزاب مجموعة من الاتهامات لهم على رأسها استغلال النفوذ والإخلال بمبدأ المساواة بين المرشحين. رئيس حكومة الظل بحزب الوفد، الدكتور على السلمى، أكد أن خدمات الحكومة التى تظهر وقت الانتخابات هى سياسات وتقليد حكومى قديم تتبعه الحكومات غير الشعبية لتسقط أحكاما قضائية أو غرامات وتعد بتوفير خدمات صحية وتعليمية واجتماعية، والتى يمكن الاستغناء عنها لو كانت الحكومة قائمة بواجباتها منذ توليها المسئولية. واعتبر السلمى هذه السياسات الحكومية محاولة لزيادة أصوات الناخبين لصالح الحزب الوطنى، مؤكدا أنه بمجرد الانتهاء من الانتخابات والفوز بأغلبية المقاعد ستعود الحكومة المصرية لسياستها القديمة. فيما وصف البدرى فرغلى، رئيس اتحاد المعاشات ومرشح حزب التجمع عن دائرة الشرق وبورسعيد، هذه الخدمات ب«الرشاوى الانتخابية بعد سيطرة رأس المال فى الحكومة والبرلمان»، وقال: «الدولة تتصرف مع الخزانة العامة على أنها ملك لها تصرف منها على الانتخابات مع عدم إعطاء المرشحين المستقلين والحزبيين أى إعانات مالية، فهى عمليات نصب واحتيال على الناخب المصرى». وأبدى البدرى تخوفه من تأجيل بت الحكومة فى عدد من القرارات المهمة التى تخص الأغلبية الساحقة من الشعب المصرى وتأجيلها لما بعد الانتخابات، قائلا: «الحكومة المصرية فى جعبتها الجحيم للشعب المصرى، وستتعامل مع بطاقات التموين والدعم معاملة قاسية.. لأنها تعتبر الفقراء هم المورد الرئيسى للخزانة العامة للدولة». عبدالخالق فاروق، الخبير الاقتصادى اعتبر أن القرارات الأخيرة للحكومة هى بمثابة تمييز للوزراء فى اتخاذ قرارات تتحملها الموازنة العامة للدولة من أجل تعزيز فرص انتخابهم، على حد تعبيره. وقال: «هذا شكل من أشكال استغلال النفوذ لتحقيق مصلحة شخصية»، وأضاف: «إن الدولة التى تسمح بذلك تخل بمبادئ المساواة بين المرشحين»، وأشار إلى المادة «158» التى تنص على «لا يجوز للوزير أثناء تولى منصبه أن يزاول مهنة حرة أو عملا تجاريا أو ماليا أو صناعيا، أو أن يشترى أو يستأجر شيئا من أموال الدولة أو أن يؤجر أو يبيع شيئا من أمواله، أو أن يقايضها». فيما وصف سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى تلك القرارات بأنها «محاولة لاستغلال فقر وجهل بعض المواطنين»، وتوقّع استجابة بعض المواطنين للدعاية التى يقوم بها الوزراء، ولكنه استبعد أن تستجيب الأغلبية العظمى منهم لتلك الدعاية قائلا: «الناس لم تعد بتلك السذاجة، ومع وجود قوى المعارضة والفضائيات والإنترنت، فضلا عن حالة الطلاق المستمرة بين كلام الحكومة وأفعالها، فإن المواطن هذه المرة سيكون لديه الوعى الكافى الذى سيمنعه من إعطاء صوته لممثلى الحكومة». من جانبه رفض وزير الزراعة، أمين أباظة، الربط بين الخدمات التى قدمتها حكومة الحزب الوطنى فى الفترة الأخيرة وبين انتخابات مجلس الشعب، مؤكدا أن معظم هذه الخدمات والمشروعات كانت ضمن برامج وسياسات واضحة للحكومة على مدار عملها فى السنوات الماضية. وقال أباظة الذى يخوض انتخابات مجلس الشعب ممثلا للحزب الوطنى على مقعد الفئات بدائرة التلين بالشرقية، إن قرار رفع أسعار توريد القمح إلى 300 جنيه لم يكن قرارا داخليا ولكنه مناسب للأسعار العالمية بعد ارتفاعها، ولا علاقة له بالانتخابات، كما أن قرار رفع غرامات الأرز عن الفلاحين لم يكن قرارا للحكومة ولكنه قرار مجلس الشعب. وأضاف الوزير: «لا يوجد أى ربط بين كونى وزيرا ومرشحا لمجلس الشعب.. وكنت واضحا منذ بداية الإعلان عن ترشحى فى الانتخابات.. فلم أعين أحدا فى الوزارة من أبناء الدائرة ولم أقدم أى خدمة أستغل فيها موقعى فى الوزارة.. وعلى الأقل فى دائرتى لم أسوق لهذه الخدمات الحكومية ولم أتحدث عنها». وقال أباظة: «إحنا مش جايين نضحك على الناس ولا بندفع للخدمات من جيوبنا.. وبقول للناس لو ليكم حق فى الخدمة هاتخدوها النهاردة وبكرة وفى أى وقت». محمد نصر الدين علام، وزير الرى والموارد المائية قال: «إن معظم القرارات اتخذت فى المؤتمر السنوى للحزب الوطنى»، وأضاف أن الأسعار المتدنية للقمح العام الماضى أثرت على المزارعين، ولذلك أطلقنا عليه عام الفلاح. «الحكومة تهدف الاهتمام بالفلاح»، وحول القرار المتعلق بإلغاء غرامات الأرز قال علام «هذا القرار صدر عن مجلس الشعب منذ نحو 7 شهور وأوصى المجلس بدراسة الحكومة له، وبعد دراسة متأنية له رفعنا القرار إلى رئيس مجلس الوزراء»، موضحا أن هذا القرار صدر لتخفيف الأعباء عن المزارعين الملتزمين بالتعليمات وأنه لن يطبق على المزارعين المخالفين. «صدور هذه القرارات لا علاقة له بموعد الانتخابات.. وإنما هى مجرد إجراءات وقتية فقط صادف صدورها قبل إجراء الانتخابات».. «الحزب الوطنى أكتر حزب مظلوم» قال الوزير موضحا إن الحكومة تمارس عليه رقابة شديدة لمنعنا من الحديث عن المشاريع التى نقوم بها»، وتابع: «نحن نحاول التزام الحيدة مع جميع الأحزاب، وأنا أرى أن الحزب الوطنى ليس متميزا عن الأحزاب الأخرى». وفيما يتعلق بالتجاوزات التى يقوم بها بعض مرشحى الحزب الوطنى كالقيام بجولات انتخابية فى الهيئات الحكومية قال الوزير «هناك بعض الاستثناءات ونحن نحاول تقييمها، ونطالب بالحياد بين جميع الأحزاب».