حذر جبران باسيل، وزير الموارد المائية والكهربائية اللبناني، اليوم الخميس، من كارثة مائية في لبنان قد تؤدي إلى حرب أهلية في بلد يعاني أصلا من صراعات سياسية متلاحقة. ويقول خبراء إن لبنان الذي تكثر فيه الينابيع والأنهار يعاني من أزمة مائية متفاقمة، حيث مياهه تتبخر، إما بسبب تغير المناخ وتراجع تساقط الثلوج، وإما بسبب انعدام وجود السدود، وبالتالي انخفاض كمية المياه الجوفية المخزنة إلى أكثر من الثلث مقارنة بالعام الماضي وانسيابها نحو البحر من دون الاستفادة منها. وقال باسيل، في مقابلة مع رويترز: "وضع المياه كارثة، والمياه قد توصلنا إلى حرب أهلية لأن المياه هي عنصر توتر في كثير من الحالات بين الدول، ولكن عندما يحصل عليها تقاتل داخلي تصبح عنصر فتنة داخلية بينما توفيرها يصبح عنصر استقرار وازدهار". ويعاني لبنان أصلا من أزمات سياسية متلاحقة آخرها تلك المتعلقة بالمحكمة الدولية والقرار الظني المرتقب صدوره آخر هذا العام، والذي من المتوقع أن يوجه أصابع الاتهام إلى حزب الله في اغتيال رفيق الحريري، رئيس وزراء لبنان الأسبق، في العام 2005. وقال باسيل: "لبنان يعاني من أزمة مياه تتفاقم؛ أتى المناخ ليفاقمها، ولكن لم يسببها، هي موجودة أصلا، والحكومة لم تتعاط معها، لا بالمسؤولية ولا بالوعي ولا بالاستباق اللازم بالرغم من تنبيهنا للضرر الذي يطال الناس والضرر الذي يطال خزينة الدولة". وتؤدي التغيرات المناخية إلى تفاقم أزمتي المياه والطاقة في لبنان، فضلا عن تلوث الهواء وغيره من المشكلات البيئية التي يعاني منها بلد كثيرا ما تحبط فيه المشكلات السياسية والعجز الإداري أي خطط للتحرك. وقال باسيل: إن "النكد السياسي يحرم اللبنانيين من الكهرباء، يحرمهم من الماء، يحرمهم من استخراج النفط. نكد على نكد على نكد بتروح الكهرباء وبيروح المياه وبيروح النفط". وحالت الخلافات السياسية بين الفرقاء المتنافسين في لبنان دون إقرار موازنتي عام 2010 و2011 في مجلس النواب ومجلس الوزراء؛ الأمر الذي أدى إلى شلل الإدارات العامة في البلد. وطالب باسيل بإنشاء السدود، معتبرا أن "لا حل لمشكلة المياه بدون سدود، وإنما السدود وحدها غير كافية لأننا بحاجة لتخزين كميات كبيرة من المياه كبيرة نستطيع أن نستعملها في مواسم الشح". وقال: "التخزين يمكن أن يكون سطحيا في برك وسدود، ويمكن أن يكون جوفيا تحت الأرض. لا يوجد لدينا برك وسدود وتذهب المياه إلى البحر وجوف الارض نلوثه أو نستغله بما لا يتحمل هو استغلاله". وفي بلد أسعار المياه فيه رخيصة، ولا يقاس استهلاكها بعدادات، يرش حراس الأبنية الأرصفة بالمياه لتهدئة الأتربة. وتسكب ربات البيوت المياه على الشرفات، وتظل الأنابيب المكسورة تسرب المياه في الشوارع لأيام. ويؤكد الخبراء أن لبنان الذي يبلغ عدد سكانه 4.3 مليون نسمة من الممكن أن يشهد تراجعا في الأمطار، وأن السياحة والزراعة من بين أكثر القطاعات الاقتصادية المعرضة للتأثر. وفي بيروت يتخطى الطلب على المياه في الصيف ما تقدمه الشبكات بالفعل؛ جزئيًّا بسبب فقدان نحو 40% في صورة تسرب، وبالتالي ينزح كثيرون المياه من الآبار مباشرة. وقد أدى الإفراط في استخراج المياه الجوفية من المناطق الساحلية إلى اختلاط مياه البحر المالحة بها. وقال باسيل: "المياه في بلد مثل لبنان متوفرة، لكنها تهدر، إما لأنها تذهب إلى البحر، وإما تهدر بالشبكات لأنها مهترئة، و52% منها يهدر في الشبكات أو بسوء الإدارة أو بالتلوث.. نحن الآن في المنطقة الحمرا.. ماذا يمكن أن نعاني أكثر من هذا. الناس تشتري صهاريج وتنقطع المياه.. لبنان بلد المياه، هل ننتظر حتى يصبح صحراء ونموت".