بلافتات كتب عليها «خوش غلدن»، أى «أهلا وسهلا»، استقبل اللبنانيون بحفاوة بالغة رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان حيث تستغرق زيارته يومين، فى وقت تشهد فيه البلاد توترا سياسيا على خلفية المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال رفيق الحريرى والتى اقترنت فى تطور جديد باختراق إسرائيل لشبكة الاتصالات اللبنانية. ونقلت غالبية القنوات التليفزيونية اللبنانية صور وصول طائرة رئيس الوزراء التركى بشكل مباشر. وشارك فى الاستقبال الرسمى على أرض المطار عدد من المسئولين السياسيين بينهم رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى، إلى جانب مسئولين عسكريين ودبلوماسيين. ويلتقى أردوغان خلال زيارته التى تستمر ليومين كبار المسئولين اللبنانيين، ومن المتوقع أن يقوم بافتتاح مشاريع تنموية واقتصادية فى بيروت وبلدات جنوبية. ورفعت لافتات فى العاصمة بيروت وطرابلس وصيدا كتب على بعضها عبارة «خوش غلدن» التركية التى تعنى «أهلا وسهلا»، أسوة بالعبارة التى اشتهر ترديدها بالإيرانية «خوش أمديد»، عند زيارة الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد الشهر الماضى للبنان. ومن جهة أخرى، تجمع اللبنانيون من ذوى الأصول الأرمينية أمام مطار بيروت للاحتجاج على الزيارة. ويزور أردوغان لبنان فى وقت تشهد فيه البلاد تجاذبا سياسيا حادا محوره المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريرى. ويحذر حزب الله من توجيه الاتهام إليه بعد تقارير إعلامية تحدثت عن توجه لدى المدعى العام للمحكمة الخاصة بلبنان دانيال بلمار إلى اتهام عناصر فى الحزب باغتيال الحريرى فى بيروت فى فبراير 2005. وحذر سياسيون لبنانيون من أن اتهام حزب الله بالجريمة قد يؤدى إلى فتنة. وقال أردوغان فى مقابلة نشرتها أمس صحيفة «السفير» اللبنانية إنه «فى حال ظهرت بوادر حرب داخلية (...) سنقوم بكل شىء لمنع مثل هذه الحرب». وأضاف: «إذا ترتب على شخصيا أو علينا كتركيا أن نعمل شيئا فنحن جاهزون، ونحن الآن فى صدد ذلك». ورحب عضو كتلة «المستقبل» النائب خضر حبيب بزيارة رئيس الحكومة التركية إلى بيروت وعكار، مشددا على أهمية هذه الزيارة «على المستويات السياسية والاقتصادية والإنمائية على حد سواء». وقال فى حديث لموقع لبنان الآن إلى أن «تركيا تلعب دورا إقليميا مهما داعما للقضايا اللبنانية فى المحافل الدولية بالإضافة لوقوفها إلى جانب القضايا العربية»، مذكرا فى هذا المجال «بسقوط شهداء أتراك على متن أسطول الحرية فى إطار مساندة ودعم الشعب الفلسطينى». وعلى صعيد المحكمة الدولية والتسريبات المحيطة بها، أصدر مكتب المدعى العام بيانا للرد على ما أوردته شبكة «سى. بى. سى» الكندية من ادعاء بأن هناك أدلة تفيد بتورط كل من حزب الله والعقيد وسام الحسن الذى كان مكلفا بحماية رفيق الحريرى فى عملية الاغتيال. وقال البيان إن قرار مكتب المدعى العام بعدم التعليق على المسائل المتصلة بالتحقيق لن يتغير ويرتكز هذا القرار على اعتبارات ناجمة عن قلقه الشديد حيال نزاهة التحقيق وسلامة المتضررين والشهود والمشتبه بهم والموظفين. وكان رئيس الوزراء سعد الحريرى قد صرح بأن التسريبات «لا تخدم العدالة». وفى سياق متصل، قال الخبير العسكرى العميد وليد سكرية فى تصريحات ل«الشروق» إن الكشف عن الاختراق الإسرائيلى لشبكات الاتصال اللبنانية أظهر أن «لبنان مكشوف أمنيا» أمام إسرائيل. ورأى أنه طبقا للمعلومات التى أعلنتها وزراة الاتصالات أمس الأول، فانه بإمكان إسرائيل التلاعب فى محتوى الاتصالات وإضافة معلومات وحذف بيانات من شبكات الاتصال، وهو ما يؤدى حسب قوله إلى «توريط أشخاص بأشياء لا يعلمون عنها شيئا». وأوضح أن ذلك يزعزع المعلومات لدى المحكمة الدولية التى استندت إلى اتصالات هاتفية تم إجراؤها وقت اغتيال الحريرى وبالقرب من موقع الاغتيال للإشارة إلى تورط حزب الله بالجريمة. وقال إنه طبقا للخرق الإسرائيلى فإنه «من السهل أن تكون إسرائيل قد أدخلت معلومات مزيفة إلى شبكة الهاتف لتضليل المحققين وتوريط عدوها الأول بلبنان». وقال المدير التنفيذى بالإنابة ورئيس وحدة تقنيات الاتصالات للهيئة المنظمة للاتصالات فى لبنان عماد يوسف حب الله، الذى ترأس فريق التحقيق فى الاختراقات الإسرائيلية، أمس الأول أن إسرائيل نشرت على طول حدودها مع لبنان أبراجا فى أكثر من عشرين موقعا مجهزة بأحدث أجهزة التجسس والاتصالات. وقال إن إسرائيل استنسخت شرائح هاتف لبنانية، وفكت قبل عام 2004 شفرات عديدة لهويات كثير من المشتركين، وتمكنت أيضا من تعطيل بعض أجزاء شبكة الاتصالات، وتنصت على الشبكات وجمع المعلومات عن أشخاص يريد ملاحقتهم.