بحثت عن الموسيقار الكبير محمد نوح كثيرا ولم أعثر عليه مثل كل كبار مبدعينا فى شتى المجالات. فكلما تمكن الكبر منهم لا تجدهم وكأنهم أبناء غير شرعيين لهذا الوطن. وكأن ما قدموه من عطاء ذهب مع الريح. وخلال بحثى المستمر عن كبار الشخصيات الفنية التى استشعرت أنها خرجت للتقاعد رغما عنها وبغير إرادتها. كان من بين الأسماء الموسيقار الكبير محمد نوح أحد الذين ساهموا فى إحداث نقلة فنية كبيرة فى عالم الموسيقى المصرية من خلال أعماله التى غناها. ولكننى لم أجده، وبمجرد أن حصلت على رقم هاتفه المحمول من الإعلامى مدحت شلبى زوج ابنته بادرت بالاتصال به. وكنت أتصور أن أجد صوته جهوريا كما كان وكما تعودت أن أسمعه وهو يردد «مدد مدد.. شدى حيلك يا بلد» ولكننى مع شديد الأسف وجدت صوتا ربما أضعفه عدم سؤال الناس عنه أكثر مما أضعفه المرض.. هكذا لاحظت مع بداية كلامى معه. كنت أتصور أننى سوف أستطيع أن أحاوره وطلبت هذا بالفعل، ولكننى فى منتصف المكالمة أشفقت أن أرهقه من كثرة الكلام. وقبل أن أغلق الهاتف معه سألته صحتك أخبارها إيه..؟ رد تعبان والنبى. فقلت له هل هناك من يسأل عنك..؟ رد.. أولادى معى والحمد لله. ماذا عن نقابة الموسيقيين؟ قال يسألون عنى من وقت لآخر والحمد لله. لكن زمان الدنيا كانت غير كده. وأنا أعذر الناس التى لا تسأل عنى لأنهم أكيد مشغولون. سألته عن الوسط الموسيقى؟ قال أنا بعيد عنه من فترة. ..أغلقت معه سماعة الهاتف ودارت فى ذهنى حقيقة المأساة التى يعيشها كل كبار فنانينا من تجاهل. ربما يكون الموسيقار محمد نوح ليس فى حاجة مادية لأحد، لأن أبناءه على حد علمى مستورون والحمد لله، لكنه يحتاج إلى ما هو أهم من المال وهو السؤال عنه. لأنه حتى عندما تحدث معى عن النقابة لم أرتح لكلامه عنها رغم أنه لم يورطهم ولم يقل إنهم تجاهلوه لكننى استشعرت من كلامه أنه حزين لعدم سؤال الناس فى جملة عابرة وسط كلامه وهى «الزمن غير الزمن». نوح كان من أهم المبدعين لذلك.. فهو يستحق كل الاهتمام.