يرى الكاتب والناقد والروائى الفرنسى روبير سوليه أن تكريمه فى الدورة الأخيرة لمهرجان الإسكندرية السينمائى لم يأت لأن له إسهامات فى السينما، موضحا أن دعوته وتكريمه باعتباره كاتبا وروائيا فرنسيا. روبير سوليه الذى عقد ندوة بالمركز الثقافى الفرنسى ضمن فاعليات المهرجان لم يحضرها تقريبا إلا الفرنسيون الذين يقيمون بمدينة الإسكندرية بالإضافة إلى مجموعة من العاملين بمركز الثقافة الفرنسى.. لأن الكاتب تحدث خلال الندوة بالفرنسية كونها اللغة الأقرب إليه حاليا، جعلنا نغار على لغتنا العربية، وندعوه يتحدث بما يتذكر من مصطلحات عربية فى لقاء خاص عن أصوله السورية وال17 عاما الذى عاشها فى مصر قبل أن يهاجر إلى فرنسا ويعمل صحفيا بجريدة اللوموند الفرنسية. فى البدايه حرص روبير سوليه على إبراز أنه يعيش بثلاثة اوجه فى الحياة الأول صحفيا بحكم علمه فى «اللوموند» والثانى روائى وكاتب قصصى، والثالث تاريخى لشغفه فى التنقيب والبحث عن التاريخ. ويضيف سوليه: لقد ولدت فى مصر وتربيت فيها إلى أن بلغت من العمر 17 عاما، لأسرة ذات أصول سورية كانت تملك أكبر مصانع للطرابيش فى مصر، ورغم حب هذه الأسرة الشديد لمصر اضطرت للرحيل عقب ثورة يوليو مثل كثير من الطوائف الاجنبية فى هذا الوقت. وقد حاولت كثيرا أن أنسى المرحله التى عشتها بمصر حتى أبدأ حياة جديدة فى فرنسا بعيدا عن الماضى، إلا أننى لم أستطع، وظل هاجس العودة إلى مصر يلاحقنى طوال 20 عاما. وعندما أخذت قرار العودة لم أفعل مثل باقى المواطنين الذين يهاجرون لسنوات ثم يعودون للاستقرار فى موطنهم الاصلى، ولكن عدت لأفهم مصر، وأعرف حكاية عائلتى التى كانت غامضة بالنسبة إلى، فبحثت كثيرا حتى توصلت للإجابة عن أسئلة كانت تشغلنى وهى لماذا جاءت أسرتى من الشام إلى مصر، ولماذا حققت نجاحات كبيرة وكانت سعيدة بحياتها هنا، ورغم ذلك هاجرت، هذه قصة مثيرة وغامضة دفعتنى للبحث عن أصولى وتاريخ عائلتى حتى أستطيع اطلاع أبنائى عليه، وأخذ منى ذلك 4 سنوات كتبت فيها كتاب «الطربوش» الذى غيّر مجرى حياتى بالكامل. وما علاقه الثورة برحيل عائلتك عن مصر؟ لم يكن للثورة علاقة برحيلنا عن مصر، ولكن الأمور استاءت كثيرا فى فترة الستينيات، واغلق مصنع الطرابيش الذى كان تمتلكه عائلتنا بعد الثورة، فهجرنا مصر مثل باقى الخواجات. وأعتقد أن السبب الحقيقى لهجرة الطوائف الأجنبية هو هجوم فرنسا وإنجلترا على قناة السويس عام 1956، فكان ذلك خطأ كبيرا دفعت ثمنه كل الطوائف الاجنبية التى كانت تعيش فى مصر وتحبها، فبعد هذا الحدث هاجر الفرنسيون واليونانيون واليهود، لكن ما أريد التأكيد عليه أن مصر ضعفت وخسرت كثيرا بهجرة هذه الطوائف، لأن مصر كانت من الممكن أن تظل مصرية دون رحيل هذه الطوائف، التى كانت بالفعل ثروة حقيقية فى المجالات المختلفة. وهناك سبب أقوى ساهم فى افساد كل شىء فى المنطقة، ألا وهو إسرائيل، التى منذ وطأت منطقة الشرق الاوسط والخراب حل عليها، فكان احتلال القدس خطأ كبيرا. كيف ترى تكريمك فى مهرجان الإسكندرية وهو سينمائى؟ رغم أننى مدعو ككاتب وليس كسينمائى، فإننى أحب السينما كثيرا واحرص على مشاهدة ثلاثة افلام كل اسبوع لأن ذلك يفيدنى كثيرا فى كتابة القصص، كما اننى ذات مرة شاركت فى لجنة تحكيم مهرجان ينظمه المعهد العربى بفرنسا قبل 7 سنوات، وأحببت الفيلم العربى جدا، فبخلاف عشقى لأفلام يوسف شاهين، أحببت أيضا آخر افلام يسرى نصر الله «احكى يا شهرزاد»، وكذلك فيلم «عمارة يعقوبيان»، وأتمنى أن تعرض كل الافلام المصرية فى فرنسا حتى يتاح لى فرصة مشاهدتها. هل تحب السينما المصرية بهذه الدرجة؟ نعم أحبها، وأتمنى عرض الأفلام المصرية فى فرنسا، لأنها تجد بها «نكات» تضحكنى جدا، وهذا فى الحقيقية مهم بالنسبة إلىّ، لأنى لا أتذكر أننى مصرى إلا فى حالتين عندما أضحك على «نكته» أو أسمع أن هناك مصيبة فى مصر. ماذا تقصد بالمصائب؟ يجب أن يعلم الجميع أننى فرنسى واعمل فى «اللوموند» وهى أهم جريدة فى فرنسا، ومن الممكن أن اعيش بعيدا عن مصر، فهذا أفضل بالنسبة لى وأسهل، لكنى فى بعض المواقف السيئة لا أستطيع نسيان أننى مصرى، ومن هذه الامور التى لا تعجبنى المعاملة الوحشية والاهانات التى يتعرض لها السجناء فى مصر، فحقوق الانسان المصرى مهضومة، وهذا لا يرقى للتاريخ والحضارة المصرية، كما أن هناك أمورا أخرى سيئة مثل المرور، فأنا لا أصدق الشكل والطريقة التى يقود بها السائقون بالشوارع سواء فى القاهرة أو الاسكندرية أو أى مدينه أخرى. كيف ترى ترجمة كتبك إلى العربية؟ الحقيقة لقد أعطيت دار الشروق مؤخرا حقوق ترجمة جميع مؤلفاتى 5 روايات و7 كتب إلى العربية لتصل إلى الجمهور العربى مثلما وصلت إلى القراء فى الدول الاجنبية. والحمد لله أن كتبى وصلت إلى العرب وتم ترجمتها فى سوريا دون استئذانى «سرقة» ولكنى لم أقاضهم لأنى لا أحب مقاضاة أحد، كما أننى استفدت من ذلك بأن كتبى انتشرت فى الوطن العربى.