فى وقت حرج تعانى فيه السينما المصرية من حالة ركود وانخفاض حاد فى كم الانتاج، استقبلت بلاتوهات السينما المخرج اللبنانى سعيد الماروق لإخراج فيلم مصرى من بطولة النجم أحمد عز وهو الشىء الذى استقبله عدد كبير من صناع السينما بالترحيب على غير المتوقع ويبدو أن صناع السينما أدركوا أن رفض صناع الدراما التليفزيونية للوجود العربى لم يأت بشىء فقرروا القبول بالأمر الواقع دون اعتراض. فالمخرجة هالة خليل ترى أن الظروف الإنتاجية الصعبة التى تمر بها السينما المصرية حاليا لن تنصلح حالها إذا أغلق الباب أمام المخرجين العرب وهى تقول: فى البداية أؤكد أننى لم انزعج أبدا من هذا الاتجاه بالعكس فلقد وجدته أمر محببا لى لأنه يخلق جوا جديدا من المنافسة نحن فى حاجة شديدة إليه فالمجال الفنى لا يتطور إلا من خلال هذه المنافسة وأتصور أن وجود المخرج العربى بيننا من شأنه أن يثرى الحركة الفنية بأفكاره الجديدة ورؤيته المختلفة وأسلوبه فى استخدام التقنية السينمائية نفسها وربما يلعب دورا إيجابيا فى انعاش الصناعة وعمل رواج فى السينما عندنا. وتضيف: لا يجب ان ينزعج البعض من هذا الاتجاه لأسباب عديدة منها أن المخرجين الذين يعانون البطالة ويجلسون فى بيوتهم لن يعودوا للعمل اذا طالبنا بغلق الباب امام المخرجين العرب فهم يعانون البطالة قبل فتح الباب بسنوات طويلة وقد يكون هذا حظا سيئا يواجهونه أو أن جلوسهم فى بيوتهم وفقا لإرادتهم الخاصة إضافة إلى أن عدد المخرجين العرب مهما زاد لن يمثل رقما كبيرا بمقارنته بالمخرجين المصريين وتبقى الكفاءة وحدها هى معيار الحكم على اداء هذا المخرج او ذاك وعليه تصنيف الفنان بكونه عربيا او مصريا هو تصنيف خاطئ وهذا من شأنه أن يسىء لعلاقتنا بأشقائنا العرب إذا وضعنا فى الاعتبار أن السينما فى مصر قائمة على التمويل العربى فكيف نرفض وجود العنصر العربى فى صناعتنا فهذا أمر غير مقبول بالمرة. ويقول المخرج أحمد نادر جلال: الاتجاه الذى خاضه المنتج محمد ياسين ليس اتجاها جديدا وربما تصادف أنه خاضه فى وقت تمر به السينما المصرية بظروف صعبة لكن يبقى أنه من حقه أن يختار المخرج الذى يراه مناسبا لفيلمه ومن ناحيتى لا أجد أى مانع فى هذا الأمر الذى يتماشى مع كون مصر هوليوود الشرق ودوما تفتح أبوابها للفنانين العرب والأجانب إذا تطلب الأمر ولا يؤثر هذا سلبا علينا كمخرجين مصريين إذ إن الساحة الفنية دوما تحتمل وجود الجميع وتنجذب للعناصر الجديدة صاحبة الأفكار المختلفة والحكم على تجربة الاستعانة بالمخرج اللبنانى سعيد الماروق سابقة لأوانها ولابد من التروى قليلا حتى يتم عرض الفيلم ونرى إذا كان اختيار المنتج فى محله أم لا، وأتمنى أن يحالفه النجاح فسوف يكون إضافة قوية للسينما بلا شك. ويشير: هناك حقيقة كثير منا لا ينتبه اليها وهو ان الفيلم المصرى الوحيد فى المنطقة العربية الذى نطلق عليه الفيلم العربى ففى وجود الفيلم التونسى واللبنانى يبقى الفيلم المصرى هو الوحيد صاحب اسم الفيلم العربى فى عمومه لأنه غير قائم على عناصر مصرية وحدها بل هو مزيج من الهويات العربية المختلفة. ويصف المخرج سامح عبدالعزيز محاولة البعض التضييق على المخرجين للاستعانة بالعنصر العربى أنانية ضد الابداع الفنى ويقول: الفن بلا وطن والعمل الجيد يفرض نفسه مهما كانت جنسية صاحبة وانا متفاءل جدا بالمخرج سعيد الماروق فأنا أعرفه جيدا وهو رجل موهوب ويحب عمله وأتوقع أن يقدم لنا فيلما «جيدا» يكون إضافة للسينما المصرية والحديث عن تأثير الاستعانة بالعنصر العربى وتأثيره على المهنة والمهنيين المصريين والصناعة أمر مبالغ فيه لأن الجميع يعمل فى خدمة المشاهد ومن حقه أن يتمتع بأفكار جديدة تخلق جوا من المنافسة العربية المنشودة فى كل وقت وعصر. وردا على محاولة المنتجين الاستعانة بعناصر عربية بسبب مبالغة العنصر المصرى فى أجره فيقول: هذا كلام لا أساس له من الصحة خاصة أنه قيل عندما فتح الباب امام الفنانين العرب والأرقام زادت ولم تنخفض وعليه لا توجد علاقة فى ظل غياب قانون أو قواعد ومعايير لارتفاع الأجور وتبقى سياسة العرض والطلب هى المعيار وعلى المتضرر أن يثبت كفاءته وأن يركز فى عمله ليثبت ذاته وسط هذه الأجواء. ومن ناحيته يقول المخرج على بدرخان: عندما انتشرت هذه الظاهرة فى الدراما المصرية كانت النتيجة أنها تطورت بشدة هذا العام ووجدا نماذج عربية عديدة كشفت عن موهبتها وقدمت لنا أعمالا بإشادة النقاد والجمهور أكثر من رائعة وهو ما أتمناه أن يحدث فى السينما فاستقطاب عناصر جديدة من الخارج هو ظاهرة صحية جدا ولا يجب أن تزعج أحد فالفن المصرى طالما استقطب مثل هذه المواهب بداية من بشارة واكيم والريحانى وعبدالسلام النابلسى واستيفان روستى وأسماء كثيرة لا تحصى لأن مصر ظلت وستظل قبلة الفن فى الشرق الأوسط ولابد أن نحافظ على هذا الاتجاه لأنه فى مصلحة الفن. ويستطرد: ورغم اننى مع سياسة فتح الباب فإننى أطالب بوضع ضوابط فالدنيا كلها تثير وفقا لضوابط تحكم عملية الاستعانة بعنصر أجنبى للعمل وهذا دور النقابة التى يجب عليها أن تحمى أعضاءها فبعد أن تركت الدولة القطاع الخاص يخوض مجال الانتاج السينمائى ويحتكر الصناعة ويمتلك دور العرض والتسويق والتوزيع والتى بدورها من حقها أن تستعين بمن تشاء للعمل فى إنتاجها خاصة أن كثيرا من العاملين فى القطاع الخاص يعتمدون على رأس المال الخليجى فلابد من وجود جهة تنظم هذا العمل ونأخذ الأمور بجدية دون ان تبهرنا المظاهر الخارجية لهذا الاستثمار وأنا بالمناسبة لست ضده ولكن دون أن يشكل احتكارا للعمل الفنى. وأخيرا تقول الناقدة خيرية البشلاوى: من حق صاحب المال أن يستعين بمن يشاء لتنفيذ عمله خاصة أنه بالتأكيد لديه أسبابه الموضوعية التى دفعته للاستعانه بالمخرج العربى وأتصور أن السبب الرئيسى مادى وأنا أؤيد المنتج فى هذا فنحن يوما بعد يوم نسمع أرقاما خيالية لم تكن لتخطر على بالنا وسط عنجهية غريبة فالمخرج الآن يضع قدما فوق قدم ويفرض شروطه كأنه لا يوجد مخرجون غيره وفى ظل هذا الاتجاه أتصور أن الأوضاع ستتحسن بعد ان يدرك الجميع أن العمل لا يتوقف على أحد وإذا اعتذر أحدهم فالسوق مليئة بالعناصر الجيدة سواء من داخل مصر أو خارجها. وتضيف: اعلم ان هناك من سيرتدى عباءة المثالية ويقول الصناعة المصرية والأيدى العاملة وكلام لا علاقة له بالواقع، فالحقيقة المؤكدة ان استعانتنا بعناصر عربية ذات مستوى وذات قيمة من شأنة ان يغذى الفيلم المصرى إلى جانب ان المنتج لا يمثل مصر بل يمثل نفسه والفيلم بالنسبة له مشروع تجارى يريد ان يحقق من ورائه أرباحا ترضيه وفيما يتعلق بالأيدى العاملة فلا يوجد ضرر على الاطلاق ذلك أن فتح الباب أمام العنصر العربى ليس وليد اليوم او امس بل هذا هو الحال دوما والأيدى العاملة لم تتضرر وفى وقت من الأوقات كانت الصناعة كلها قائمة على العنصر اللبنانى والسورى فلقد كانت مقاليد التوزيع والتسويق واحيانا التمويل فى ايديهم وفى فترة من الفترات عمل كثير من المصريين فى لبنان وقدموا أفلاما كثيرة.